الصدمة التي أصابت المجتمع كله بجريمة ذبح المواطن السكندري يوسف لمعي، ينبغي أن تتحول إلي قوة دافعة لكي نعيد النظر في الكثير من أوضاعنا ونحن نواجه حربا قاسية ضد الارهاب والتطرف نعرف جميعا أنها قضية حياة أو موت بالنسبة لوطننا العزيز. قواتنا المسلحة ورجال الشرطة يخوضون معركة لا هوادة فيها ضد عصابات الارهاب، ويوجهون لها ضربات قاصمة، ويحققون نجاحات كبيرة في تعقب بؤر الارهاب، وفي حماية حدود مصر والحفاظ علي أمنها. لكن المعركة لايمكن أن تقتصر علي الجانب الأمني وحده، وأن نحمله العبء كله، ثم نترك المجال أمام فكر التطرف وعصابات الارهاب لكي تتغلغل في شرايين المجتمع، لكي تنتج لنا في النهاية متطرفين جدداً يختبئون في مؤسسات الدولة، أو ينضمون إلي عصابات الارهاب أو يرتكبون الجرائم البشعة الجديدة مثل ما نراه الآن مع ذبح المواطن السكندري علي يد جاهل لا يقرأ ولا يكتب، لكنه يسمع أحاديث التطرف ويشاهدها علي التليفزيون، فيرتكب جريمته التي تفتح أبوابا للارهاب لايمكن التسامح معها أو التغافل عنها بأي شكل من الاشكال. ولن نمل من الصراخ بأن المواجهة لابد أن تكون شاملة، وأن الجهد الأمني الكبير لابد أن يسانده مجتمع يقاتل ضد التطرف والارهاب. وأنه اذا كان هناك دور كبير مطلوب من الازهر الشريف ومؤسساته في هذه المواجهة، إلا أن ما نحتاجه اكبر من ذلك. لأننا في حاجة لثورة ثقافية شاملة وتجديد فكري يحتاج لكل العقول المستنيرة في مصر، ولكل الطاقات المبدعة، لكي نواجه فكر التطرف، ولا نترك أبناءنا فريسة لتعليم متخلف، ولثقافة أوقفت نهضتنا الفكرية والابداعية التي كنا قد قطعنا أشواطا بعيدة فيها، لتحل محلها »ثقافة» تقيد العقل وتعادي التفكر والابداع. نحتاج لثورة ثقافية شاملة تعيد نور العقل واعتدال الفكر إلي التعليم والازهر، وتفتح ابواب الابداع وتنير قصور الثقافة المهجورة، وتتيح للشباب أن يتعلم ويفكر ويستمتع بالفن ويمارس الرياضة، ويسترجع ثقافة النهضة عندنا مع محمد عبده وطه حسين وزكي نجيب محمود وشلتوت، وليس مع عذاب القبر وعالم التوحش والارهاب. جريمة ذبح المواطن السكندري تنبهنا إلي ان تجفيف منابع الارهاب هو المهمة الاساسية أمامنا، وأن ترك منابر الفتنة تبث سمومها وفتاويها الجنونية دون حساب لابد أن يتوقف، وأن المواجهة الفكرية والثقافية والدينية لابد أن تتحول إلي مهمة مقدسة لا تهاون فيها كما نري الآن، لأن العواقب ستكون أخطر من كل ما رأيناه!!