لم تكن الساعات الأخيرة عادية في الدائرة الأولى بمحافظة أسيوط، بل حملت معها تحولًا مفاجئًا أعاد ترتيب المشهد الانتخابي من جديد، قرار المحكمة الإدارية العليا بإلغاء الانتخابات في الدائرة الأولى التي خاض منافستها 33 مرشحا أعاد الجميع إلى خط البداية، لتبدأ مرحلة جديدة بلا فائزين ولا نتائج معتمدة، وكأن الجولة الأولى لم تُجرَ من الأساس. هذا الإلغاء هز خريطة القوى داخل واحدة من أكثر دوائر أسيوط حساسية وتداخلًا سياسيًا وعائليًا، فالدائرة الأولى معروفة بتعدد كتلتها التصويتية واتساع رقعتها ما بين المدينة والقرى، وبتركيبة مرشحيها الذين توزعوا بين مرشحين أصحاب تاريخ سياسي ممتد، وآخرين جدد دخلوا المنافسة بثقل اجتماعي وقواعد انتخابية ناشئة، قرار الإلغاء أوقف كل ذلك، وجمد النتائج المحتملة، وأعاد الجميع إلى نقطة متساوية لا تمييز فيها بين متقدم أو متراجع. المرشحون الذين كانوا يقتربون من جولة الحسم باتوا مطالبين بإعادة بناء خططهم من الصفر، البيانات الانتخابية التي استُخدمت في الجولة الماضية قد لا تعود مفيدة في الجولة القادمة، والخطاب الجماهيري سيحتاج إلى إعادة صياغة تتناسب مع واقع جديد لا يعترف بما سبق، ولا يمنح الأفضلية إلا لمن يستطيع قراءة المشهد بذكاء، وبعض الحملات الانتخابية عادت بالفعل لتجهيز مقراتها، وأخرى بدأت اجتماعات مبكرة لإعادة تقييم موقفها وتحالفاتها قبل أن تعود الحملة رسميًا إلى الشارع. على الجانب الآخر، يفتح قرار الإلغاء الباب أمام المستقلين تحديدًا لإعادة الدخول بقوة أكبر في ظل غياب أي حالة حسم مسبق، فالمشهد الجديد يمنح فرصًا مضاعفة لمن يملك القدرة على التحرك السريع والتواصل المباشر مع الناخبين، خصوصًا في ظل حالة الاهتمام الشعبي التي ارتفعت عقب قرار المحكمة. أما الشارع فيبدو شريكًا مباشرًا في هذه المعادلة، فمشاعر الاستغراب كانت حاضرة في البداية، لكنّها سرعان ما تحولت إلى نقاشات واسعة داخل المقاهي والتجمعات العائلية والقرى المحيطة، هناك من يرى أن إعادة الانتخابات فرصة لكشف الخلل واستعادة الشفافية، وهناك من يتوقع صراعًا أكثر حدّة في الجولة المقبلة، لكن الجميع يدرك أن الجولة القادمة لن تشبه السابقة، وأن تغيير اتجاهات الناخبين ليس احتمالاً ضعيفًا بل واقعًا قابلًا للحدوث. إلغاء الدائرة الأولى في أسيوط إذن ليس نهاية مرحلة بل بداية أخرى أكثر تعقيدًا، فالمنافسة تعود بحماس أكبر وصراع أعمق، والقواعد الانتخابية تستيقظ مجددًا، والمرشحون أمام اختبار حقيقي لقدرتهم على إدارة معركة جديدة في وقت قصير وبمزاج جماهيري متغير. من سينجح؟ ومن يفقد توازنه؟ هذا ما ستكشفه الأيام القادمة، لكن المؤكد أن الدائرة الأولى أصبحت ساحة مفتوحة الانتظار فيها ليس كالمشاركة، ومحاولة الإبقاء على الشعبية لن تكون أسهل من بنائها من جديد. اقرأ أيضا|محافظ أسيوط يعلن ضبط كميات كبيرة من المبيدات المغشوشة خلال حملة تفتيشية بصدفا