تتوجه أنظار العالم إلى شرم الشيخ اليوم لمتابعة قمة السلام التى تعقد برئاسة مشتركة من الرئيسين عبد الفتاح السيسى ودونالد ترامب، والتى تعد تتويجًا لجهود مصر الدؤوبة طوال عامين فى الحفاظ على القضية الفلسطينية من محاولات التصفية، عبر مخطط التهجير الإسرائيلى.. وبفضل الجهود المصرية عبر الدعم الإغاثى والضغط السياسى بلغت الحرب على غزة نهايتها، بالتوصل إلى اتفاق شرم الشيخ الذى توسطت فيه مصر إلى جانب قطر وتركيا والولايات المتحدة، بما يسمح بتبادل الأسرى والمحتجزين. اتفاق السلام الذى يعد رسميًا ترجمة لمبادرة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، كانت العامل الرئيسى فى نجاحه هو جهود المفاوض المصرى لإقناع حركة حماس بقبول خطة ال 20 بندًا، ثم المفاوضات الماراثونية فى مدينة السلام شرم الشيخ، التى أثمرت الاتفاق الذى تم التوصل إليه الأسبوع الماضى ليضع حدًا للحرب المستمرة منذ عامين من خلال تبادل الأسرى والمحتجزين وانسحاب قوات الاحتلال إلى نقاط محددة فى المرحلة الأولى. وتوالت الاعترافات الدولية بأهمية الدور المصرى فى التوصل إلى اتفاق وقف الحرب، والتى كان أبرزها تصريحات مستشار الرئيس الأمريكى ستيف ويتكوف خلال لقائه مع الرئيس السيسى بأن مبادرة ترامب لم تكن لتنجح لولا الجهود المصرية، حيث كان تجاوب مصر مع ما طرحه ترامب ودفعها حركة حماس لقبول صيغة توافقية كانت البداية لمحادثات شرم الشيخ التى تعتبر الأهم منذ اندلاع الحرب. كما تكررت عبارات الاحتفاء من جانب أهالى غزة بالدور المصرى، والذى ظهر فى رفع أعلام مصر وصور الرئيس السيسى عقب وقف إطلاق النار فى القطاع، خاصة فى ظل ما تقوم به اللجنة المصرية فى القطاع من جهود لدعم الشعب الفلسطينى فى القطاع. من جانبه، أكد وزير الخارجية الأسبق، السفير محمد العرابى أن مصر عملت على إفشال كافة محاولات تصفية القضية الفلسطينية، وتحولت المقاربة المصرية للسلام إلى نهج يتبناه الجميع حالياً، وأضاف أن رؤية مصر لإحلال السلام والاستقرار فى المنطقة مبنية على ضرورة التوصل إلى تسوية سياسية عادلة للقضية الفلسطينية تقوم على مبدأ حل الدولتين، واصفًا اتفاق شرم الشيخ بأنه يعيد الأمل للشعب الفلسطينى ويعيد القضية الفلسطينية إلى واجهة الأولويات الدولية. كذلك، أكد مساعد وزير الخارجية الأسبق السفير حمدى صالح، أن التحركات الدبلوماسية الحثيثة التى قامت بها مصر أثمرت اتفاق وقف الحرب، وذلك رغم ما تعرضت له القاهرة من ضغوط خلال العامين الأخيرين من جانب جميع الأطراف، مشيرًا إلى أن قمة شرم الشيخ تمثل تتويجًا لتلك المجهودات المصرية الرامية إلى حقن دماء الفلسطينيين، كما تؤكد مكانة مصر كنقطة توافق إقليمى ودولى بين جميع الأطراف المتنازعة. جهود مصر الدبلوماسية لم تتوقف منذ مؤتمر القاهرة للسلام الذى أقيم بعد أسبوعين فقط من هجمات السابع من أكتوبر 2023، وعملت بعد ذلك على التواصل مع جميع الأطراف لنزع فتيل الحرب.. ومنذ بداية الحرب، رسمت مصر خطها الأحمر برفض تهجير الفلسطينيين من أراضيهم منذ اللحظات الأولى للحرب الإسرائيلية على غزة، ولازالت تواصل القاهرة موقفها الثابت فى رفض أى محاولات لتهجير الفلسطينيين قسرًا أو دفعهم إلى ما يسمى بالتهجير الطوعى عبر جعل الحياة مستحيلة فى القطاع، حيث تعتبر مصر التهجير «ظلمًا تاريخيًا» لن تشارك فيه، بحسب تعبير الرئيس السيسى، بجانب كونه انتهاكًا للقانون الدولى وافتئاتًا على حقوق الشعب الفلسطينى وتصفية لقضيته. وتحرص مصر فى خطابها على تأكيد الخطورة البالغة للمخططات الإسرائيلية الداعية للتهجير، باعتبارها تشكل عنصرًا أساسيًا من عناصر عدم الاستقرار بالمنطقة وتقوض بشكل مباشر الأمن الإقليمى. كما عملت مصر على إغاثة القطاع من حرب الإبادة والتجويع التى مارسها جيش الاحتلال طيلة 24 شهراً، حيث أبقت معبر رفح مفتوحًا على مدار الساعة، وفى بداية الحرب اشترطت القاهرة إدخال المساعدات الإنسانية قبل السماح بخروج الأجانب من غزة، كما خصصت مطار العريش لاستقبال المساعدات الدولية، وساهمت بما يقارب 70% من إجمالى ما دخل القطاع من مساعدات منذ بدء العدوان، سواء عبر الدولة أو منظمات المجتمع المدنى. وبلغ حجم المساعدات المصرية منذ بداية الأزمة أكثر من 130 ألف طن، تأكيدًا لالتزام القاهرة التاريخى تجاه الفلسطينيين سياسيًا وإنسانيًا. وقد دخلت نحو 35 ألف شاحنة عبر المعابر المصرية، محملة بالمواد الغذائية والمياه والأدوية والمستلزمات الطبية والإغاثية، إضافة إلى مواد النظافة وحليب وحفاضات الأطفال، فضلاً عن سيارات الإسعاف وشحنات الوقود. وفى المجال الطبى، أُجريت أكثر من 5 آلاف عملية جراحية للفلسطينيين بفضل جهود 38 ألف طبيب فى مختلف التخصصات، وفق ما صرح به وزير الصحة ونائب رئيس الوزراء خالد عبد الغفار، موضحًا أن مصر أنفقت 578 مليون دولار على الخدمات الطبية المقدمة للأشقاء. كما قامت القوات المسلحة المصرية بإنزال آلاف الأطنان من المساعدات الإنسانية على غزة فى ظل الأزمة الإنسانية المتفاقمة التى تهدد حياة أكثر من مليونى فلسطينى. وتبدأ مصر مرحلة جديدة من العمل عقب وقف الحرب، وهى مرحلة إعادة إعمار القطاع، حيث من المنتظر أن تستضيف القاهرة مؤتمرًا دوليًا لحشد الدعم والتمويل الدولى لخطة إعادة الإعمار التى قدمتها مصر فى مارس الماضى وحظت بتوافق عربى ودولى واسع. وبدأ وزير الخارجية د. بدر عبد العاطى التواصل مع نظرائه الأوروبيين لحثهم على المشاركة بفعالية فى المؤتمر. خطة «التعافى المبكر وإعادة إعمار غزة»، التى قدمتها مصر تعد رؤية عملية وشاملة لإدارة القطاع ومعالجة الدمار الهائل الذى خلّفته حرب الإبادة الإسرائيلية، مع التشديد على بقاء الفلسطينيين فى أرضهم، بحيث تضمنت خطوات تفصيلية تبدأ بإزالة الركام والأنقاض وبناء مساكن مؤقتة لإيواء السكان، وصولاً إلى إنشاء مشاريع تنموية وبنية تحتية تشمل ميناءً للصيد.