تستضيف مدينة تيانجين الصينية قمة منظمة شنغهاي للتعاون، والتي تنطلق الاحد الموافق 31 اغسطس، تكتسب القمة أهمية خاصة مع مشاركة الدكتور مصطفي مدبولي رئيس مجلس الوزراء المصري نيابةً عن الرئيس عبد الفتاح السيسي، بما يعكس حرص القيادة المصرية على تعميق التعاون مع هذا التكتل الإقليمي الصاعد. منظمة شنغهاي، التي تضم الصين وروسيا والهند ودول آسيا الوسطى، تُعد اليوم أكبر منظمة إقليمية من حيث عدد السكان وحجم الاقتصاد، إذ تمثل نحو ربع الناتج المحلي الإجمالي العالمي. وانضمام مصر إليها عام 2022 بصفة "شريك في الحوار" جاء تتويجاً لجهود بدأت منذ 2015، تأكيداً لرغبة القاهرة في تنويع تحالفاتها الدولية وتعزيز حضورها في النظام العالمي الجديد. الحضور المصري في قمة تيانجين ليس بروتوكولياً فحسب، بل يحمل دلالات استراتيجية؛ ويبرز دور مصر كقوة إقليمية تسعى لتوازن دولي جديد بعيدًا عن الاستقطاب، ويرسخ صورة القيادة السياسية كصانعة قرار عالمي. مصر تنظر إلى المنظمة كمنصة مهمة لتوسيع التعاون في عدة مجالات عدة منها التكامل الاقتصادي والتجاري عبر الارتباط بمبادرة "الحزام والطريق" وتعزيز دور قناة السويس كمحور عالمي ، وكذا الأمن ومكافحة الإرهاب ، وأيضاً التحول الرقمي والتكنولوجيا المتقدمة من خلال مشروعات مشتركة مع كبرى الشركات الصينية في مراكز البيانات والذكاء الاصطناعي ، والثقافة والفضاء عبر برامج لترميم الآثار، وتبادل أكاديمي، وإطلاق أقمار صناعية بالتعاون مع الصين. وتتطلع مصر مستقبلاً إلى الانتقال من وضع "شريك الحوار" إلى "عضو مراقب"، وربما إلى العضوية الكاملة، ما يمنحها فرصاً أوسع للاستفادة من بنك التنمية التابع للمنظمة، والمشاركة في مبادرات الأمن السيبراني، وإطلاق جسور تعاون بين دول المنظمة وأفريقيا. إن مشاركة مصر في هذه القمة تمثل رسالة واضحة: أن القاهرة لا تكتفي بالمراقبة، بل تسعى لأن تكون طرفاً فاعلاً في صياغة نظام عالمي أكثر توازناً وعدلاً. وفي زمن التحولات الكبرى، وتري مصر ان الانخراط في مثل هذه التكتلات لم يعد ترفاً دبلوماسياً، بل خياراً استراتيجياً يحمي المصالح الوطنية ويعزز المكانة الإقليمية والدولية لمصر. في السنوات الاخيرة تطورت العلاقات الشاملة للشراكة الاستراتيجية بين مصر والصين وتحتفل مصر والصين العام القادم ب70 عاما من العلاقات الدبلوماسية ، حيث كانت مصر أول دولة عربية وافريقية تعترف بالصين الجديدة . يشارك بالقمة قادة من اكثر من 20 دولة ورؤساء 10 منظمات دولية منهم الامين العام للامم المتحدة والامين العام لرابطة كومنولث الدول المستقلة وامين عام رابطة دول الاسيان والامين العام لمنظمة التعاون الاقتصادي ورئيس البنك الاسيوي للاستثمار في البنية التحتية. كاتب المقال: خبير بالشئون الصينية، مستشار إعلامي لمصر في بكين سابقا. [email protected]