تنطلق يوم الأحد 31 أغسطس، في مدينة تيانجين الصينية الساحلية أكبر قمة في تاريخ منظمة شنغهاي للتعاون التي تستمر يومين حتى الأول من سبتمبر، بمشاركة أكثر من 20 زعيماً عالمياً وممثلي 10 منظمات دولية تحت رئاسة الرئيس الصيني شي جين بينج، كما يشارك في هذا الحدث التاريخي الدكتور مصطفى مدبولي رئيس الوزراء المصري نيابة عن الرئيس عبدالفتاح السيسي، ليرسم القادة خارطة طريق تنمية التكتل للعقد المقبل ويعلنوا مبادرات جديدة لتعزيز التعاون الشامل. «مدبولي» يتوجه إلى الصين للمشاركة في قمة «منظمة شنغهاي للتعاون بلس» مشاركة عربية واسعة وقائمة قيادية مميزة تضم قائمة المشاركين المعلنة من قبل مساعد وزير الخارجية الصيني ليو بين قادة بارزين من آسيا وأوروبا، حيث يشارك الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس بيلاروسيا ألكسندر لوكاشينكو ورئيس وزراء الهند ناريندرا مودي ورئيس إيران مسعود بيزشكيان. كما تشهد القمة حضوراً مميزاً لدد من القادة الأخرين في مقدمتهم رئيس الوزراء مصطفى مدبولي والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إلى جانب قادة من كازاخستان وقيرغيزستان وطاجيكستان وأوزبكستان وباكستان ومنغوليا وأذربيجان وأرمينيا وكمبوديا وجزر المالديف ونيبال وتركمانستان وإندونيسيا ولاوس وماليزيا وفيتنام، وفقاً للقائمة الرسمية المعلنة. ومن المقرر أن يلقي رئيس الوزراء المصري كلمة بلاده في القمة التي تُعقد تحت شعار "تنفيذ التعددية، وضمان الأمن الإقليمي، وتعزيز التنمية المستدامة"، بينما سيعقد سلسلة من اللقاءات رفيعة المستوى مع مجموعة بارزة من رؤساء وممثلي كبريات الشركات الصينية، حسب البرنامج المعلن لزيارته. رحلة تطور من خمس دول إلى تكتل عالمي يمثل نصف البشرية بدأت المنظمة كآلية محدودة تُعرف ب"شنغهاي الخمسة" عام 1996، عندما اجتمعت الصين وروسيا وكازاخستان وقيرغيزستان وطاجيكستان لمعالجة قضايا الأمن الحدودي في أعقاب انتهاء الحرب الباردة وتفكك الاتحاد السوفييتي. وفي 15 يونيو 2001، شهد العالم ميلاد منظمة شنغهاي للتعاون رسمياً بانضمام أوزبكستان كعضو سادس، وفق الوثائق التأسيسية للمنظمة. وعبر رحلة 24 عاماً من التطور، تحولت المنظمة من مجموعة أمنية إقليمية إلى تكتل دولي شامل يضم اليوم 10 دول أعضاء كاملة العضوية شملت لاحقاً الهند وباكستان وإيران، وانضمت بيلاروسيا رسمياً في 2024. وتوسعت دائرة نفوذها لتشمل دولتي مراقبة و14 شريك حوار، من بينهم مصر والإمارات والسعودية وقطر والكويت والبحرين وأفغانستان ومنغوليا وأذربيجان وأرمينيا وكمبوديا وجزر المالديف وميانمار ونيبال وتركيا وسريلانكا، حسب القائمة الرسمية. وبذلك أصبحت تمثل نحو نصف سكان العالم وربع المساحة الجغرافية العالمية وربع الناتج المحلي الإجمالي العالمي. قفزة اقتصادية هائلة ومبادرات تقنية متطورة شهدت التجارة البينية بين دول المنظمة نمواً استثنائياً، حيث ارتفعت القيمة التجارية الإجمالية للدول الأعضاء بنحو 100 مرة خلال العقدين الأولين من تأسيسها، فيما قفزت حصتها من التجارة العالمية من 5.4% عام 2001 إلى 17.5% عام 2020، حسب تقرير التنمية التجارية المنشور عام 2022. وقادت الصين هذا النمو بتسجيل رقم قياسي جديد في 2024 بلغ 890 مليار دولار في التجارة مع أعضاء المنظمة ودول المراقبة وشركاء الحوار، ما يمثل 14.4% من إجمالي تجارتها الخارجية. وانعكس هذا النمو على البنية التحتية، إذ وصل عدد قطارات الشحن الصينية-الأوروبية العابرة لدول المنظمة إلى 19 ألف قطار في 2024، محققة زيادة بنسبة 10.7% عن العام السابق، وفق البيانات الرسمية. وفي مجال التكنولوجيا، دعت الصين جميع أطراف المنظمة لاستخدام نظام "بيدو" للملاحة والمشاركة في تطوير محطة البحث القمرية الدولية، مع تعهدها بتوفير ألف فرصة تدريبية على الأقل في مجال التكنولوجيا الرقمية لدول المنظمة خلال ثلاث سنوات. روح شنغهاي وآفاق مستقبلية طموحة تسترشد المنظمة بما يُعرف ب"روح شنغهاي" التي تقوم على مبادئ الثقة المتبادلة والمنفعة المشتركة والمساواة والتشاور واحترام الحضارات المتنوعة والسعي للتنمية المشتركة، حسب ما أوضح فان شيانرونغ المسؤول الصيني المختص بأعمال التنسيق في المنظمة لوكالة شينخوا الصينية. وقد مكنت هذه الروح التكتل من رسم مسار فريد للتعاون الإقليمي يتجاوز الاختلافات الأيديولوجية والنظم الاجتماعية ومسارات التنمية المختلفة. وتتوقع الأوساط الدبلوماسية أن تشهد القمة إعلان مبادرات صينية جديدة لدعم التنمية عالية الجودة للمنظمة وتعزيز التعاون الشامل، بينما أكد ليو بين أن "الصين تؤمن بأن قمة تيانجين الودية والمتحدة والمنتجة ستدفع المنظمة إلى مرحلة جديدة من التطوير عالي الجودة تتميز بتضامن أكبر وتنسيق أوثق وزخم أقوى وفعالية أعلى". فيما عبّر شيراديل باكتيغولوف مدير معهد السياسة العالمية في قيرغيزستان للوكالة الصينية عن توقعاته المرتفعة قائلاً: "ستنعقد قمة تيانجين في وقت صعب من الاضطرابات العالمية، لكنها ستصبح نجماً مضيئاً يُظهر الطريق الصحيح للتنمية الآمنة والمستقرة".