خوف يتملك البعض من انتشار فيديوهات لأشكال متباينة من العنف بالشارع المصري، ومعه تبدأ التساؤلات، هل تتحول البلطجة لظاهرة تهدد مجتمعنا؟، وهل يفرض البلطجية سطوتهم بشوارع المحروسة؟، ومن يحمى المواطنين من تلك الأفعال الشاذة مجتمعياً؟، لكن هناك سؤالاً آخر مهماً، فهل تلك المشاهد جديدة تخص عصرنا؟، أعتقد أن الإجابة بالنفي، فهذا السلوك رغم أنه منبوذ لكنه ملازم للإنسانية منذ وجودها، والشواهد التاريخية على ذلك عديدة ومعروفة، وهل قتل قابيل لهابيل إلا بلطجة وفرض سطوة ولو بدافع الغيرة والحسد، الفارق فقط أن لفظ ووصف البلطجة هو الجديد، لكنه كان يتخذ أشكالاً عدة على مر العصور، من الإعتداء الجسدى واللفظى والنفسى وسلب الحقوق بالقوة وغيرها، وكان الناس يخضعون صاغرين للبلطجية أياً كان اسمهم ووصفهم من عصر لآخر. لكن هل معنى هذا أن نقر تلك الظاهرة أو ندافع عنها؟، بالطبع لا، لكن فقط نضع الأمور فى نصابها، مع رفضنا التام لأى تجاوز أو سطوة وبلطجة!، وربما يصنع الفارق فى هذا الأمر شيئين مهمين، أحدهما يتحقق والثانى نتمنى حدوثه، فلا يختلف اثنان على الموقف القوى والحازم لوزارة الداخلية بكافة أجهزتها وبكل المحافظات لمواجهة تلك الظواهر الإنسانية الشاذة، وهو أمر نحيى الداخلية عليه، بل ونرفع لها القبعة شاكرين ومقدرين، فما من فيديو يظهر لواقعة بلطجة أو تجاوز ولو كان لفظياً، لا تلجأ الوزارة إلى الطناش أو الإنكار، بل تسارع بفحص تلك الفيديوهات، وعندما تتأكد من صحتها، فما هى إلا ساعات قليلة حتى تصدر بياناً يشفى صدور المجتمع بالقبض على الجناة وتقديمهم للعدالة، مع نشر صورهم ليكونوا عبرة، هذا الأمر أهميته أنه يشعرنا بالأمان والطمأنينة فى كنف داخلية يقظة وشرطة سريعة التحرك، كما أنه يشجع الناس على رصد أية مواقف مشابهة، وإرسالها فوراً للشرطة، أو بثها على السوشيال. أما الأمر الثانى المنتظر حدوثه، وهو التحرك المجتمعى الشامل لمحاولة تقييم هذا السلوك المنبوذ والتخفيف من حدته، وهو أمر يحتاج لجهد ودراسات وحلول نظنها صعبة ومعقدة ومرهقة، لكنها ليست مستحيلة .