رحلتهما مع الحياة كانت أقصر من اللازم، يمكننا أن نعتبرها سحابة جميلة في يوم مشمس شديد الحرارة، مرت واختفت قبل أن ينعم من حولهما بظلهما.. كانت طفلة الدقهلية فاطمة الزهراء مجرد ضيفة على الدنيا لم تطل فترة إقامتها فيها سوى 5 سنوات، ورحلت بأيدي الغدر المتجسدة في صورة زوجة الأب، زوجة الأب التي مجرد ما نسمع عنها يتبادر في أذهاننا كل معاني القسوة والكراهية؛ فهي ذلك الشبح الذي يمكن أن يحول حياة أبناء الزوج لجحيم - إلا من رحم ربي- فتعذب وتقتل وتذبح براءة أطفال لا ذنب لهم سوى أنهم أبناء امرأة أخرى. قصص كثيرة لنساء لم يكن باستطاعتهن أن يعتبرن ابن أو ابنة الزوج كمن حمله بطنها، فبراءة فاطمة قتلت على يد زوجة أبيها؛ التي أنهت حياتها بدم بارد دون أن يطرف لها رمش أو تذرف عليها دمعة واحدة، والسبب لهذه الجريمة والدافع الرئيسي لها هو الحقد الذي ملأ قلبها نحو هذا الملاك البريء الذي لم يسء إليها أو لغيرها.. وكانت النتيجة هي السجن في النهاية. وفي البحيرة زوجة الأب أنهت حياة سلمى ابنة الأربع سنوات بدم بارد لمجرد غيرتها من والدتها.. وإلى التفاصيل المثيرة.. الحكاية الأولى بدأت في محافظة الدقهلية، وتحديدا قرية الروضة، التابعة لمركز السنبلاوين، عام 2017 عندما تزوج نعيم عجب، سائق، يبلغ من العمر 37 عاما، وأنجب طفلة جميلة؛ أسماها فاطمة الزهراء، وبعد ولادتها ب6 أشهر فقط انفصل نعيم عن زوجته، وأخذ فاطمة تعيش معه، وحُرمت الطفلة الرضيعة من والدتها، فوجد الأب نفسه مسئولًا عنها وهو لا حول له ولا قوة، يعمل ليلًا ونهارًا لدرجة أنه يخرج من البيت كل يوم من الثامنة صباحًا ويعود 11 مساًء، حتى يستطيع أن ينفق عليها وعلى أسرته. ملاك مزيف لم يجد الأب مفرًا من أن يتزوج ويأتي لها بزوجة أب تكون أمًا لها – أو هكذا ظن- حتى وقع اختياره على فتاة من قرية مجاورة له؛ تدعى نورا، تبلغ من العمر 27 عامًا، لم يكن ذلك المسكين يدري أنه سيتزوج شيطانة، لا تعرف للرحمة معنى، ولا تعرف الحنية طريقًا لقلبها، استطاعت أن تمثل دور الملاك أمام الأب المخدوع، ولما لا وهي تمتلك كل أدوات التمثيل، صغيرة في السن، جميلة الملامح، ولكنها للأسف شيطانة تجسدت في صورة إنسان، منذ الوهلة الأولى وهي تكره فاطمة وتغير منها ومن حب والدها لها، والأب المسكين لا يدري ماذا يحدث مع ابنته طوال اليوم، فزوجة الأب حولت حياة الطفلة لجحيم، وهي لا حول لها ولا قوة، لا تجد والدها حتى تحكي معها أو تعبر عن حزنها، فالأب يأتي ليلًا منهكًا من التعب لدرجة أنه أوقات كثيرة ينام دون أن يأكل. لكنه كان يلاحظ آثار الضرب والتعذيب على جسد صغيرته، ويوجه اللوم إلى زوجته، لدرجة أنه يطردها من البيت، لكن في كل مرة كانت تمثل عليه الطيبة والحنان وأنها ستعامل الصغيرة بعطف، والأب المسكين ينخدع بحديثها ويعيدها لبيتهما مرة أخرى. مرت الأيام والشهور حتى أنجبت نورا طفلة، ومن هنا بدأت شرارة الحقد تكبر يومًا عن يوم، حتى اتخذت قرارها بأن تنهي حياة الصغيرة نهائيًا. اقرأ أيضا: تجديد حبس زوجة الأب المفترية 15 يوما على ذمة التحقيق يوم الواقعة يوم 17 أغسطس 2024م، كانت نهاية الحكاية، ونهاية رحلة فاطمة في الحياة.. استيقظ الأب مبكرًا، تناول إفطاره مع زوجته وابنتيه، ثم طبع قبلة على جبين صغيرته فاطمة واحتضنها، وخرج بحثًا عن لقمة عيشه، وترك الصغيرة لمصير مظلم. انقضت عليها نورا كالوحش المفترس ووجهت لها عدة لكمات، لم ترحم توسلاتها وصراخها، وكأنها في تلك اللحظة خلعت قلبها ووضعت مكانه قطعة من الحجارة، وبكل قسوة وجحود أمسكت بالوسادة ووضعتها على وجه فاطمة وضغطت عليها ولم تتركها إلا بعدما لفظت أنفاسها وأصبحت جثة هامدة، وضعتها على السرير وأخذت تمارس حياتها بشكل طبيعي وكأنها لم ترتكب أي جرم.. وبعد عدة ساعات اتصلت بزوجها لتخبره أنها حاولت إيقاظ فاطمة لكنها لم تستجب، فعاد الأب كالذي فقد عقله مسرعا للبيت، حمل ابنته وذهب بها للمستشفى، لكن آثار التعذيب كانت واضحة على جسدها، فأبلغ الشرطة، بدأت النيابة في تحقيقاتها عن الواقعة؛ لمعرفة الدافع من وراء ارتكاب تلك الجريمة، وكانت الإجابة هي الغيرة من الطفلة التي لا حول لها ولا قوة. وجاء في تقرير الصفة التشريحية، أنه بفحص وتشريح جثمان الضحية فاطمة الزهراء، أن الوفاة تعزى إلى «إسفكسيا كتم الأنفاس»، ووجود معالم عنف جنائي وخدوش بمنطقة الوجه أدى إلى هبوط حاد بالدورة الدموية وفشل تنفسي حاد، وهي جائزة الحدوث على نحو التصوير الوارد بمذكرة النيابة العامة، وأحيلت المتهمة إلى محكمة الجنايات. ظلت القضية متداولة داخل ساحة المحكمة، وفي أقل من عام، أسدلت محكمة جنايات المنصورة، الستار عليها، فقضت برئاسة المستشار ياسر سنجاب، رئيس الدائرة، وعضوية المستشارين محمد حسن عاشور، ومصطفى محمود محمد، وأمانة سر محمدعبد الهادي، وطارق عبد اللطيف، بالسجن المشدد لمدة 15 عامًا للمتهمة؛ ليكون بذلك الحكم عنوانًا للحقيقة ونتيجة تستحقها القاتلة. إخفاء الجثة جريمة بشعة استيقظ عليها أهالي منطقة النوبارية، في محافظة البحيرة، عندما تجردت زوجة الأب من كل معاني الإنسانية والرحمة وقتلت طفلة لا حول لها ولاقوة لمجرد غيرتها من والدتها، فأرادت أن تحرق قلبها وأنهت حياة فلذة كبدها. البداية كانت باختفاء سلمى بدر عبدالواحد، طفلة تبلغ من العمر 4 سنوات، خرجت للعب أمام منزلها ولكنها اختفت عن الأنظار وكأن الأرض انشقت وابتلعتها، وفي لحظة تحولت القرية الهادئة لحالة من الصخب، الكل يبحث عن الطفلة، لم يترك الأب مكانا إلا وبحث فيه، لكن بلا فائدة، نشروا صورها على مواقع التواصل الاجتماعي لعل أحد يرشد عن أي معلومة عنها، ولم يكن أمام الأب سوى تحريرمحضر باختفاء صغيرته، وتشكل فريق بحث لكشف اللغز، حتى كانت المفأجاة والصدمة التي أصابت الجميع بالذهول، العثور على سلمى جثة داخل حقيبة سفر،الكل يتساءل أي ذنب ارتكبته تلك الصغيرة لتقتل بهذه البشاعة، والإجابة الحتمية والأكيدة توصل إليها رجال المباحث عندما تم القبض على القاتل؛ والتي كانت زوجة الأب. نعم زوجة والدها قتلتها بعدما دفعتها من على السلم وهي تلعب لتسقط سلمى جثة هامدة، ثم أرادت إخفاء الجثة ووضعتها داخل حقيبة سفر لحين تهدأ الأمور ثم تتخلص بعد ذلك من الجثة، لكن رجال المباحث كانوا أسرع منها ومن مخططها الإجرامي، وتم القبض عليها؛ وعقب ضبطها اعترفت المتهمة أمام جهات التحقيق أنه أثناء لهو الطفلة دفعتها، الأمر الذى جعلها تسقط على رأسها على درج السلم ما أودى بحياتها، وخوفا من افتضاح أمرها نقلت على الفور الطفلة داخل جوال إلى خزان المياه أعلى سطح المنزل، على أمل أن تظل الجريمة طي الكتمان. وبعد مرور بعض الوقت وهدوء الأوضاع، ظنت المتهمة أن بقاء الطفلة في الخزان قد يؤدي إلى كشف الجريمة، فقررت إخراجها ووضعها داخل حقيبة سفر، ثم أخفتها تحت سرير الأطفال داخل شقتها، معتقدة أن المكان سيكون آمنًا بعيدًا عن الشكوك، بدأت تنسج أحلامها الوردية بأن جريمتها لن تنكشف، لكنها فاقت على كابوس مفزع بإلقاء القبض عليها، وما زالت التحقيقات مستمرة معها.