تريد إسرائيل أن تستغل حادث المتحف اليهودى بواشنطن الذى راح ضحيته اثنان من موظفى سفارتها هناك، لكى تستعيد صورتها المزيفة التى روجتها كثيراً بأنها ضحية الإرهاب وليست صانعته. وينطلق اللوبى الصيهونى فى كل مكان لكى ينشر أكذوبته بأن وقوف العالم ضد حرب الإبادة التى تشنها إسرائيل على الشعب الفلسطينى، هو الذى يثير العداء ضد الإنسانية (!!) بينما معظم يهود العالم أنفسهم يعرفون أن جرائم نتنياهو وحكومته هى التى تثير الغضب لدى شعوب العالم، وأن قتل الأطفال وتجويع سكان غزة والاستمرار فى حرب الإبادة وليس العداء للسامية هى التى جعلت إسرائيل دولة منبوذة، وحوَّلت قادتها إلى مجرمى حرب مطلوبين للعدالة الدولية. الأسئلة الكثيرة حول حادثة واشنطن تنتظر التحقيقات مع الجانى، وتوقيت الحادث فى ظل تنامى إدانة العالم لحرب الإبادة الإسرائيلية يثير أسئلة أكثر. لكن إسرائيل لم تنتظر، بل سارعت على الفور فى استغلال ما حدث لخدمة نتنياهو وحكومته الإرهابية، فى مواجهة عالم لا يقبل قتلها للأطفال الفلسطينيين ولا جرائمها ضد الإنسانية، وفى مواجهة خصوم الداخل الذين حذروا من أن نتنياهو يقود بلادهم إلى الكارثة، ويسىء إلى كل يهود العالم حين يرتكب كل هذه الجرائم باسم دولة تدعى أنها «دولة يهودية» فيحيلها إلى دولة منبوذة من العالم، بينما ترتفع أصوات اليهود فى العالم وخاصة فى أمريكا ترفض سياسته وتدين جرائمه، وتعتبره خطراً عليها بقدر ما هو كارثة على مستقبل إسرائيل. لا توجد دولة دعمت إسرائيل كما فعلت الولاياتالمتحدة، ولا توجد دولة حاصرت الاحتجاجات الشعبية على جرائم إسرائيل (وخاصة من الشباب) كما فعلت الولاياتالمتحدة. ومع ذلك تطلب إسرائيل المزيد، لأنها تدرك أن معركتها الأساسية هى الحفاظ على انحياز مطلق لها من جانب واشنطن، خاصة بعد أن سقطت الأقنعة كلها لتكشف الوجه النازى لإسرائيل، وتفضح أكاذيبها أمام العالم، وتتحول إلى دولة مارقة ومنبوذة، وتبدأ دول أوروبا وبريطانيا فى تعديل مواقفها، وتُنذر بإدخال إسرائيل فى نفق العقوبات الرادعة إذا استمرت فى جرائمها. قبل حادث المتحف فى واشنطن مباشرة كانت هناك محاولة جديدة لفرض قانون يعاقب المؤسسات الدولية إذا اتخذت مواقف ضد إسرائيل (باعتبار ذلك عداء للسامية وليس للدولة الإرهابية!!).. فشلت المحاولة لكنها ستتجدد، لأن إسرائيل سوف تقاتل بكل شراسة لكى تمنع أمريكا من الانضمام لعالم يدين الإرهاب الحقيقى الذى تمارسه، ويرفض حرب الإبادة ولا يتحمل أن يكون حامياً لقتلة الأطفال الفلسطينيين، وإلا أصبح متهماً بالعداء للسامية. تحاول إسرائيل بكل الوسائل استعادة حالة الصمت الدولى على جرائمها، وأن تستعيد السيطرة على التمرد الداخلى الذى بدأ صوته يتعالى ضد حروب نتنياهو وفاشية حكومته. تستغل جريمة المتحف فى واشنطن لكى تستمر فى جرائمها والمضى فى حرب الإبادة، وتعلن عن مؤتمر دولى ضد العداء للسامية تعقده بعد أيام. تحاول الخروج من نفق «الدولة المنبوذة» على حساب أرواح الأبرياء، وتريد إبعاد الأنظار عما تفعله فى غزة والضفة، لكن الواقع أقوى وتزييف الحقائق أصبح صعباً بعد أن سقطت رواية إسرائيل واكتشف العالم كل زيفها. العداء للسامية مرفوض ومُدان، لكن الوقوف فى وجه الإرهاب الإسرائيلى هو الفريضة الواجبة على العالم كله. جريمة متحف واشنطن مدانة ومرفوضة، لكن من قتل الضحايا فى حقيقة الأمر هو نفسه من قتل أطفال فلسطين. وأن نتنياهو وحلفاءه فى حكومة الإرهاب هم أعدى أعداء السامية.