رحل منذ يومين فى صمت فى أحد مستشفيات العاصمة الأمريكيةواشنطن أحد رواد الإعلام المصرى الذى ساهم فى تكوينى الفكرى والمعرفى، الأستاذ والصديق محمد الخولى، بدأ حياته مذيعاً وصحفياً ومستشاراً لرئيس الجمهورية فى الستينيات، ومحاضراً فى معاهد التدريب بالدول المختلفة وكبير المترجمين الدوليين بالأممالمتحدة وكان له باع طويل فى اعتماد الأممالمتحدة للغة العربية لغة رسمية عام 1973 لتكون إحدى اللغات الست التى تعمل بها. عرفت المفكر والإعلامى الكبير محمد الخولى منذ 35 عاماً فى بداية التسعينيات، عرفَنى به أستاذى ومعلمى وصديقى الإعلامى القدير عبد الوهاب قتاية، جمعتنا الحوارات الشيقة فى الفكر واللغة والثقافة، منهما تعلمت الكثير والكثير، هُم أساتذة قل أن يوجد مثلهما فى هذا الزمان، وكانت رؤيتى لأستاذى محمد الخولى على فترات طويلة بسبب سفره المستمر خارج مصر ولم تخل اللقاءات من الحديث والرهان على الشباب المصرى خصوصاً فى بداية الألفية حين كثر الحديث عن البطالة والجلوس على المقاهى وانتشار المخدرات، حتى قامت ثورة 2011 وكسبنا معاً الرهان، ومن أمتع حواراتى الصحفية الثقافية كان حوارى معه الذى امتد لعدة ساعات فى منزله المطل على نادى الصيد فى زيارة خاطفة لمصر. لقد ترك محمد الخولى، لمن يريد أن يتعلم، إرثاً ضخماً من الكتب فى مجالات الفكر والترجمة والشئون الدولية، رحلة طويلة امتدت لأكثر من ستين عاماً منذ بدياته فى الستينيات شكل خلالها تكويناً معرفياً نادراً لم يبخل به على تلاميذه ودارسيه. محمد الخولى أفخر بمعرفتى به كما أفخر أننى تتلمذت على يد جيلين الستينيات والسبعينيات، وهيَ أجبال نادرة فى التكوين الفكرى والمعرفى والثقافى، فبرحيله ورحيل كل أبناء هذ الجيل يخسر الوسط الإعلامى والثقافى شخوصاً نزيهة وأقلاماً قلَ أن يوجد مثلها.