عام استخدم فيه الاحتلال الإسرائيلي كافة وسائل القمع والتهجير والإبادة والتدمير والاغتيال والتوسع غير المشروع. ارتكب كل صنوف العدوان والجرائم ضد الإنسانية في غزة والضفة الغربية، فى لبنانوسوريا وحتى العراق واليمن.. على الصعيد الداخلي، ورغم الاضطرابات والخلافات الداخلية التى تفاقمت على خلفية الأجندة السياسية للحكومة الدينية المتطرفة بزعامة نتانياهو، كان هو رجل العام بلا منازع. وعلى الرغم من الأزمات المتلاحقة التى واجهته شخصيًا، كانت اليد الثقيلة لحكومته هى التى تضع بصمتها فى كل مرة كان يشتد فيها سعير الخلاف بين الحكومة والمعارضة.. ما بين سعى الحكومة اليمينية لتمرير «تعديلات» قضائية بهدف إحكام السيطرة على مفاصل الدولة، وإحباط محاولة المدنيين والليبراليين والطبقة العسكرية فرض قانون التجنيد الإلزامى للحريديم وبين الصدع العميق بين المستويين السياسى والعسكرى الذى نشأ بسبب الخلاف على إدارة الحرب فى غزة جرت أيام العام لتنتهى نهاية مفتوحة بلا حسمٍ لأى من القضايا والملفات. ◄ على رأسها: العاروري وهنية ونصر الله والسنوار.. قائمة طويلة من اغتيالات زعماء المقاومة شهد العام قائمة طويلة من جرائم القتل الاستهدافى الإسرائيلية والتصفيات ضد قيادات محور المقاومة فى حركة حماس الفلسطينية أو حزب الله اللبناني، وصولًا إلى قياداتٍ عسكرية وشخصيات مهمة إيرانية. بدأت القائمة بعد أشهر من اندلاع حرب أكتوبر 2023 فى قطاع غزة، حيث اغُتيل نائب رئيس المكتب السياسى للحركة صالح العارورى وعدد من رفاقه فى ضربة جوية نُسبت إلى إسرائيل، واستهدفت مبنى فى الضاحية الجنوبيةلبيروت فى الثانى من يناير 2024. وفى 31 يوليو، اغُتيل رئيس المكتب السياسى لحركة «حماس» إسماعيل هنية فى مقر إقامته فى شمال طهران التى كان يزورها لحضور مراسم تنصيب الرئيس الجديد مسعود بزشكيان. اتهمت إيران و«حماس» و«حزب الله» اللبنانى إسرائيل بالوقوف خلف العملية، فى حين لم تعلّق الدولة العبرية على الموضوع. وأكد «الحرس الثورى الإيراني» أن هنية اسُتشهد جراء مقذوف قصير المدى استهدف مقر إقامته فى أحد المباني. وفى السادس من أغسطس، أعلنت الحركة اختيار السنوار خلفاً لهنية. فى 27 سبتمبر 2024 اغُتِيلَ الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، إثر غارة جوية إسرائيلية على الضاحية الجنوبية فى بيروت. وجاءت عملية الاغتيال بعد معلومات حصل عليها جيش الاحتلال الإسرائيلى تُفيد باجتماع لقادة حزب الله فى مقرِّه المركزى بالضاحية الجنوبية. وتُشير المعلومات إلى أن طائرات إف- 35 ألقت قنابلَ ثقيلة خارقة للحُصون، يزيد وزنها على 2000 طن، أدَّت إلى تدمير 6 مبانى كليًا، واستهداف المقر. فيما قالت صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية: إن الطائرات المُستخدمة فى الهجوم كانت من نوع إف- 15. وفى 17 أكتوبر، أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلى أنه قتل زعيم حركة حماس يحيى السنوار الذى تتهمه إسرائيل بأنه أحد المخططين الرئيسيين لهجوم السابع من أكتوبر 2023، وأوضح الجيش أن السنوار قُتل فى عملية عسكرية فى جنوب قطاع غزة. وفى 2 ديسمبر أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي، اغتيال رئيس سلطة الحكم لحماس فى قطاع غزة روحى مشتهى، والمسئول عن ملف الأمن لدى المكتب السياسى واللجنة التنفيذية سامح السراج، ورئيس جهاز الأمن العام بالحركة سامى عودة. وخلال العام دخلت حرب الظل بين إيران وتل أبيب مرحلة أشد خطورة منذ دخول إيران وحلفائها إلى سوريا، تحوّلت الأخيرة إلى مسرح حيوى لتحقيق مصالح كل من طهران وتل أبيب، الأولى بتوسيع نشاطها العسكرى والتجارى والثانية بضرب أهدافٍ إيرانية. ووفقًا لصحيفة «اطلاعات» الحكومية الإيرانية أبرزت تقارير رسمية قائمة بالاغتيالات التى نفذتها إسرائيل فى سوريا واستهدفت عناصر وقياداتٍ من الحرس الثورى منذ هجوم حماس على إسرائيل فى 7 أكتوبر. وتبين حسب التقرير: أن إسرائيل اغتالت منذ 2 ديسمبر 2023 وحتى 2 أبريل 2024 فقط، 18 عنصراً من قوات الحرس الثورى بينهم: قيادات عسكرية بارزة فى فيلق القدس كلهم تم اغتيالهم فى سوريا. وكان أبرزهم: العميد حجت الله اميدوار الذى كان يتولى مسئولية استخبارات فيلق القدسبسوريا. كما أشُير إلى أن إسرائيل نفّذت أكثر من 10 هجمات مباشرة على مواقع وأفراد فيلق القدس التابع للحرس الثورى الإيرانى منذ بداية الحرب على غزة. ◄ اقرأ أيضًا | باحثة سياسية: الاحتلال الإسرائيلي ماضٍ في تنفيذ خططه التوسعية في غزة ◄ شخصية العام.. بيبي شمشون العصر كان بنيامين نتانياهو هو بطل كل مشاهد وأحداث العام فى إسرائيل. قام بتحريك شراع السفينة، وفقًا لاتجاه رياح أجندته الخاصة ومصالحه السياسية الذاتية. وبات الكل على يقين بأن رئيس الوزراء الإسرائيلى يعطل الصفقات السياسية ويطيل أمد الحرب فى غزة ويوسع ساحات القتال ويتجاهل أزمة الرهائن الموجودين لدى حركة حماس، بل ومستعد لمبارزة طواحين الهواء وهدم المعبد على الجميع لتفادى المحاكمة فى قضايا الفساد المُتهم فيها والتى قد تُفضى إلى عزله من منصبه وربما إلى سجنه. ■ نتنياهو واجه نتانياهو ضغوطًا مزدوجة على الصعيدين الداخلى والدولي؛ فإلى جانب إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرات توقيف بحقه، هو ووزير الدفاع السابق يوآف جالانت، أصبح نتيجة لها غير قادر على السفر بحرية، مما عزز عزلته الدولية وأثر على دعم شركائه السياسيين فى الكنيست، كان ينتظره موعد قضائى بشأن قضايا فساد متراكمة. وقد مثل نتانياهو أمام القضاء فى 2 ديسمبر، إذ لم تنجح محاولاته السابقة لتأجيل المحاكمة. ويمثل بدء محاكمة نتانياهو خطرًا كبيرًا على مستقبله السياسي، خاصة فى ظل الضغوط المتزايدة لتشكيل لجنة تحقيق حول إخفاقات 7 أكتوبر. ومع ذلك تفتقر المعارضة الإسرائيلية إلى قوة كافية لاستغلال هذه الأزمات لإضعاف نتانياهو بشكل كامل. وكانت سلسلة الاغتيالات التى قامت بها إسرائيل لقيادات حماس وحزب الله بمثابة الأوكسجين الذى أعاد الحياة إلى صورة نتانياهو بين الجمهور الإسرائيلى وخففت من وطأة الكراهية الشعبية له. لكن ذلك لم يُفلته بعد من المثول أمام القضاء.. وفى حين رفضت المحكمة طلب وسائل الإعلام ببث المحاكمة على الهواء مباشرة، رفض نتانياهو من جانبه الجلوس على مقعد المُدعى عليهم، وانتظر حتى مغادرة المصورين قبل بدء المحاكمة، وذلك حتى لا يتم تصويره كمتهم إلى جانب محامى الدفاع عنه. نتانياهو المُتهم بالرشوة والاحتيال وخيانة الأمانة يجب أن يدلى بأقواله 3 مرات فى الأسبوع، مما سيجبره على التنقل بين قاعة المحكمة وغرفة إدارة الحرب فى وزارة الدفاع على بُعد دقائق من مقر المحكمة. تجرى جلسات المحاكمة فى غرفة تحت الأرض فى تل أبيب وليس فى القدس، وفى قاعة مُحصنة تُستَخدم عادة لمحاكمة كبار المجرمين الجنائيين، بسبب تمتعها بمواصفاتٍ أمنية غير موجودة فى بقية المحاكم. على الصعيد الداخلى أيضًا كان الخلاف الشهير بين نتانياهو ووزير حربه السابق يوآف جالانت من أبرز أحداث العام، وقد أدى الخلاف بينهما إلى إصدار نتانياهو قرار إقالة جالانت مرتين كانت إحداهما فى العام السابق، لكنه كان سرعان ما يتراجع عن الإقالة تحت ضغط الشارع الإسرائيلي. بالأخير انتصرت رغبة نتانياهو وأصدر أمره بإقالة جالانت على الرغم من وحدة المصير التى تربطهما أمام الجنائية الدولية. فى كل الأزمات الداخلية التى واجهت نتانياهو كانت رغبته هى التى تحكم قراراته سواء فى التعديلات القضائية التى أثارت الشارع الإسرائيلى أو قانون الخدمة العسكرية للمتدينين أو حتى فى تصورات اليوم التالى للحرب فى غزة .. وفى مفهوم النصر الكامل الذى يعتنقه وتوسيع المستوطنات فى غزة والضفة الغربية، بل وفى إصدار أوامر اغتيالات الخصوم. ◄ تفكيك وحدة الساحات كان من أهم التحديات التى واجهت الاحتلال هذا العام هو وحدة ساحات الحرب وانضمام جبهات المساندة لحركة المقاومة الإسلامية «حماس « فى مواجهتها للاحتلال فى غزة. من القطاع امتدت ساحات المقاومة إلى الضفة الغربية وتشابكت مع ساحات المساندة فى كل من: لبنانوسورياوإيران واليمن والعراق، بشكل اعتبرته تل أبيب تهديدًا لأمنها ومستقبلها، وكان الرأى هو العمل على تفكيك وحدة الساحات. بالفعل أعلنت إسرائيل فى الساعات الأولى من يوم 28 أغسطس 2024 عن بدء عملية عسكرية واسعة النطاق فى مناطق شمال الضفة الغربية وتحديدًا فى ثلاث مدن (وخاصة مخيَّماتها) وهي: جنين، طولكرم وطوباس. سمَّت إسرائيل هذه العمليَّة باسمِ المخيمات الصيفيَّة فيما سمَّتها فصائل المقاومة بالضفَّة وتحديدًا سرايا القدس رعب المخيَّمات، وبالتزامن مع ذلك تسارعت وتيرة توسيع المستوطنات اليهودية فى الضفة . فى تحدٍ واضح لما أكدته محكمة العدل الدولية فى 19 يوليو ، على حق الفلسطينيين فى تقرير المصير، وعلى وجوب تفكيك المستوطنات الإسرائيلية على الأراضى المحتلة. وفى رأى استشارى بشأن عواقب الاحتلال الإسرائيلى للأراضى الفلسطينية، قضت المحكمة بأن الأراضى الفلسطينية المحتلة تشكل «وحدة إقليمية واحدة» يجب حمايتها واحترامها.. وفى الأول من أكتوبر غزت إسرائيل جنوبلبنان تصعيدًا للاشتباكات المستمرة بين إسرائيل وحزب الله التى تُعد امتدادًا للحرب الفلسطينية - الإسرائيلية. جاء الغزو عقب سلسلة من الهجمات العنيفة على حزب الله فى شهر سبتمبر 2024، أدت إلى تدهور قدراته وقضت على قياداته، وقد بدأت الهجمات بعمليات انفجار أجهزة النداء فى لبنان. ورغم التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار مع إسرائيل فقد خرقت تل ابيب الاتفاق 54 مرة حسب بيان نبيه برى منذ دخوله حيز التنفيذ فى 27 نوفمبر. وجاء سقوط نظام بشار الأسد فى سوريا كأنه الجائزة الكبرى للاحتلال الذى طالما ساعد وموُل جماعات المعارضة السورية. وتكمن مفاجأة هذا الحدث فى الانهيار السريع للجيش السورى الوطنى الذى سمح لجيش الاحتلال الإسرائيلى بالتوغل فى الجولان السورى المحتل، بل تمادى جيش الاحتلال فوصلت الكتيبة 603 من فيلق الهندسة القتالية إلى تل حضر، وهى أعمق نقطة فى سوريا دخلتها القوات الإسرائيلية 10 كيلومترات من الحدود الإسرائيلية وأكثر من 20 كيلومترًا من دمشق. ◄ 2025 آخر عام لحكومة نتانياهو| ضم الضفة .. استكمال التطبيع أهم الملامح مع بدء الدورة الشتوية للكنيست الإسرائيلى أبدى عدد من قادة الأحزاب والمسئولين تقييماتٍ تشير إلى احتمالات قوية بأن يكون عام 2025 هو الأخير لحكومة بنيامين نتانياهو الحالية، التى يُفترض أن تكمل دورتها فى ديسمبر 2026. وحسب التقرير الذى نشرته «صحيفة معاريف»، فإن هذا التقرير يستند إلى التحولات العديدة التى تشهدها الساحة السياسية فى إسرائيل، وتشمل جهودًا جديدة لدفع إصلاحاتٍ قانونية مثيرة للجدل، وتوترات داخل الائتلاف الحاكم، وخلافات سياسية بين الحكومة المتطرفة والمعارضة. أما بخصوص الإصلاحات القانونية، فيشير التقرير إلى أن حزب الليكود وبعض حلفائه من اليمين لم يتخلوا أبداً عن خططهم للإصلاحات القضائية التى أدت إلى احتجاجات واسعة داخل إسرائيل، حيث يعتبرون العام المقبل الفرصة الأخيرة لتحقيق إنجازاتٍ ملموسة فى هذا المجال. مع ذلك قال وزير المالية الإسرائيلى اليمينى المتطرف بتسلئيل سموتريتش: إن العام المقبل 2025 سيكون عام تطبيق السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربيةالمحتلة، وبالتالى إنهاء «تهديد» قيام دولة فلسطينية، فى تحدٍ للقانون الدولى الذى يعتبر الضفة الغربية أرضاً فلسطينية محتلة. هذه ليست المرة الأولى التى يثير فيها سموتريتش هذه القضية. ففى يونيو الماضى أكدت تقارير نشرتها صحيفة «نيويورك تايمز» تفيد بأنه لديه «خطة سرية» لضم الضفة الغربية وإحباط أى جهود لدمجها فى الدولة الفلسطينية المستقبلية. وفي وقت لاحق، كتب سموتريتش على - «2025 - عام السيادة فى «يهودا والسامرة». وفى تعزيز لهذا السياق توقع خبير إسرائيلي، أن تؤدى عودة الرئيس الأمريكى المُنتخب دونالد ترامب للبيت الأبيض، إلى تسريع عملية التطبيع بين تل أبيب والدول العربية، لا سيما السعودية. وقال الخبير فى معهد دراسات الأمن القومى بجامعة تل أبيب يوئيل جوزينسكي، فى مقال نشرته صحيفة «يديعوت أحرونوت» العبرية: إن «انتخاب جو بايدن رئيساً قبل أربع سنوات، قطع الزخم الذى كانت تحققه اتفاقات إبراهام ووقف المحادثات بشأن انضمام السعودية إليها». وتابع قائلاً: «الحرب التى فرضتها علينا حماس قطعت مرة أخرى محادثات متقدمة نحو اتفاق مع الرياض، ولكن يحمل انتخاب ترامب للرئاسة تحديات، إلا أنه فى مسألة التطبيع يبدو أن هناك العديد من المزايا على العيوب». وذكر أن هناك توقعاً فى السعودية أن يقود ترامب سياسة أكثر حزماً تجاه إيران مقارنة بسلفه بايدن، مضيفاً أنه «إذا كان ترامب مستعداً لإغلاق ملف البرنامج النووى الإيراني، سواء من خلال عمل عسكرى أو اتفاق، سيكون السعوديون مستعدين للذهاب خطوة كبيرة نحو التطبيع مع إسرائيل». على صعيد آخر تمتد أعاصير المواجهات إلى ساحاتٍ هامشية مثل: ساحتى العراق واليمن، إذ يترقب سياسيون وخبراء أن تستعر المواجهة على الساحة العراقية بين المليشيات الموالية لإيران وإسرائيل فى الوقت الذى تدرس إسرائيل شن هجوم على جماعة الحوثى فى اليمن بعد إطلاق صاروخين باليستيين باتجاهها خلال اليومين الماضيين وفقاً لما ذكرت هيئة البث الإسرائيلية الرسمية كان 11. وبحسب الهيئة، فإن المؤسسة الأمنية فى إسرائيل ترى أن الميليشيات فى العراق خفضت هجماتها خلال الأسبوع الماضي، بينما يواصل الحوثيون إطلاق الصواريخ، لذلك من الضرورى نقل رسالة «أكثر إيلاما». وترتبط غالبية المليشيات العراقية الرئيسية، الموالية لإيران، بحزب الله اللبنانى سياسياً وعسكرياً، سيما أن قادة حزب الله ساهموا فى تشكيل غالبية هذه المليشيات، وتقديم المشورة والتدريب لها حتى الآن. ونقلت الهيئة عن مسئول إسرائيلى كبير قوله: إن الجيش الإسرائيلى يدرس شن هجوم كبير فى اليمن. يدعم هذه الفرضية ما تردد ، قبل نحو شهرين من أن إسرائيل مهتمة بإنشاء قاعدة لها فى شمال الصومال بهدف مراقبة اليمن ومضيق باب المندب.. وبحسب التقرير فإن إسرائيل ستعترف بأرض الصومال فى المقابل عندما تصبح الدولة المستقلة الجديدة فى العالم. كما أعلن فى الماضى أن إسرائيل تحتفظ بمحطة لجمع المعلومات الاستخبارية فى إريتريا المجاورة.