حركة القطارات| 45 دقيقة تأخيرًا بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الخميس 20 نوفمبر 2025    أخبار فاتتك وأنت نائم| حادث انقلاب أتوبيس.. حريق مصنع إطارات.. المرحلة الثانية لانتخابات النواب    أوكسفام: أرباح مليارديرات مجموعة العشرين في عام واحد تكفي لانتشال جميع فقراء العالم من براثن الفقر    زكريا أبوحرام يكتب: هل يمكن التطوير بلجنة؟    انتهاء الدعاية واستعدادات مكثفة بالمحافظات.. معركة نارية في المرحلة الثانية لانتخابات النواب    تحريات لكشف ملابسات سقوط سيدة من عقار فى الهرم    زوار يعبثون والشارع يغضب.. المتحف الكبير يواجه فوضى «الترندات»    دعاء الفجر| اللهم إن كان رزقي في السماء فأنزله    بيان سعودي حول زيارة محمد بن سلمان إلى الولايات المتحدة    ترامب يعلن عن لقاء مع رئيس بلدية نيويورك المنتخب في البيت الأبيض    مستشار ترامب للشئون الأفريقية: أمريكا ملتزمة بإنهاء الصراع في السودان    سفير فلسطين: الموقف الجزائري من القضية الفلسطينية ثابت ولا يتغير    أدعية الرزق وأفضل الطرق لطلب البركة والتوفيق من الله    كيفية تدريب الطفل على الاستيقاظ لصلاة الفجر بسهولة ودون معاناة    فلسطين.. تعزيزات إسرائيلية إلى قباطية جنوب جنين بعد تسلل وحدة خاصة    مكايدة في صلاح أم محبة لزميله، تعليق مثير من مبابي عن "ملك إفريقيا" بعد فوز أشرف حكيمي    مصادر تكشف الأسباب الحقيقية لاستقالة محمد سليم من حزب الجبهة الوطنية    تضرب الوجه البحري حتى الصعيد، تحذير هام من ظاهرة تعكر 5 ساعات من صفو طقس اليوم    طريقة عمل البصل البودر في المنزل بخطوات بسيطة    منى أبو النصر: رواية «شغف» تتميّز بثراء نصّها وانفتاحه على قراءات متعددة    ياسر ثابت: واشنطن تلوّح بضغط سريع ضد مادورو... وفنزويلا مرشّحة لساحة صراع بين أمريكا والصين وروسيا    يحيى أبو الفتوح: منافسة بين المؤسسات للاستفادة من الذكاء الاصطناعي    إصابة 15 شخصًا.. قرارات جديدة في حادث انقلاب أتوبيس بأكتوبر    طريقة عمل الكشك المصري في المنزل    أفضل طريقة لعمل العدس الساخن في فصل الشتاء    مروة شتلة تحذر: حرمان الأطفال لاتخاذ قرارات مبكرة يضر شخصيتهم    خبيرة اقتصاد: تركيب «وعاء الضغط» يُترجم الحلم النووي على أرض الواقع    مأساة في عزبة المصاص.. وفاة طفلة نتيجة دخان حريق داخل شقة    تراجع في أسعار اللحوم بأنواعها في الأسواق المصرية اليوم    أسعار الدواجن في الأسواق المصرية.. اليوم الخميس 20 نوفمبر 2025    وردة «داليا».. همسة صامتة في يوم ميلادي    بنات الباشا.. مرثية سينمائية لنساء لا ينقذهن أحد    خالد أبو بكر: محطة الضبعة النووية إنجاز تاريخي لمصر.. فيديو    إعلام سوري: اشتباكات الرقة إثر هجوم لقوات سوريا الديمقراطية على مواقع الجيش    إطلاق برامج تدريبية متخصصة لقضاة المحكمة الكنسية اللوثرية بالتعاون مع المعهد القضائي الفلسطيني    بوتين: يجب أن نعتمد على التقنيات التكنولوجية الخاصة بنا في مجالات حوكمة الدولة    تأجيل محاكمة المطربة بوسي في اتهامها بالتهرب الضريبي ل3 ديسمبر    ضبط صانعة محتوى بتهمة نشر مقاطع فيديو خادشة للحياء ببولاق الدكرور    مهرجان القاهرة السينمائي.. المخرج مهدي هميلي: «اغتراب» حاول التعبير عن أزمة وجودية بين الإنسان والآلة    خالد الغندور: أفشة ينتظر تحديد مستقبله مع الأهلي    دوري أبطال أفريقيا.. بعثة ريفرز النيجيري تصل القاهرة لمواجهة بيراميدز| صور    تقرير: بسبب مدربه الجديد.. برشلونة يفكر في قطع إعارة فاتي    ديلي ميل: أرسنال يراقب "مايكل إيسيان" الجديد    بالأسماء| إصابة 5 أشخاص في حادث تصادم ميكروباص وملاكي بأسيوط    فتح باب حجز تذاكر مباراة الأهلي وشبيبة القبائل بدورى أبطال أفريقيا    أرسنال يكبد ريال مدريد أول خسارة في دوري أبطال أوروبا للسيدات    "مفتاح" لا يقدر بثمن، مفاجآت بشأن هدية ترامب لكريستيانو رونالدو (صور)    ضمن مبادرة"صَحِّح مفاهيمك".. أوقاف الفيوم تنظم قوافل دعوية حول حُسن الجوار    لربات البيوت.. يجب ارتداء جوانتى أثناء غسل الصحون لتجنب الفطريات    عصام صاصا عن طليقته: مشوفتش منها غير كل خير    تصل إلى 100 ألف جنيه، عقوبة خرق الصمت الانتخابي في انتخابات مجلس النواب    أمريكا: المدعون الفيدراليون يتهمون رجلا بإشعال النار في امرأة بقطار    ماييلي: جائزة أفضل لاعب فخر لى ورسالة للشباب لمواصلة العمل الدؤوب    علي الغمراوي: نعمل لضمان وصول دواء آمن وفعال للمواطنين    قليوب والقناطر تنتفض وسط حشد غير مسبوق في المؤتمر الانتخابي للمهندس محمود مرسي.. فيديو    خالد الجندي: الكفر 3 أنواع.. وصاحب الجنتين وقع في الشرك رغم عناده    أهم أحكام الصلاة على الكرسي في المسجد    مواقيت الصلاه اليوم الأربعاء 19نوفمبر 2025 فى المنيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عاطف سيد الأهل سفير مصر الأسبق بإسرائيل ل«صوت الأمة»: إسرائيل تريد تغيير موازين القوى الأمنية فى المنطقة وخلق واقع أمنى جديد
نشر في صوت الأمة يوم 05 - 10 - 2024

السفير عاطف سيد الأهل سفير مصر الأسبق بإسرائيل ل«صوت الأمة»:
إسرائيل تريد تغيير موازين القوى الأمنية فى المنطقة وخلق واقع أمنى جديد
طوفان الأقصى كانت قاسية جدا على تل أبيب ودفعتها للتفكير بشكل كامل للقضاء على حماس
تل أبيب استعدت لمواجهة حزب الله بعملية «البوصلة» وكلفتها 5 مليارات دولار.. والحروب البرية السابقة لم تسفر عن نصر حاسم
الإعلام العبرى وصف التوغل البرى فى لبنان ب«فخ الموت».. وجيش الاحتلال يرى الوقت مناسبا لعمل حزام أمنى
الحكومة الإسرائيلية سترفض أى جهود لوقف إطلاق النار.. والسر فى وصايا زئيف جابوتنسكى
نتنياهو يبحث عن لقب الأسطورة.. ويستخدم قانونا وضع عام 1981 يسمح له باتخاذ كل ما يريده أو يراه مناسبا
الموساد اخترق سلاسل توريد أجهزة حزب الله وخطط لتفجيرات البيجر.. وخيانة ساعدت على اغتيال حسن نصر الله

مر عام على العدوان الإسرائيلى الدامى على غزة، وما زالت تل أبيب مستمرة فى انتهاكاتها، قتلت ما لا يقل عن 40 ألف مواطن فلسطينى وباقى سكان القطاع يعيشون أوضاعا مأساوية وصعبة، دمرت المبانى والمستشفيات وشبكات الكهرباء ومحطات المياه والاتصالات، ولم تكتف بالإجرام هنا فراحت تحول لبنان وجنوبها إلى غزة جديدة، لتبث فيها الرعب عبر القصف المتتالى لمدنها، فما الذى تريده إسرائيل ورئيس وزرائها المتطرف بنيامين نتنياهو؟ ولماذا اعتمدت على سياسة الاغتيالات؟ وكيف سيكون شكل الصراع بين حزب الله وإسرائيل بعد اغتيال نصر الله؟
للإجابة عن هذه الأسئلة وأسئلة أخرى، أجرينا هذا الحوار مع السفير عاطف سيد الأهل سفير مصر الأسبق فى إسرائيل، ليطلعنا على رؤيته لهذه الحرب ومستقبلها وكيف تفكر تل أبيب وما تريد من المنطقة؟.. وإلى نص الحوار:

عام كامل مر على بداية العدوان الإسرائيلى على غزة.. كيف ترى كل ما حدث خلال هذه المدة؟
بعدما حدثت هجمات طوفان الأقصى فى السابع من أكتوبر كان لرئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو تصريحات هدد فيها بحرب طويلة ومدمرة وستغير وجه الشرق الأوسط، ووصفها بأنها «مهمة حياته»، حتى بدأ العدوان بعملية تهجير وتدمير شامل فى القطاع تتضمن القضاء على الأخضر واليابس وتدمير الأرض والزرع والبشر والحيوان وكل شىء، وأعلن نتنياهو حينها أنها حرب رسمية وفق القانون الإسرائيلى، وهى تعتبر الحرب الخامسة فى تاريخ إسرائيل، ولأول مرة تعلنها تل أبيب بعد حرب 1973، خاصة أن عملية طوفان الأقصى كانت قاسية جدا على تل أبيب ودفعتها إلى التفكير بشكل كامل للقضاء على حركة حماس وتدمير قدراتها، وجعل غزة منطقة غير قابلة لتهديد إسرائيل فى المستقبل.
إسرائيل كانت لها استراتيجية منذ عام 2009 حتى 2023، تعتمد على الحفاظ على حكم حركة حماس، والحفاظ على السلطتين فى الضفة وغزة ضعيفتين، فضلا عن توسيع الانقسام الواقع بينهما، لدرجة كان هناك تخوف إسرائيلى من سقوط حماس لعدم تحول غزة إلى صومال جديد، تنتشر فيها جماعات مثل جيش الإسلام وسيف الحق، وكلها مجموعات عنقودية تتبنى الفكر الجهادى السلفى.
لكن عقيدة إسرائيل هذه انقلبت بعد السابع من أكتوبر، وتحولت تل أبيب من سياسة الدعم والمساندة لحماس إلى الردع والحسم والإعاقة ومنع وإحباط وتدمير قدراتها، لدرجة أن وزيرة المخابرات الإسرائيلية أكدت أن تل أبيب ستجرى كل ما فى وسعها فى سبيل القضاء على حماس، وأن وجود المحتجزين فى القطاع لن يؤثر على قرار الحكومة بخصوص سير الحرب فى غزة، ومنذ ذلك الوقت ارتكبت تل أبيب الكثير من الانتهاكات، دمرت مبانى وطرق ومستشفيات فى عدوان أدى إلى أوضاع إنسانية صعبة وضحايا بالآلاف، ومستمرة فى هجومها الجوى بدعم غربى ومساندة القوى الاستعمارية.
كيف تأثرت لبنان بالعدوان على غزة، وما سببت تصاعد التوتر بين حزب الله وإسرائيل بهذا الشكل؟
على مدى التاريخ، حزب الله كان يمثل أكبر تهديد أمنى لإسرائيل فى ظل إمكانياته التسليحية وعدد قواته، خاصة أنه قام بحروب سابقة مع إسرائيل فى 2006، لذلك كل الدراسات التى تحدثت عنه أنه التنظيم الأكثر تسليحا فى العالم، حتى حينما عقد مؤتمر هرتسيليا السنوى للدراسات الأمنية فى إسرائيل فى بداية 2023 كان يصب كل تركيزه على أن قدرات حزب الله وإيران تمثل تهديدا مباشرا لإسرائيل، مركزة على القدرات التسليحية لحزب الله والتى مثلت فى ذلك الوقت نحو 10 أضعاف قدرات حماس.
وكانت هناك تحذيرات أمريكية دائمة لتل أبيب بعدم البدء فى توجيه ضربة استباقية للحزب، خاصة أنه كان يمارس حالة من عدم اليقين، لا سيما فى ظل عملياته المحدودة وعدم رغبته فى اندلاع حرب مع إسرائيل، واللعب على الجانب النفسى واكتفائه بتمثيل تهديد على الجبهة الشمالية وتسببه فى نزوح المستوطنين الإسرائيليين من الشمال بعد أن شكل حزاما أمنيا داخل هذه الجهة.
مع الوقت تغيرت المعادلة قلبا وقالبا، لأن تل أبيب لها دائما قاعدة عامة فى تعاملها مع أمنها تعتمد على نقل المعركة إلى أرض القوة المنافسة، لذلك وضعت خطة عمل تدعى «البوصلة» بعد أن أجرت تدريبات عسكرية عليها، فى إطار مواجهتها لحزب الله، ووفق آخر التقديرات أنفقت ما لا يقل عن 5 مليارات دولار فى سبيل تحقيق ذلك، مع ضبط الجبهة الداخلية وتنفيذ العمليات السريعة للحد من قدرات حزب الله اللبنانى.
حافظت تل أبيب وحزب الله خلال السنوات الماضية على قواعد الاشتباك بينهما.. فما الذى دفع إسرائيل إلى كسرها باغتيال حسن نصر الله؟
إسرائيل من ضمن معتقداتها إقامة معارك محدودة بين الحروب، ويعنى ذلك تنفيذ عمليات سريعة لإرباك من تحاربه وإضعافه، ومن ثم عندما تبدأ الحرب تكون قد دمرت جزءا كبيرا من القدرات العسكرية لعدوها، وكان كل القادة الإسرائيليين متأثرين نفسيا بسبب نزوح التجمعات الإسرائيلية من الشمال الإسرائيلى، والثمن كانت تل أبيب تراه باهظا نظير الدخول فى معركة واسعة مع حزب الله، ولكن ما حدث هو تطور غير مسبوق، بداية من عملية تفجيرات البيجر وأجهزة اتصال حزب الله وأعوانه فى لبنان، وهى العملية التى ستكون محل دراسة نظير الاختراق الأمنى الكبير الذى حدث.
والمثير أن رئيس الموساد الإسرائيلى السابق كان قد أشار لهذا العمل العام الماضى، وقال إن «إسرائيل على استعداد للتدخل فى سلاسل التوريد لحزب الله»، لذلك كان هناك تخطيط لهذه العملية بشكل جيد منذ فترة.
وبدا واضحا قبل دخول إسرائيل فى هذه المعركة على الحدود اللبنانية أنها قامت بدراسة حزب الله بشكل جيد، ودرسوا خبراته التى اكتسبها من مشاركته فى الحرب الأهلية السورية، وبدأوا يتخذون إجراءات ما قبل اغتيال حسن نصر الله، والبحث فى كيفية تدمير البنية القيادية لحزب الله قبل تدمير البنية التحتية، وبغض النظر عمن تحدث عن أن مسيرات حزب الله ستخلق معادلة جديدة مع تل أبيب أو أن هناك فئات أخرى ستنضم للحزب من أفغانستان واليمن، إلا أن تل أبيب كانت قادرة خلال الأسابيع الماضية على إضعاف قدرات الحزب، ورغم أن هناك بعض التقديرات تشير إلى أن حزب الله فقد 5 % فقط من قدراته، إلا أن الواضح أنه فقد أكثر من ذلك بكثير.
ما تأثير اغتيال حسن نصر الله على العمليات الإسرائيلية فى لبنان وغزة؟
إسرائيل فى البداية كان لديها استعداد أنها تدرس موضوع النقاط ال13 المتنازل عليها على الخط الأزرق الحدودى مع لبنان، وكان هدفها إعادة نحو 80 ألفا إلى 100 ألف مستوطن إسرائيلى ل43 مستوطنة فى الشمال كانوا قد نزحوا بسبب ضربات حزب الله منذ بدء العدوان على غزة، وإعادة عمل الشركات والمدارس التى أغلقت، والتى كلفت إسرائيل كثيرا.
وكان الهدف أيضا فى السابق هو فك الارتباط بين ما يحدث فى غزة وما يحدث فى الشمال مع حزب الله، وإبعاد الحزب نحو 30 كيلومترا إلى شمال نهر الليطانى أو على أقل تقدير 10 كيلومترات، وهو ما فشل فى تحقيقه، وكانت هناك محاولات أمريكية عبر المبعوث آموس هوكشتاين لمحاولة وضع حلول لتقريب وجهات النظر بين اللبنانيين والإسرائيليين حول هذا الأمر، لكن لم يصل إلى أى حلول، لذلك اتخذت إسرائيل قرارا بالتصعيد فى لبنان وتكثيف اعتداءاتها وتنفيذ عدد من الاغتيالات على أمل أن يجرها الحزب إلى حرب برية، رغم أن الحروب البرية السابقة لم تسفر عن نصر حاسم لإسرائيل أو لأى منهما، وأن أى لجوء لعملية برية قد يؤدى إلى منطقة عازلة، كما حدث فى العمليات البرية السابقة لإسرائيل بلبنان، خاصة أعوام 1982 و2000 و2006، وجميعها لم تستطع فيها إسرائيل أن تقضى على قدرات حزب الله فى هذه الفترة.
أعلن جيش الاحتلال بدء عملية برية فى لبنان.. فكيف ستكون شكلها برأيك؟
التوغل البرى الإسرائيلى فى لبنان سيكون بطيئا وحذرا ومدروسا، وحذرت منه بعض وسائل الإعلام الإسرائيلية باعتباره «فخ الموت»، قبل عملية اغتيال حسن نصر الله، ولكن الآن الوضع مختلف وأيا كان شكل العملية إذا كانت توغلا محدودا للبلدات الحدودية كما حدث فى 2006 أو الوصول لمشارف بيروت كما فى عام 2002، ترى تل أبيب أن الفرصة مناسبة أكثر من أى وقت مضى للدخول إلى لبنان لعمل حزام أمنى يمنع أى تقدم لقوات حزب الله نحو إسرائيل.
كيف تتوقع رد حزب الله؟ وما تأثيره مؤخرا عليه؟
حزب الله ليس فى يده القرار كاملا، فهناك بعض الخلافات داخل الحزب حول أسلوب الرد، لأن الحزب كان متحفظا جدا فى التعامل مع الضربات الإسرائيلية المتوالية والاغتيالات التى تمت بشكل كبير، وتنامى الغضب داخل صفوفه وحتى بين السكان المحليين من الحرس الثورى الإيرانى الذى لم يساعد الحزب فى هذه الحرب، وكان واضحا أن قيادة الحزب وعلى رأسهم حسن نصر الله، يسعى لتجنب حرب إقليمية تستدرج من خلالها إيران للحرب مع الولايات المتحدة الأمريكية، إلا أن إسرائيل وضعت مجموعة من الترتيبات تمثلت فى سلسلة الاغتيالات والعمليات الاستخباراتية لتنفيذ تفجيرات البيجر وتوسيع الهجمات الجوية على مدى الساعة، لتنجح فى إخراجه من دائرة المحور المساند لقطاع غزة ودفعه بشكل كبير للتحرك والداخل، لأن عددا كبيرا من قوات النخبة فى حزب الله وما يسمى بكتيبة الرضوان، هربت داخل لبنان، وكان الهدف إلحاق ضرر بالقيادة وعناصر الحزب وقدراته العسكرية.
ماذا تريد إسرائيل من كل هذا التصعيد فى الشرق الأوسط؟
قبل اغتيال نصر الله، بدا واضحا أن إسرائيل تتحرك فى لبنان بتعليمات ووفق تحذيرات أمريكية، وكان هناك خوف إسرائيلى من اتساع المعارك والبدء فى حرب شاملة، وهو ما يتضح من أن عملية المساندة لهذه الجبهة الشمالية على حدود لبنان كانت تنخفض وترتفع وتيرتها على فترات مختلفة.
لكن مجموعة من الأسباب دفعت تل أبيب أن تتحرك بهذا الشكل فى لبنان، أولا دور حزب الله المساند لغزة، والذى شغل ثلث القوات البشرية فى جيش الاحتلال الإسرائيلى، حيث أجبرت إسرائيل على وضع قوات ولواءات وفرق على الحدود الشمالية لها تتعدى 30 % من قدراتها البشرية، بالإضافة إلى شل حركة الحياة فى الشمال، وعمل نزوح للسكان الإسرائيليين بالشمال، بالإضافة إلى تضرر ما لا يقل عن 40 % من منازل الشمال، وما دفع تل أبيب أكثر إلى التوجه نحو شن حرب على جنوب لبنان هو خلق حزب الله لأول مرة حزام أمنى داخل المناطق الشمالية، لذلك أرادت إسرائيل تغيير موازين القوى الأمنية فى هذه المنطقة وخلق واقع أمنى جديد يمثل حالة من التفوق له.
من واقع خبرتك فى التعامل مع إسرائيل، لماذا يرفض نتنياهو الجهود المقدمة لوقف إطلاق النار؟
نتنياهو سيرفض ويعرقل أى جهود لوقف إطلاق النار فى غزة وتهدئة الوضع فى لبنان لعدة أسباب، فهو يقتدى بالقيادى اليهودى زئيف جابوتنسكى، ويقدمه على أنه ملهمه ومرشده الروحى، وهو الذى لديه عقيدة التدمير والقوة والعنف، ويحمل فكرا يمينيا شديد التطرف، وهو ما يطبقه نتنياهو الآن، والقانون الإسرائيلى الذى وضع عام 1981 يسمح له باتخاذ كل ما يريده أو يراه مناسبا، حيث إن صلاحيات رئيس الحكومة الإسرائيلية واسعة وهو صاحب القرار النهائى، لذلك استخدم نتنياهو تلك الصلاحيات ليسجل نفسه وفقا لمزاعمه وتفكيره بأنه «أسطورة»، لذلك لا يريد أن يخرج من الحرب القائمة بعقد صفقة أو التنازل والتراجع عن أى مخطط له حتى تحقيق أهدافه المرجوة وهى القضاء على حماس وحزب الله، برغم من المشاكل التى أحيطت به فى الداخل الإسرائيلى خلال السنوات الماضية والمتمثلة فى التعديل القضائى والتى أدت إلى مظاهرات عدة ضده، بالإضافة إلى فشل جهازه الاستخباراتى فى كشف هجمات السابع من أكتوبر، التى مثلت إهانة كبيرة له وسط الإسرائيليين، إلا أن ما يمارسه الآن من تصعيد فى غزة وجنوب لبنان يلقى استحسان الإسرائيليين فى الفترة الحالية، واستطلاعات الرأى العام تثبت ذلك، لذلك لا أعتقد أنه سيكون مجبرا على التوقف عن الاستمرار فى الحرب، ولن يغير من هذه القناعة، وتاريخه المتطرف وقراءتى لسياسته أنه ليس من السهل الضغط عليه.
كيف تنظر إلى الوضع الداخلى فى إسرائيل؟
كل ما يثار فى الإعلام حول وجود انقسام داخل إسرائيل بشأن سياسة التعامل مع غزة، أو الإطاحة بنتنياهو هو حديث إعلامى، خاصة بعد اغتيال قيادات حماس وحزب الله، حيث بدا واضحا حجم الدعم الإسرائيلى لنتنياهو، فالمعارضة جميعها تقف وراءه الآن، والانقسامات والخلافات جميعها تتلخص فى الانتخابات، حتى أن الخلافات الدائرة بين نتنياهو ووزير دفاعه يوآف جالانت كلها تتعلق بهواجس لدى نتنياهو الذى يتخوف من تعزيز علاقة جالانت بالولايات المتحدة ومن ثم الإطاحة به من الحكومة، لذلك حاول أن يقوم باستبدال جالانت بجدعون ساعر، لكن حرب لبنان أخرت هذه الخطوة.
ما مستقبل نتنياهو برأيك فى ظل المعارضة الداخلية لسياسته؟
ما حدث مؤخرا من اغتيال إسماعيل هنية فى إيران، واغتيال حسن نصر الله، واغتيال قيادات حماس وحزب الله بصفة عامة، رفع من أسهم نتنياهو فى استطلاعات الرأى الإسرائيلية، وتعدى رئيس الوزراء الإسرائيلى شعبية كل المعارضة التى لها مصالح سياسية وانتخابية، وتعارض الحكومة من أجل السياسة الداخلية فقط، لكن كل السياسات العامة وخاصة الخارجية الصادرة عن إسرائيل تتم بالتوافق بينهما، والاختلاف الواقع فيما بينهم فقط هو الاختلاف فى ترتيب الأولويات.
وفيما يخص الرهائن كانت إسرائيل اتخذت مجموعة من القرارات فى أعقاب صفقة جلعاد شاليط فى كيفية التعامل مع هذا الملف وهى الحفاظ على مواطنيها، إلا أنها فى هذه الفترة ضحت بهم، فرغم أن حكومة نتنياهو أرادت تدويل قضية الرهائن بمعنى أنها ضغطت على كل الدول التى تحمل الرهائن جنسيتها الثانية للمشاركة فى المطالبة بتحريرهم، إلا أنه فى النهاية ترسخت قناعة وخاصة لدى اليمين المتطرف بأن مصلحة إسرائيل أهم من مصالح الرهائن برغم المظاهرات والضغوط الممارسة من أهالى المحتجزين.
كيف ترى الدور الأمريكى، وما تأثير الانتخابات الأمريكية على الحرب الدائرة فى غزة ولبنان؟
تعمل إسرائيل بتنسيق كامل مع واشنطن، وكانت متخوفة من الوصول لحرب شاملة مع حزب الله، لأنها تمثل كابوسا اقتصاديا بسبب هروب الأموال من البنوك وانخفاض معدلات النمو، وكان الجانبان دائما يؤكدان على رغبتهما فى تجنب الحرب الشاملة ولكن ما حدث خالف كل التوقعات.
الولايات المتحدة الأمريكية لأول مرة فى التاريخ تؤثر عليها قضايا خارجية، حيث إن ما يحدث فى غزة والحرب الدائرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين تؤثر على الداخل الأمريكى والانتخابات الرئاسية وهو ما لم يحدث من قبل، وما يكشف هذا التأثير هو خروج عدد كبير من المظاهرات فى الجامعات الأمريكية وبأعداد ضخمة جدا وصلت إلى 56 جامعة، تدافع عن الجانب الفلسطينى وتظهر الجانب السيئ لجيش الاحتلال، وتدين السلوك الإسرائيلى الدموى والانتهاكات المرتكبة بحق الفلسطينيين.
ولكن الإدارة الأمريكية متواطئة بشكل كامل مع إسرائيل فى الحرب على غزة، حيث إنه من اليوم الأول تجتمع القيادات الأمريكية فى وزارة الدفاع الإسرائيلية لوضع الخطط الهجومية فى العدوان على غزة، وكانت فكرة اغتيالات قيادات حماس وحزب الله موضوعة من جانب رئيس الأركان المشترك الأمريكى، بالإضافة إلى المساعدة فى عمليات التجسس لصالح إسرائيل وعمليات التسليح والتمويل غير الطبيعية التى تتم فى إطار دعم تل أبيب ومساندتها بحجة «حقها فى الدفاع عن النفس»، وهو الدعم الذى لم يقتصر على واشنطن فقط، بل واصلت ألمانيا وبريطانيا دعمهما اللامسبوق لإسرائيل فى غزوها على غزة ولبنان.
نعود إلى عملية اغتيال نصر الله.. هل ترى أن تل أبيب اعتمدت فى تلك العملية على الجواسيس أم الاختراق التكنولوجى؟
عملية اغتيال حسن نصر الله، كانت بناء على ترتيبات إسرائيلية منذ فترة، وهو ما تحدث عنه أحد الناشطين الإسرائيليين على مواقع التواصل الاجتماعى إيدى كوهين، الذى أشار إلى تحديد تل أبيب لمكانه وتحركاته قبل فترة، وبالطبع هى عملية تحدثت بعض وسائل الإعلام أنها اعتمدت على التجسس، وهناك بعض من عناصر حزب الله ساعدت على تنفيذ عملية الاغتيال، وهناك أكثر من عملية كادت أن تنفذ بهذا الشكل فى إيران وخارجها ومنها ما تم رصده من قبل لبنان وإيران قبل التنفيذ، حيث اكتشف أنها تعتمد على تسريب المعلومات وتجنيد عملاء من الداخل الإيرانى واللبنانى، للمساعدة فى عمليات اغتيال القيادات الكبرى.
وبالفعل رُصد إعلاميا وجود عميل داخل حزب الله كان يدير شبكة اتصالات الحزب ساعد إسرائيل بشكل أو بآخر فى تنفيذ عملية اغتيال نصر الله، وما زاد من التشكيك فى هذه الرواية أنه اختفى بعد نجاح عملية اغتيال الأمين العام، لكن ستظل هذه المعلومات محل نقاش ودراسة حتى يتم كشف الحقيقة كاملة ومن وراء المساعدة فى القضاء على زعيم الحزب.
كيف تنظر الآن إسرائيل إلى حزب الله فى أعقاب اغتيال قيادات الصفين الأول والثانى؟
إسرائيل ترى أنه الوقت المناسب الآن لعمل حزام أمنى فى لبنان بصرف النظر عن أنها ستتعرض لهجمات متتالية من حزب الله قوية كانت أو ضعيفة، فى ظل عدم وجود قيادات كبيرة لحزب الله واختلاف المعادلة وأنها تمارس نفس السياسة التى تمارسها فى غزة، وكانت هناك تصريحات لبعض القادة الإسرائيليين بالدعوة إلى احتلال الجنوب اللبنانى بأكمله، لوضع الحزب كله تحت ضغط.
لذلك تل أبيب لم تعد مستعدة لتقديم أى تنازلات، وترى أن الضغط العسكرى الآن سيحسن من موقفها التفاوضى، وأن إسرائيل لها مجموعة من الأهداف أهمها الآن إنهاء حزب الله بشكل كامل، حيث كان دائما يمثل لها مشكلة امتدت معها على مدى سنوات طويلة جدا.
كيف رأيت تصريحات نائب الأمين العام لحزب الله الأخيرة فى أعقاب اغتيال نصر الله؟
تصريحات نائب الأمين العام لحزب الله اللبنانى نعيم قاسم، كلها للاستهلاك الإعلامى، حيث إن لديه الكثير من التصريحات والتهديدات منذ بدء الحرب على غزة باستهداف إسرائيل وضربها فى العمق، وكلها ذهبت سدى، والأسئلة المطروحة الآن هل هو لديه القدرة على ضرب إسرائيل؟ وهل إيران ستعطى له صلاحيات بتوجيه ضربات لتل أبيب؟.. أعتقد أنه سيحدث تغيير جذرى فى الحزب، وأن تهديدات نعيم قاسم ما هى إلا «تصريحات شعبية» خاصة بعد عملية اغتيال حسن نصر الله، وبدء عملية الغزو البرى لإسرائيل فى لبنان، لذلك أرى أن تأثير هذه التهديدات والتصريحات لم تكن لها قيمة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.