قادة اليمين الإسرائيلى متفائلون بعودة ترامب إلى البيت الأبيض، ويعتقدون أنها تفسح الطريق أمام ضم الضفة الغربيةالمحتلة، ويعتبر وزير المالية المتطرف سموتريتش أنها فرصة تاريخية لبسط السيادة على الضفة الغربية. وترامب له خلفيات سيئة فى الولاية الأولى، فهو من أوقف تمويل الأونروا وأغلق مكتب منظمة التحرير فى واشنطن عام 2018، ونقل سفارة بلاده إلى القدس وأعلنها عاصمة موحدة لإسرائيل عام 2017، ثم أعلن عام 2020 رؤيته لتحقيق «السلام» فيما عرفت ب»صفقة القرن» التى رفضها الفلسطينيون وقالوا إنها تنتقص حقوقهم ولا تتضمن إقامة دولة. الموقف يزداد صعوبة وسيناريو التهجير الذى تنفذه فى الضفة الغربية هو نفس سيناريو غزة، ومؤامرة التهجير التى أفشلتها مصر ورفضت تصفية القضية، وهو أيضا الموقف الأردنى القوى الرافض لتهجير الفلسطينيين وتصدير المشكلة لبلدهم. الضفة الغربية هى حلم إسرائيل وليس غزة، والمستوطنات تستهدف فرض أمر واقع جديد، وتعتبرها ميراث الآباء والأجداد وأرض الميعاد لتوطين مليون يهودى ف «يهودا» «والسامرا» كما تسميها، باعتبارها كما تزعم أرض دولتهم القديمة ومهد حضارتهم. الهجوم الإسرائيلى على الضفة الغربية الآن يستهدف تخريبها وجعلها مثل غزة غير صالحة للحياة، وحصار وضرب المستشفيات والمرافق والمنازل، لإثارة الخوف والرعب فى نفوس الفلسطينيين، وإعطائهم مهلة للبحث عن أماكن آمنة، مثلما يحدث فى غزة بالضبط، ولا يوجد مكان آمن يمكن اللجوء إليه. وأصبح المشهد المألوف المنتظر هو سقوط عشرات الآلاف من الضحايا، فى مأساة مروعة على غرار ما يحدث فى غزة، واقتحام المخيمات والقتل الممنهج وعدم السماح بدخول فرق الإسعاف والأطقم الطبية، وحرب التجويع ومنع المساعدات الإنسانية. وتستثمر إسرائيل عجز المجتمع الدولى والأمم المتحدة، ولا تعترف بالقانون الدولى والقانون الإنسانى واتفاقيات جنيف، فأصبحت جرائمها بلا عقاب واقتصر الأمر على بيانات الشجب والإدانة والمظاهرات فى بعض العواصمالغربية. وابتلع المجتمع الدولى أكذوبة أن إسرائيل تدافع عن نفسها، ولم تتمكن المؤسسات الدولية من اتخاذ أى إجراء لحماية المدنيين، ويتكرر نفس الأمر فى الضفة الغربية والجنوب اللبنانى. والموقف الأمريكى لن يختلف فى الضفة الغربية عن غزة، ولا بين بايدن وترامب، ما بين الزيارات المكوكية عديمة الجدوى لوزير الخارجية الأمريكية حتى يحين تسلم الإدارة الأمريكية الجديدة، مع استمرار جسر الإمدادات العسكرية لتل أبيب حتى تستكمل حرب الإبادة. والحل الوحيد المتاح الآن هو موقف عربى داعم لمصر والأردن، حيث إنهما دولتا الجوار، وتبذلان جهودًا كبيرة للتصدى لمخططات نتنياهو وحكومته، ومع أهمية بيانات الإدانة إلا أن المخاطر كبيرة وتتطلب أكثر من ذلك، وتنبيه «ترامب» من مغبة الانحياز المطلق لإسرائيل على حساب المصالح العربية، وتحذير إسرائيل بأنها لن تنعم بالعلاقات السياسية والاقتصادية مع الدول العربية، إلا إذا أوقفت عدوانها .