سيناريو غزة يتكرر الآن بالضفة الغربية، وشر البلية هو المسميات السينمائية، وأطلقت إسرائيل العملية العسكرية «المخيمات الصيفية» وأسمته المقاومة الفلسطينية «رعب المخيمات»، والأحداث أكبر من ذلك بكثير: أولًا: سيناريو التهجير بالضفة الغربية نفس سيناريو سيناء، الذى تحطم على صخرة الصلابة المصرية، ورفض تصفية القضية، وهو أيضًا الموقف الأردنى القوى الرافض للتهجير وتصدير المشكلة لبلاده. الضفة الغربية حلم إسرائيل وليس غزة، والمستوطنات تستهدف فرض أمر واقع جديد، وتعتبرها ميراث الآباء والأجداد وأرض الميعاد لتوطين مليون يهودى ف «يهودا» «والسامرا» كما تسميها، باعتبارها - كما تزعم - أرض دولتهم القديمة ومهد حضارتهم. ثانيًا: الهدف تدمير الضفة مثل غزة بحيث لا تصبح مكانًا قابلًا للحياة، واجتياح المخيمات بجيش كامل من الآليات والجرافات وكتائب حرس الحدود وغطاء كثيف من الطيران والمدفعية، وكأنها حروب الجيوش، وليس ضد المدنيين. هى حرب على كل شىء كما قال وزير الخارجية الإسرائيلى «يسرائيل كاتس»، دون وجود مبررات لهذا الغزو المجنون، مثل قيام حماس بعملية أكتوبر التى اتخذتها إسرائيل ذريعة لحرب الإبادة. ثالثًا: الهجوم الإسرائيلى على الضفة الغربية يستهدف أولًا حصار وضرب المستشفيات، لإثارة الخوف والرعب فى نفوس الفلسطينيين، وإعطائهم مهلة 4 ساعات للبحث عن أماكن آمنة، مثلما يحدث فى غزة بالضبط، ولا يوجد مكان آمن يمكن اللجوء إليه. وأصبح المشهد المألوف المنتظر، سقوط عشرات الآلاف من الضحايا، فى مأساة مروعة على غرار ما يحدث فى غزة تدريجيًا، واقتحام المخيمات والقتل الممنهج وعدم السماح بدخول فرق الإسعاف والأطقم الطبية، وحرب التجويع ومنع المساعدات الإنسانية. رابعًا: تستثمر إسرائيل عجز المجتمع الدولى والأمم المتحدة، ولا تعترف بالقانون الدولى والقانون الإنسانى واتفاقيات جنيف، فأصبحت جرائمها بلا عقاب، واقتصر الأمر على بيانات الشجب والإدانة والمظاهرات فى بعض العواصمالغربية. وابتلع المجتمع الدولى أكذوبة أن إسرائيل تدافع عن نفسها، ولم تتمكن كل المؤسسات الدولية من اتخاذ أى إجراء لحماية المدنيين، وقد يحدث نفس الأمر بالضفة الغربية. خامسًا: الموقف الأمريكى لن يختلف فى الضفة الغربية عن غزة، ما بين الزيارات المكوكية عديمة الجدوى لوزير الخارجية الأمريكية، ومبادرات بايدن التى تعرقل إسرائيل تنفيذها، واستمرار جسر الإمدادات العسكرية لتل أبيب حتى تستكمل حرب الإبادة. ويزداد الموقف صعوبة باقتراب موعد الانتخابات الأمريكية وانشغال البيت الأبيض حتى مجىء الرئيس الجديد يناير القادم، وتكون إسرائيل قد استكملت تدمير ما تبقى من غزة. سادسًا: الخطر الأكبر، تكرار محاولات اقتحام الأقصى والإعلان عن إقامة معبد يهودى، ونَفَّذ المستوطنون أكبر بروفة للاقتحام أبريل الماضى، ومنعوا المصلين الفلسطينيين من التواجد فى باحاته، ولن تتوقف المؤامرة كما يزعمون إلا بإعادة بناء هيكل سليمان والبحث عن الحفريات تحت المسجد، تحقيقًا لمزاعم دينية إسرائيلية كثيرة تقترب من الخرافات. سابعًا: الموقف العربى الذى تتبناه مصر والأردن يزداد صلابة وقوة، ويحتاج دعمًا عربيًا كبيرًا، حيث إنهما دولتا الجوار، وتبذلان جهودًا خارقة لوقف جنون نتنياهو وعصابته، ومع أهمية بيانات الإدانة، إلا أن المخاطر تتطلب أكثر من ذلك، وتوجيه إنذار لإسرائيل بأنها لن تنعم بالعلاقات السياسية والاقتصادية مع الدول العربية، إلا إذا أوقفت عدوانها.