تشير أرقام موثقة نشرتها صحيفة «معاريف» إلى مصادقة ما يُعرف ب«مجلس تخطيط المستوطنات» على بناء 24 ألف وحدة استيطانية فى الضفة الغربية منذ تولى وزير المالية بيتسلئيل سيموتريتش صلاحيات واسعة فى وزارة الدفاع الإسرائيلية إلى جانب حقيبته الوزارية. وحتى قبل العدوان على غزة، انفرد اليمين الإسرائيلى بإجراءات أحادية، تمنع إقامة دولة فلسطينية مستقلة، فبينما عزف اليمين عن ضم تقليدى لأراضٍ فى الضفة الغربية، قرر تغيير واقعها الديموغرافى عبر توسُّع غير مسبوق فى بناء المستوطنات، وصل قبل عدة أشهر فقط إلى 3 آلاف وحدة بمستوطنات «معاليه أدوميم»، و«إفرات»، و«كيدار»، فضلًا عن شروع قبل عدة أسابيع فى بناء 18.515 وحدة استيطانية جديدة بالضفة الغربية، تمهيدًا لتوطين ما يربو على مليون مستوطن خلال 2024، حسب ما نقلته صحيفة «يسرائيل هايوم» عن القيادى الحمساوى فى الضفة زاهر جبارين، ما يعنى اعتزام اليمين قضم ما يزيد على 30% من أراضى الضفة، وهى النسبة التى كان نتانياهو يتطلع إلى ضمها إبان إدارة الرئيس الأمريكى السابق دونالد ترامب. وبينما تلجم الاتفاقات الائتلافية رئيس الوزراء الإسرائيلي، وأبعدته حتى عن الضلوع فى إعادة ترسيم الواقع الاستيطانى فى الضفة، احتكر سيموتريتش (44 عامًا) كامل الملف، ورهن انضمام كتلته «الصهيونية الدينية» إلى حكومة نتانياهو فى 29 ديسمبر 2022 بموافقة الأخير الاستباقية على كل الإجراءات الاستيطانية، التى وصلت حد الاستعانة ببنوك خاصة إلى جانب الميزانيات التقليدية لتمويل المصنع الاستيطاني. وفيما وُصفت بإجراءات «محو الخط الفلسطينى الأخضر»، فرض سيموتريتش على نتانياهو إنشاء وزارة للاستيطان، وخصص لها بوصفه وزيرًا للمالية ميزانيات سنوية بمئات ملايين الشواكل (الشيكل: 0.27 دولار)، بالإضافة إلى إجبار شركات الهاتف المحمول على توسيع تغطية الشبكة فى الأراضى الفلسطينية المحتلة، وسن مبادرات وتشريعات لتحويل أموال إسرائيلية عامة إلى حسابات المستوطنات، وفق مجلة «ذى ماركر» العبرية. من كل زاوية، حصَّن سيموتريتش قرارات الاستيطان الأحادية، لقطع الطريق أمام أية محاولة لإعلان دولة فلسطينية مستقبلية، حتى جابه اعتراضات وعقوبات فرضتها الإدارة الأمريكية على نقاط استيطانية وعناصر متطرفة فيما يُعرف ب«مجلس المستوطنات». وردًا على خطوة البيت الأبيض، قرر الوزير المتطرف فك ارتباط منظومة البنوك الإسرائيلية مع مؤسسات تابعة للسلطة الفلسطينية، إذ تؤكد الأرقام مرور ما لا يقل عن 57 مليار شيكل عبر المنظومة المالية بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل سنويًا، وهو ما أدى إلى تراجع واشنطن عن العقوبات المفروضة. ولا يتردد سيموتريتش فى المبادرة إلى إجراءات عقابية ضد كل ما هو فلسطيني؛ فقبل أيام طرح على أعضاء المجلس الوزارى المصغر للشئون السياسية والأمنية (الكابينت) حتمية فرض عقوبات على السلطة الفلسطينية، نظرًا لما وصفه ب«تصرفاتها المناوئة لإسرائيل لدى الأممالمتحدة وفى محاكم لاهاي». وأصر الوزير المتطرف على عقد اجتماع فورى لما يسمى ب«مجلس التخطيط»، للموافقة على بناء عشرة آلاف وحدة استيطانية فى الضفة الغربية، بما فى ذلك المنطقة الفلسطينية المصنفة E1. ونشرت منظمة «السلام الآن» الإسرائيلية تقريرًا، اعتبرت فيه 2024 عامًا قياسيًا فى إطار محو هوية الأراضى الفلسطينية المحتلة وتحويلها إلى إسرائيلية، وعزت المنظمة اليسارية الخطوة إلى إصرار سيموتريتش على تصفية فكرة الدولة الفلسطينية. وأضاف معدو تقرير المنظمة: «تواصل حكومة نتانياهو» سيموتريتش بذل جهود غير مسبوقة لتعميق المستوطنات؛ فالخطوة هى بالأساس اختراع إسرائيلى للسيطرة على مناطق فى الضفة الغربية وحرمان الفلسطينيين من أية إمكانية للتنمية». عند تطبيق خطته الاستيطانية فى الضفة الغربية، لا يعترف سيموتريتش بخطوط حمراء، حتى بات يوصف هو وفريقه ب«دولة داخل الدولة»، لاسيما أنه دخل فى عراك مع وزير الدفاع يوآف جالنت حين اعترض الأخير على شرعنة نقاط استيطانية غير قانونية فى الضفة، لكن الوزير المتطرف كان قد اشترط على نتانياهو انتزاع ملف التنسيق الإسرائيلى مع السلطة الفلسطينية من وزارة الدفاع، ومنح نفسه كافة الصلاحيات المدنيةولتوسيع برامج المصنع الاستيطاني.