نفذ دوريات استطلاع من أعلى الجبال وتخفى بين الصخور في منطقة عيون موسى وسدر الحيطان وجبل المر، وتخفى داخل الجيش الإسرائيلي ليحصل على معلومات عن أهم ثلاثة محاور للعدو الإسرائيلي في حرب 1973 وينقلها للقيادة العسكرية. اللواء نصر سالم رئيس جهاز الاستطلاع الأسبق بالمخابرات الحربية، التحق بالكلية الحربية عام 1968 وتخرج منها عام 1970 م وفور تخرجه عمل بجهاز الاستطلاع وكان ملازما أول وقت قيام حرب أكتوبر 1937 م وكانت وظيفته الرئيسية هى جمع المعلومات وتقدير الموقف عن العدو من خلال معرفة نقاط قوته وضعفه . «بوابة أخبار اليوم» التقت به ليفتح لنا خزائن أسراره ويكشف أبرز المحطات في عمله لجمع المعلومات خلف خطوط العدو ... وإلى نص الحوار : • حدثنا عن نوعية المعلومات التي كنت تعمل على جمعها خلف خطوط العدو؟ قال: «عملت خلف خطوط العدو لمدة 180 يوما كأول قائد لمجموعة، وكانت مهمتي جمع المعلومات عن أهم تحصينات ومواقع العدو الإستراتيجية والحمد الله أن كافة المعلومات التي تم إعطائها للقيادة العامة للقوات المسلحة ساعدت بنسبة 100% في توجيه ضربات لأهم الحصون والدشم ونسف مطاراته وخاصة "تمادة"». • ماهي الصدمة التي تلقتها إسرائيل من جهاز الاستطلاع المصري ؟ قال: « في البداية كنت مكلفا بمهمة استطلاع لمدة 7 أيام.. ويوم 6 أكتوبر ولم أكن أعلم بميعاد الحرب، وعلمت حينها بنجاح الضربة الجوية، وعبرت القوات أثناء قيامي بالصعود إلى الطائرة برفقة مجموعتي لتنفيذ المهمة المكلف بها، وصلنا إلى المكان فوجدناه محاط بسلك شائك وتم اختراق السلك وصعدنا إلى أعلى نقطة في الجبل وبدأت تظهر معالم الموقع فكان به مطار إسرائيلي ولواء مدرع وتم إرسال كافة المعلومات عن الموقع بكل تحصيناته إلى القيادة العامة للقوات المسلحة وتم إرسال الطائرات التي قصفت الموقع والمطار». وتابع: «كانت صدمة قادة إسرائيل بأن قالوا بان أجهزة الاستطلاع المصرية جعلت سيناء والمواقع الحصينة للعدو كتابا مفتوحا أمام الجيش المصري، وأن أجهزة الاستطلاع بقيت في سيناء منذ يونيو 1967 م وحتى أكتوبر 1937 م وما بعدها بقيت العناصر ويتم تغييرها باستمرار وكان بفضل هؤلاء من خلال إعطائهم المعلومات عن كل صاروخ ودانة مدفع وقذيفة سبقها بلاغ من عناصر الاستطلاع لأنهم الجزء المخفي من جبل الجليد». • هل تعاون معكم بدو سيناء لأداء المهام المطلوبة منكم ؟ قال: «لقيت تعاونا من أهالي وشيوخ وعواقل سيناء طوال خدمتي خلف خطوط العدو وكانوا يتميزون بالوطنية والشجاعة وإنكار الذات رغم وجود قلة فاسدة وكان يتم الإبلاغ عنهم بواسطة الشرفاء من أبناء سيناء، وقالوا حينما عادت سيناء إلى أحضان الوطن أنها محفوظة بعين الله وبفضله وبأيدي أبناء القوات المسلحة، ولن يفرطوا فيها لأنها عادت بدمائنا الذكية وهى أمانة في أعناق هذا الجيل ومن بعده الأجيال القادمة». • ماهو أصعب موقف تعرضت له خلال تلك الفترة ؟ كشف: «هناك العديد من المواقف الصعبة التي وضعت فيها بطبيعة عملي ومنها كيف أتصرف في أسبوع ومعي 3 زمزميات مياه، وفى أحد المهام التي كلفت بها أثناء سيري اكتشفت على الخريطة أنه يوجد لسانا صخريا من الجبال الوعرة في زمام موقع العدو فقمت باختيار أعلى نقطة وتسلقت وكانت مفاجئتي أنها قريبة من موقع العدو فبعد أن صعدت إلى الجبل كنت في قلب موقع العدو وكان برج مراقبتهم قريب منى جدا، بعدها شعرت بأنني ميت ولكني أصررت على استكمال مهمتي وطلبت الشهادة ثم قمت بنقل المعلومات في 3 دقائق وأثناء إرسالها كانوا قريبين مني ولكنهم لم يكتشفوا أمري وحمدت الله على تأدية المهمة بنجاح على الرغم من صعوبتها». • حدثنا عن دور أبناء سيناء الوطني خلال تلك المرحلة وكيف كانوا يقومون بمساعدتكم؟ أجاب: «بدو سيناء لديهم روح وطنية عالية وكانوا يرفضون الاحتلال الإسرائيلي رغم محاولة الإسرائيليين الدائمة للضغط عليهم لعدم مساعدتنا أو أن يكون لهم ولاء لغير مصر، تارة بالإغراء المادي وتوفير الكثير من حاجاتهم، وتارة أخرى بالتعذيب والتنكيل بهم ليخافوا ولكنهم رفضوا ذلك وتحملوا وصمدوا وقدموا لنا كافة المساعدات الممكنة لإعاشتنا وإخفائنا عن أعين مخابرات العدو ودورياته، وبدو سيناء مازالت تربطني بهم حتى الآن علاقة جيدة وأثناء عملي كنت حريصًا على أن أظهر كواحد منهم في العادات والملابس وكل شيء، وقد دعمنا شيوخ القبائل بالإمداد بالدقيق الذي كنا نعجنه بالماء وكنا نخبزه على الشمس ونأكله، والماء والملابس البدوية». • ما هى أبرز عمليات الاستطلاع التي كلفت بتنفيذها؟ قال: «كنت أنفذ دوريات استطلاع من أعلى الجبال وأتخفى بين الصخور في منطقة عيون موسى وسدر الحيطان وجبل المر، وبعد عبور الجيش المصري إلى الضفة الشرقية ورغم تحقيق الانتصارات، مهمتنا لم تنتهِ، بل كنا نقوم بإبلاغ القوات العابرة بأوامر القيادة في الأماكن التي كان يصعب فيها الاتصال خصوصًا عند تغيير بعض الخطط ومن الصور التي لا أستطيع نسيانها صباح يوم 8 أكتوبر عندما قام الطيران الإسرائيلي بعمل هجمات مكثفة ضد وحدات الدفاع الجوي وقصف إحدى السرايا بقنابل زمنية وقنابل ال"بلي" المحرمة دوليًا». وتابع: «كانت مهمتي هي إبلاغ قائد السرية بسرعة الإخلاء والمناورة إلى موقع آخر تبادلي مع اتباع كافة التعليمات والإجراءات الخاصة، وبناءًا على ذلك قام قائد السرية بالإخلاء حسب التدريبات التي قام بها قبل الحرب إلى موقع آخر بديل». • كيف ترى الحرب على الإرهاب الآن مقارنة بحرب أكتوبر؟ أولا أود أن أشيد بعمل عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، في مواجهة الإرهاب وجهود رجالنا البواسل من القوات المسلحة في الحرب الدائرة الآن مع قوى الظلام والإرهاب، فالحرب على الإرهاب لا تقل أهمية وخطورة عن حرب أكتوبر بل هي أصعب منها؛ لأنك لا تحارب اليوم جيشًا نظاميًا محددًا، ولكن تخوض حرب شوارع مع عناصر كالأطياف والأشباح، فهو عمل ممتاز أسأل الله أن يوفقه، وأطالبه باستثمار روح أكتوبر للقضاء على الإرهاب.