اعتبر الشارع المصري، استمرار مناقشة مجلس الشوري لقانون السلطة القضائية، هو استكمالا للصراع بين السلطتين القضائية والتنفيذية. وكان الصراع بين السلطة القضائية والتشريعية، قد اشتعل عقب طرح مقترح قانون السلطة القضائية -الذي تقدم به حزب الوسط- بمجلس الشوري للمناقشة. ويبدو أن أعضاء الشوري، وخاصة أعضاء جماعة الإخوان المسلمين وحزب الوسط، يصرون علي إقرار القانون وعدم الانتظار لحين انتخاب مجلس نواب جديد، ولهم في ذلك وجهة نظرهم، رغم محاربة السلطة القضائية لذلك القانون الذي تنظر إليه علي أنه يمثل اعتداءاً عليها. فعقب صدور حكم القضاء الإداري بالإسكندرية برئاسة المستشار محمد خفاجي، الذي طالب فيه "الشوري" بالتريث في مناقشة قانوني " تنمية قناة السويس" و"السلطة القضائية" لحين انعقاد مجلس النواب، مؤكدًا أن سلطة المجلس في التشريع مقيدة بالضرورة ومسئوليته سن القوانين الملحة. ولكن فوجئ المصريون بهجوم ضار من وكيل اللجنة التشريعية بمجلس الشوري طاهر عبد المحسن، ونائب رئيس حزب الوسط عصام سلطان، علي أعضاء المحكمة وخصوصا رئيس المحكمة المستشار محمد خفاجى، حيث قال الأول أنه سيقطع يد هذا القاضي، بينما وصفه الثاني بأنه قاضي "سوزان مبارك". ورغم أن المستشار محمد خفاجي، قد أصدر عدة أحكام قبل ثورة 25 يناير منها ما كان لصالح جماعة الإخوان المسلمين أنفسهم، فتحديدا فى 2001، أصدر خفاجي حكما بإلغاء قرار جامعة الاسكندرية بمنع طلاب الاخوان من المشاركة فى انتخابات اتحاد الطلاب بسبب تقارير جهاز أمن الدولة المنحل التي كانت تمنعهم من المشاركة، وتغنى الإخوان للمستشار خفاجي قائلين:" لا إله إلا الله إن في مصر قضاة"، وبعده عدة أحكام تاريخية شهد لها الجميع. ولكن الهجوم على خفاجي بعد محاولته إثناء الأغلبية في مجلس الشورى عن مناقشة قانون السلطة القضائية، وإرجاءه لحين انتخاب مجلس نواب، هو ما يؤكد تداخل الصراع السياسي بين جماعة الإخوان وأغلبيتها بالمجلس من جهة والسلطة القضائية من جهة أخرى. فمنذ مجيء الرئيس محمد مرسي إلى السلطة، لم تكد أزمة ما تهدأ بين مؤسستي الرئاسة والقضاء، حتى تشتعل أزمة جديدة، بدءا من أزمة عودة مجلس الشعب، رغم حكم المحكمة الدستورية العليا بحله، مرورا بالإعلانات الدستورية التي أصدرها الرئيس مرسي نفسه ثم عدل عنها، والإصرار على استمرار عمل النائب العام رغم تحفظ القضاة على طريقة اختياره، وصولا إلى أزمة قانون السلطة القضائية الذي أحدث جدلا واسعا، وأثار مخاوف كبيرة من تسييس القضاء وأخونته، على حد وصف المعارضين، خاصة في ظل ما يتردد حول ما يترتب على القانون من استبعاد 3500 قاض من العمل القضائي. فمن جهتهم اعتبر البعض من القضاة أن مجلس الشورى، هو مجلسا شكليا بلا وظيفة محددة وانتخبه 7% من المصريين فقط، ومن ثم لا يحق له مناقشة قانون السلطة القضائية، معتبرين أن مواصلة مناقشته من قبل مجلس الشورى، هو اعتداء وانتهاك واضح على القضاء. واعتبر البعض الأخر أن هناك حالة احتقان متبادلة بين القضاة وبين مؤسسة الرئاسة، وأن تعديلات القانون تمثل الأداة التي تستخدم في هذا الصراع المكتوم بين السلطة القضائية والتنفيذية. ويبدو أن المجلس التشريعي يصر على المضي قدما في نظر التعديلات وأنه لن يتراجع عن نظر مشروع القانون، خاصة بعد الموافقة المبدئية على القانون وإحالته للجنة التشريعية بالمجلس.