د. ملك رضا ومنال شاهين ود. ماجدة قنديل ود. سعاد رزق خلال اللقاء وانتهي الرأي الي ان القضية لا يمكن حلها ب »جرة قلم«! اتحدث عن الاقتصاد غير الرسمي والدعوات التي تتوالي بين الحين والآخر لدمجه في الاقتصاد الرسمي، وهي القضية التي شغلت بال العديد من الحكومات واستغرقت وقتا طويلا تدور حولها افكار خبراء الاقتصاد في العديد من مراكز الابحاث. ولعل آخر هذه المراكز هو المركز المصري للدراسات الاقتصادية حيث استضاف مجموعة من الخبراء حول مائدة حوار بشأن دعم قدرات محدودي الدخل من خلال تقنين اوضاع الاقتصاد غير الرسمي. القضية متشعبة ومعقدة للغاية والاقتراب منها يتطلب اكبر قدر من الحذر وترتبط ارتباطا وثيقا بقضية العشوائيات سواء المناطق السكنية او الاسواق او الصناعات والانشطة العشوائية التي يطلق عليها البعض انشطة »بير السلم«! فريق الخبراء الذي طرح القضية ضم كلا من د. ماجدة قنديل المدير التنفيذي للمركز المصري للدراسات الاقتصادية ومنال شاهين مدير وحدة متابعة المشروعات بصندوق تطوير المناطق العشوائية ود. سعاد كامل رزق استاذة الاقتصاد بجامعة القاهرة ود. ملك رضا أستاذة الاقتصاد بجامعة القاهرة.. ومع هؤلاء كان هناك آخرون مثل د. سمير رضوان وزير المالية الأسبق واللواء ابو بكر الجندي رئيس جهاز التعبئة العامة والاحصاء ود. سحر الطويلة مديرة مركز العقد الاجتماعي والخبير الاستثماري عادل العزبي والخبيرة الاقتصادية د. مني الجرف ود. امنية حلمي استاذة الاقتصاد وكبيرة الاقتصاديين بالمركز المصري للدراسات الاقتصادية وميراي نسيم المديرة التنفيذية لجمعية »تكافل« وآخرون طرحوا افكارهم بشأن قضية الاقتصاد غير الرسمي الذي يشكل نحو 43٪ من النشاط الاقتصادي في مصر لعام 8002. البعض يري سرعة ادماج هذه الانشطة في الاقتصاد الرسمي لتدفع ما عليها من ضرائب وتستطيع الحصول علي ما تحتاجه من تمويل مصرفي وبالتالي تصبح انشطة رسمية وخاضعة للقانون أي »تعمل في النور« لكن آخرين يرون عكس ذلك أو علي الاقل عدم الاقتراب »الآن« من تلك الانشطة حتي لا نفقدها.. ورأي ثالث يري التدرج في علاج القضية والتعامل معها بعقلانية. بداية تشير د. ملك رضا الخبيرة بالمركز المصري للدراسات الاقتصادية الي المقصود بالاقتصاد غير الرسمي فتحدده في كل الاصول والانشطة العقارية والتجارية غير المسجلة بصورة رسمية او قانونية والتي لا تخضع للضريبة او الرقابة وهي انشطة غير مسجلة في الحسابات القومية. وتطرح تقديرات لصندوق النقد الدولي حول حجم هذا الاقتصاد بالنسبة للنشاط الاقتصادي في بعض الدول حيث يبلغ في كل من الصين وسنغافورة نحو 41٪ وفي البرازيل 04٪ وفي المغرب 44٪ اما مصر فانه يمثل 43٪ وفقا لبيانات 8002. كما اشارت دراسة أخري تمت عام 0102 الي ان نحو 48٪ من المنشآت الصغيرة والمتوسطة في مصر غير رسمية! وتضيف د. ملك مشيرة الي ان تعدد القوانين والقرارات المرتبطة باقرار وحماية الحقوق العقارية تعتبر من العوائق التي تحول دون الانضمام الي الاقتصاد الرسمي بجانب تعدد الكيانات الحكومية المسئولة عن تخصيص واقرار وحماية هذه الحقوق وعلي سبيل المثال فإن اجراءات تسجيل وثائق الملكية والعقود تحتاج الي 69 خطوة تستغرق 802 أيام! ولذلك يلجأ المواطنون الي اجراءات اخري لحماية حقوقهم من خلال ما يسمي بدعاوي الصحة والنفاذ للعقود رغم كونها تحتاج الي 27 خطوة وتستغرق 262 يوما لكنها اقل من الاخري. ولأن العشوائيات تمثل اصولا اخري غير رسمية فقد تطرقت اليها دراسة د. ملك رضا حيث تشير الي ان عدد العشوائيات بمصر بلغ 1711 منطقة عدد سكانها 51 مليونا وقد تضاعفت مساحة العشوائيات 81 مرة في القاهرة الكبري من عام 0591 حتي 6002 لتصل الي حوالي 021 كيلو مترا مربعا! وقالت ان القاهرة يحيط بها حزام من المناطق العشوائية يبلغ عددها 18 منطقة سكانها حوالي 1.6 مليون نسمة. واشارت الي ان ابرز العقبات التي تحول دون تطوير هذه المناطق تكمن في غياب التنسيق بين الجهات الحكومية واقترحت الدراسة اجراء تعديلات قانونية تشجع علي تسجيل العقارات وهو ما يكفل اجراء التسجيل من خلال 42 خطوة تستغرق 17 يوما فقط بدلا من الوضع الحالي الذي يتطلب 69 خطوة تستغرق 802 أيام! وقالت ان خفض الوقت والتكلفة وتيسير الاجراءات سيترتب عليه التحول التدريجي للاقتصاد الرسمي وما يترتب عليه من تمكين المصريين وخاصة محدودي الدخل من استغلال اصولهم، وتمكين صانعي السياسات من توصيل المساعدات والدعم للمستحقين. الخلاصة ان العشوائيات وخاصة حول القاهرة الكبري تمثل قنبلة موقوتة وهناك حاجة ماسة لتطويرها. وهذا ما تناولته منال شاهين مديرة وحدة متابعة المشروعات بصندوق تطوير المناطق العشوائية حيث حددت تلك المناطق في مناطق غير مخططة وهي تتطلب تنمية متوسطة وطويلة الاجل، ومناطق غير آمنة تتطلب تدخلا حاسما فوريا. ووفقا لآخر البيانات حتي 51مايو العام الماضي فإن هناك 383 منطقة عشوائية غير آمنة تتراوح درجات الخطورة وعدم الامان ما بين الدرجة الاولي حتي الرابعة فهناك 92 منطقة تمثل خطورتها درجة اولي و662 منطقة درجة ثانية و86 درجة ثالثة و02 درجة رابعة. هذا بجانب 248 سوقا عشوائيا تم حصرها في 51 محافظة منها 291 سوقا اسبوعيا و5 أسواق سنوية و546 سوقا يوميا! كل هذه الاوضاع اثارت شهية الخبراء لطرح افكارهم حيث اشارت د. سعاد كامل رزق استاذة الاقتصاد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة الي انه اذا كان الاقتصاد المصري يمر حاليا بمرحلة من الركود اثرت علي حجم البطالة والتشغيل فانه من الحكمة الابتعاد حاليا عن كل ما يزيد من تلك الاثار. وقالت ان الفوضي الاقتصادية والانفلاتات الامنية من شأنهما استمرار عدم ثقة المستثمرين في القدوم لمصر علي الاقل في المرحلة الراهنة. واضافت مؤكدة علي خطورة الدعوة »حاليا« لدمج الاقتصاد غير الرسمي في الاقتصاد الرسمي وقالت ان الامر يحتم التريث الآن واشارت الي ان الحكومة بين نارين: نار الحرص علي جلب الضرائب من الانشطة غير الرسمية ونار استمرار هذه الانشطة لما تمثله من فتح ابواب التشغيل! واضافت ان الوزير الاسبق د. يوسف بطرس غالي كان يتكلم كثيرا عن محاصرة مصانع بير السلم بهدف تقنين اوضاعها بحثا عن 01 مليارات جنيه في صورة ضرائب مستحقة! واكدت د. سعاد رزق ان تجارب الدول الاخري تدعو للتريث في مثل هذه الامور حتي لا تختفي هذه الاوعية الضريبية بالكامل! وقالت انه لا يمكن القول ان كل الانشطة في ذلك القطاع غير رسمية أو غير منظمة وبالتالي فإن السياسات التي قد تصلح لبعضها قد لا تصلح للاخري. والتأني مطلوب في مثل هذه الاوضاع كما قالت د. سعاد مشيرة الي ان الشرارة الاولي للثورة التونسية بدأت من اعتداء الشرطة هناك علي بائع متجول »بوعزيزي« اضطر الي اشعال النار في جسده! والامر كما اضافت لا يمكن حله بجرة قلم الامر يستحق مراجعة جادة لكل الاجراءات.. ولو تم حسم المشكلة بجرة قلم سوف نصل الي نتيجة واحدة هي اضعاف هذه الانشطة! وأضافت مشيرة الي دعاوي قالت انها خطيرة وتتمثل في تصريحات لوزير ثقافة سابق هو محمد عبدالمنعم الصاوي الذي طالب بتجريم الانشطة غير الرسمية من خلال الدستور. واكدت ان هذه الدعوات لها تداعيات خطيرة في ظل البطالة التي وصلت الي 4.21٪ و3.3 مليون عاطل كما اشارت الارقام الخاصة بالربع الاخير من عام 1102.. وكذا في ظل انفلات امني يقتضي الحرص والتريث في اتخاذ القرارات. وفي ضوء هذا وذاك جاءت اقوال د. سحر الطويلة مديرة مركز العقد الاجتماعي والتي اتفقت في الرأي مع رأي د. سعاد رزق بأنه لا يمكن حل المشكلة بجرة قلم، واقترحت حلا عقلانيا يتمثل في استراتيجية تستمر 01 سنوات للتعامل مع الانشطة غير الرسمية من خلال تشريع يقضي بالاعفاء تماما من الضرائب وعدم تطبيق معايير العمل المتعارف عليها خلال السنوات العشر وهي عبارة عن فترة انتقالية تمهيدا للدخول في الاقتصاد الرسمي بشكل تدريجي بما يكفل حل المشكلة بشكل نهائي. وقالت د. سحر: هذا لو كانت هناك نية صادقة لأي حكومة قادمة! كل ذلك يعني ان القرارات او الادوية العشوائية لا تحل مشكلة العشوائيات.