أكد خبراء اقتصاديون ضرورة تقنين أوضاع الاقتصاد غير الرسمي في مصر تمهيدا لدمجه مع الاقتصاد الرسمي من أجل كبح الفقر ودعم قدرات محدودي الدخل وزيادة معدلات التوظيف. وقال المحللون - خلال حلقة نقاشية حول الاقتصاد غير الرسمي في مصر نظمها المركز المصري للدراسات الاقتصادية اليوم الثلاثاء بمشاركة نخبة من خبراء الاقتصاد المصريين والدوليين - "إن القطاع غير الرسمي في مصر ساهم في توفير عدد كبير من فرص العمل خلال العقود الثلاثة الماضية" .. مشيرين إلى أن القيود التشريعية والضريبية التي يعاني منها القطاع الرسمي ساهم في توجه عدد كبير من المصريين للقطاع غير الرسمي. وقال الدكتور سمير رضوان وزير المالية الأسبق "إن تقليص حجم الاقتصاد غير الرسمي يستلزم تنفيذ مشروعات عاجلة لمواجهة العشوائيات ودعم النمو الاقتصادي في المناطق الريفية وزيادة معدلات نمو الناتج المحلي الإجمالي والوظائف بالقطاع الرسمي. وأضاف "أن مصر يمكنها الاستفادة من تجارب الدول النامية في تقنين أوضاع الاقتصاد غير الرسمي" .. مستشهدا بتحربة الهند التي ركزت على توفير شبكة الأمان الصحي للقطاع غير الرسمي وتجربة النمور الأسيوية التي ركزت على تدعيم المشروعات الصغيرة الحجم لامتصاص العاملين بالقطاع غير الرسمي. وأوضح أن أنشطة القطاع غير الرسمي في مصر غير موحدة ولذلك ينبغي التعاطي مع كل قطاع على حدة .. مشددا على أنه لا يمكن تصفية القطاع غير الرسمي بنسبة 100 % ومن جانبها ، أوضحت الدكتورة ملك رضا خبيرة شئون مكافحة العشوائيات والاقتصاد غير الرسمي أن أشكال الاقتصاد غير الرسمي في مصر يتضمن أنشطة صناعية وتجارية غير رسمية وأصول عقارية غير رسمية وتشمل العشوائيات وأصولا آخرى غير رسمية من أصل رسمي. وقالت "إن الدراسات أوضحت أن 92 % من الملكية العقارية غير الرسمية في مصر تتركز في الحضر مقابل 87 % فى الريف" ، منوهة إلى أن أكثر من 70 % من الملكية العقارية غير الرسمية مملوكة للفقراء بما يعادل حوالي 240 مليار دولار من رأس المال غير المستغل عام 2004. وأشارت إلى أن تلك الأصول العقارية غير الرسمية تعد بمثابة "رأسمال ميت أو غير مستغل" .. لافتا إلى أن الطابع غير الرسمي لتلك العقارات يجعل الفقراء غير قادرين على استخدام الأصول الخاصة بهم بشكل فعال لإجراء عمليات تبادل مضمونة في السوق. وأوضحت أن تحويل تلك الأصول غير الرسمية إلى أصول رسمية من شأنه تمكين المواطنين وخاصة الفقراء من استخدام تلك الأصول في أغراض منتجة .. مضيفة أنه لا يمكن توثيق وإدماج تلك الممتلكات غير الرسمية في اقتصاد السوق الرسمي باستخدام الأساليب التقليدية لإثبات الحيازة والتسجيل وغيرها. وأضافت أن العوائق المؤسسية التي تعرقل دمج الاقتصاد غير الرسمي في الاقتصاد الرسمي تتمثل في الإجراءات الإدارية غير المنصوص عليها بقانون والتي تتم طبقا لتعليمات داخلية وممارسات إدارية وتعقد إجراءات التسجيل بالإضافة إلى أن حيازة قطع الأراضي الخاصة تخضع لإجراءات طويلة ومكلفة وعدم وجود إجراء لتقنين ملكية المباني وتعدد القوانين والقرارات المرتبطة بإقرار وحماية الحقوق العقارية. وقالت الدكتورة ملك رضا خبيرة شئون مكافحة العشوائيات والاقتصاد غير الرسمي "إن الاختلال الهيكلي في سوق الإسكان في مصر أدى لتفاقم مشكلة الإسكان العشوائي". وأضافت أن ظهور المناطق العشوائية في مصر نجم عن التناقص التدريجي في عرض الوحدات السكنية منخفضة التكاليف وتزايد عدد النازحين من الريف إلى المدن وعدم القدرة على تدبير وحدات سكنية مناسبة لإمكانياتهم وهو ما أدى إلى تواجد مساكن عشوائية في رقع صغيرة وسرعان ما توسعت تدريجيا إلى مجتمعات غير مخططة تفتقر للخدمات والمرافق. وأشارت إلى أن المشكلات التي تعاني منها العشوائيات في مصر تتمثل في صعوبة توفير المرافق والخدمات الأساسية وارتفاع الكثافة السكانية وانتشار التلوث البيئي وتدني مستوى الخصائص السكانية كالتعليم والصحة والافتقار لشبكات الطرق المتكاملة وانتشار الجريمة وانعدام التواجد الأمني. وأوضحت أن عدد العشوائيات في مصر بلغ 1171 منطقة بإجمالي عدد سكان يصل إلى 15 مليون نسمة عام 2007 مقابل 1221 منطقة عشوائية عام 1993 ، منوهة إلى أن مساحة العشوائيات تضاعفت 18 مرة في القاهرة الكبرى خلال الفترة بين عامي 1950 و2006. وشددت على أن مواجهة قضية العشوائيات في مصر يستلزم ضرورة تدبير الاعتمادات المالية المطوبة من المحافظات لاستكمال عمليات تطوير العشوائيات وتشجيع مساهمة القطاع الخاص والمجتمع المدني وتمكين هيئة حكومية من التنسيق بين الجهات المختلفة المنوط بها التعامل مع العشوائيات وإنشاء سجل عيني (رقم قومي لكل وحدة سكنية) لتسهيل تسجيله وتداوله ووقف زحف المناطق العشوائية من خلال تشديد الرقابة عليها ووضع تعليمات مشددة بإزالة التعديات على الأراضي وخاصة الزراعية وتبادل المعلومات وبناء قاعدة معلومات جغرافية لتحديد موقع ومساحة العشوائيات وإدخال التعديلات القانونية التي تشجع على تسجيل العقارات.