الرفض الشعبي المصري لسياسة الإذلال السياسي والاقتصادي الذي تمارسه الحكومة الأمريكية تحت عباءة المعونة الأمريكية، مازال مستمرا، وزاده ألما ما صحبه من مجريات للأحداث، خاصة بعد تنحي هيئة المحكمة التي تنظر قضية التمويل الأجنبي لجمعيات المجتمع المدني، التي تمارس نشاطها في مصر بالمخالفة للقانون، والسماح - الخميس الماضي - بالسفر للمتهمين السبعة عشر أمريكيا، المتهمين في تلك القضية. الشعب المصري في حيرة من أمر القائمين علي شئون البلاد، ويتساءل في غضب عما حدث من متغيرات، وكيف يكون ذلك؟!، وأين حكومة الإنقاذ الوطني؟!، أليس رئيسها هو من علا صوته مجلجا في بيانه تحت قبة البرلمان : " مصر لن تركع"، وأكدها ثلاثا .. حياه وقتها نواب الشعب مصفقين.. واليوم الشارع المصري يستشعر المهانة خاصة مع ما صاحب تلك الأحداث من تعليقات حادة رافضة من رموز القضاء في مصر، وفي غيبة معلوماتية عن ملابسات هذا القرار، وتجاهل المسئولين لنشر الحقائق في حينها، في وقت ما أحوجنا فيه إلي درء الفتن. مصر الآن - بعد ثورة 25 يناير - ليست هي ما قبل الثورة، وشعبها نضج نضجا لا يمكن تجاهله، أو إنكار حقه في المعرفة الكاملة الكاشفة لخبايا القرارات، في إطار من الشفافية والمصارحة.. فهذا الشعب هو نفسه الذي آزر قياداته في مظاهرة حب وعمل للوقوف في مواجهة التهديدات الأمريكية، وقبل التحدي، وسارع أبناؤه في طرح المبادرات للتبرع بقوت يومه، في مشاركة هي الأقوي في وجه الأمبريالية الأمريكية.. هذا الشعب له كل الحق في الدفاع والذود عن كرامة مصر، وهو ما يجعله غير قابل لأي قرارات تغيبه عن المشهد مهما كان. مصر الآن - بعد ثورة 25 يناير - شعبها يريد ممن يحكمون ويديرون شئونها مزيدا من الإدراك أن الذي يحفظ لهم حق التواجد في مواقعهم هو إرادة هذا الشعب، فهو الزعيم.. ومن يعتقد غير ذلك، آثم ومخطيء، وكرامة مصر من كرامة شعبها ومواطنيها، وهو ما يتطلب وضع كل تلك الاعتبارات في الحسبان، دون تباطؤ أو تغييب في كشف الحقائق في حينها، فالشعب هو السيد، وإرادته هي الأصدق، والحفاظ علي حقوقه، وكرامة مؤسساته، برلمانا وجيشا وقضاء ودولة وقانونا هو الأهم.. فهذا الشعب ضحي بشهدائه ودماء أبنائه من أجل استعادة كرامة الوطن والمواطن، وهذا حقنا. الشعب يريد حقه في إعلاء كرامة مصر، فلم يعد مقبولا تهميشه، أو جعله في مهب الريح بإعطاء فرصة لمثيري الفتن، ولم كل ذلك؟!.. ألسنا علي مشارف انتخاب رئيس لمصر؟، والذي يحتاج مزيدا من الوعي لاكتمال مؤسسات مصرنا الجديدة، وتنتظرنا تحديات هي الأكبر لنهضة شاملة لتحقيق مكاسب الثورة.. فما أحوجنا أن يعقل ولاة الأمر في مصر ذلك مجتمعين علي إعلاء الإخلاص وإعمال الضمائر لنواجه ما ينتظرنا من صعاب، ولتتكاتف كل الجهود بصدق للبناء، بعيدا عن منهج إثارة الأزمات الذي عانينا منه سنوات طويلة.. وليسارع المسئولون في الإفصاح عن حقائق الأمور، والكشف عن ملابسات قضية التمويل الأجنبي، وكفانا فتحا ً لملفات تضاف إلي قائمة التجاوزات التي ما زالت تؤرقنا.. وليسرع نواب الشعب في تفعيل دورهم الحقيقي لكشف كل الحقائق، إعمالا لمسئولياتهم، فالوقت لم يعد يحتمل.. أليس كذلك؟