مليونيات ميدان التحرير، ومليونيات عواصم المحروسة، هي قوام ثورة 25 يناير، في نفس الوقت الذي تعبر فيه عن الأغلبية الصامتة، التي فوضتها للتعبير عن معاناتها، وأحلامها التي تريد تحقيقها، فكان ما تحقق بالخلاص من النظام الفاسد، وفضح لرموزه، وبدء محاكمته، علاوة علي إعادة الحقوق الغائبة لكافة أطياف المجتمع، مما مكنها من الظهور علانية تأكيدا لحق المشاركة السياسية والمجتمعية، وتفعيل الحراك السياسي نحو التغيير، تحقيقا للديموقراطية والحرية، وتأصيلا لإستعادة كرامة المواطن المصري. إن ثورة 25 يناير، انطلقت بطاقات شعبية، وكانت القيادة فيها للقاعدة الجماهيرية الممثلة لأطياف وطوائف الشعب المصري، ولم تنحصر قيادتها في بعض الرموز أو القيادات، وهو ما جعلها من أعظم الثورات الشعبية، التي مازال العالم يقف تعظيما لها، وحائرا أمام عبقريتها، كما أنها أكدت للعالم عبقرية الإنسان المصري الذي خاض حرب أكتوبر 1973، التي مازالت محل الدراسة في المعاهد العسكرية. الشعب يريد عبور الظلم والظلام، والبحث عن العدالة الإجتماعية، وإعلاء الحرية.. ويريد بناء مصر الحديثة، ومن هذا المنطلق ارتضت جماهير الشعب بالمجلس العسكري أمينا علي ثورتها، حيث اتخذ الشارع المصري من شعار " الجيش والشعب إيد واحدة" مظلة لحماية الثورة، وهو ما جعل مليونياته تزأر مطالبة الجيش ممثلا في مجلسه العسكري، بالمزيد من الرعاية والمساندة والإسراع في تلبية وتحقيق مطالب الشعب، وتحقيق مكاسب الثورة. لقد استشعر الشارع المصري خطرا علي ثورته، مما زاده قلقا، وخشي من العبث الذي يدور في الكواليس، وتلمح إليه تصريحات المسئولين الأمريكيين وما صاحبها من ضخ لعشرات الملايين من الدولارات، والتي لم يفصح عن الجهات التي حصلت عليها، ولم يكشف عن المقابل الذي تقاضت هذه الجهات من أجله تلك الأموال.. فكان هذا وغيره من السيناريوهات هو مصدر الإنزعاج للشعب المصري، وشباب الثورة، وهو ما استشعره المجلس العسكري، واصدر بيانه الذي بدا في شكله عنيفا، ولكنه كان موجها لمن يتهدد الشعب بأذي، أو لمن يسعي لسرقة مكاسب الثورة.. والمجلس العسكري مستأمن علي حماية الثورة والحفاظ عليها. حقا إن الثورة قائمة وستظل، ولن تعود للوراء، ولكن الأداء - سواء كان من المجلس العسكري، أو الحكومة التي يحاول د. عصام شرف، أن يجمع أوصالها، في محاولة لإنقاذ حكومة الثورة - لابد وأن تكون سمته الإنجاز، والإسراع نحو تحقيق طموحات الشعب من تعديل للأجور، ووضع خارطة طريق مؤسسة علي منهج علمي، وليس معني أن تلك الفترة إنتقالية، أن تظل الأحوال متردية، وهذا ما يرفضه المواطن البسيط، وينتظر خير الثورة، ويريد الحياة بعيدا عن المعاناة التي ألهبت ظهره بوعود كاذبة من النظام السابق! والآن - وفي خضم تلك الأحداث يبدو أن هناك مؤامرة تحاك للنيل من الثورة، وتسعي لتشتيت الجهود بإثارة القلاقل، لإبعاد الثورة عن أهدافها، بمحاولة إثارة الفتنة بين الشعب والجيش.. وهو ما نستنكره وندعو شباب الثورة إلي الإنتباه إليه، والتآلف علي كلمة سواء. حقا.. ما أحوجنا لكلمة سواء، من أجل مصر، وحماية لثورتنا.. أليس كذلك؟!