لا خلاف علي أن الفضل الأول لثورة 52 يناير، الذي سبق اسقاطهم لعصابة الحكم الفاسد، ثم انتخاب وانعقاد أول برلمان نظيف، أنها كسرت حاجز الخوف من السلطة في نفوس الشعب.. بعد »تجرُّؤات« وإرهاصات سابقة في هذا الصدد من أفراد وجماعات فاض بها الكيل، فصرخت واحتجت، قبل طوفان يناير. وقد أنصف زملائي المحررون الشبان في أخبار اليوم، الذين أعدوا ملحق عدد السبت الماضي الجيد »ثورة شعب« في تضمينه جزءاً بعنوان »الذين بشروا بالثورة« سجلوا فيه الجهد الإعلامي والتنويري والثوري للراحلين العزيزين: عبدالوهاب المسيري وعادل حسين.. الأول بنضاله السياسي وبكتاباته وأفكاره الثورية في حركة »كفاية«.. والثاني بكفاحه المستمر ومقالاته النارية في جريدة الشعب التي كان يصدرها حزب العمل برئاسة السياسي العريق إبراهيم شكري، رحمه الله. لكن المساحة المتاحة علي ما يبدو لم تسمح لزملائي بالتنويه أيضاً بحركة شباب »6 أبريل« ولا بمقالات الكاتب الصحفي العظيم عبدالحليم قنديل، وبصمود وتضحيات المناضل جورج اسحق.. ولا بالفارس الذي سبق الجميع في التسعينيات بمخاطبة ومواجهة مبارك باسلوب الند للند، في مقالات كطلقات المدافع، أزعجت الحاكم جداً وأقلقته علي مصيره، في الوقت الذي كان فيه رؤساء تحرير الصحف القومية باستثناء إحسان عبدالقدوس وجلال الحمامصي وابراهيم سعده وسعيد سنبل يسبحون بحمده، ويجندون أقلامهم وصحفهم لتأليهه، نفاقاً وحرصاً علي كراسيهم، حتي تفرعن وطغي وتجبر تماماً كما حدث مع السادات وعبدالناصر من قبله. هذا الفارس الذي كان له فضل المبادرة، هو خالد الذكر مصطفي شردي رئيس تحرير جريدة الوفد، رحمه الله، أو الغائب الحاضر الذي فقدت مصر وثورتها بغيابه واحداً من أكفأ وأجرأ وأنبل أبنائها، حتي أن مبارك استدعاه وقال له: ايه حكايتك بالضبط معاي يا شردي؟ وآخرة هجومك المستمر ده ايه؟!.. وقد حافظ مصطفي شردي علي كبريائه في هذه المواجهة، كعادته، ولم يطأطيء رأسه، بل خرج منها ليواصل حملاته علي فساد نظام مبارك بصورة أكثر عنفاً، حتي لقي وجه ربه، كريماً فذا في كفاءته وأخلاقه وتواضعه وإصراره علي محاربته للفساد وإعلاء صوت الشعب. وللتاريخ، فإن لبورسعيد أن تزهو بشيئين: تصديها للعدوان الثلاثي في 6591.. وفي إنجابها لابنها البار مصطفي شردي.