الخارجية الأمريكية : 31 دولة تمول التنظيم الإرهابي معظمها دول عربية وأوروبية فدية المخطوفين وتهريب النفط والآثار والمخدرات وأموال الصدقات مصادر أساسية لأموال الدواعش بات تنظيم »الدولة الإسلامية في العراق والشام»، المعروف إعلاميا بتنظيم »داعش»، يحمل ألقابا غير معهود إطلاقها علي التنظيمات الإرهابية المماثلة له، فالبعض وصفه بأنه »أغني تنظيم إرهابي في العالم»، وقدرت بعض الدراسات رأس مال التنظيم بحوالي (2 مليار دولار)، وآخرون وصفوه بأنه »أخطر تنظيم إرهابي في العالم» لجسامة الأخطار والتهديدات التي يمثلها هذا التنظيم علي واحدة من أهم مناطق العالم. وكأي تنظيم نفعي يؤمن بأن الغاية تبرر الوسيلة، فإن تنظيم داعش لم يتورع عن القيام بأي أفعال وسلوكيات هي طبقا للقانون »أعمال إجرامية يعاقب عليها القانون»، مثل السرقة والاحتيال والنصب والابتزاز والاختطاف وقطع الطرق، جنبا إلي جنب مع قتل وترويع المسالمين العزل من المسلمين وغير المسلمين. يرجع تنامي نفوذ وسيطرة داعش إلي عاملين: العامل الأول اقتصادي، متمثلا في تعدد مصادر تمويل داعش التقليدية والمعروفة، بالاستيلاء علي الموارد الطبيعية (وتحديدا النفط) وتخصيصها والاستفادة من عوائدها الضخمة لتمويل عملياته الإرهابية والتوسعية، عبر تهريبها وبيعها في السوق السوداء، وهو ما ساهم في تقوية شوكة هذا التنظيم الإرهابي. والسبب الآخر سياسي، ويتمثل في عاملين، غياب الدولة القوية التي سمحت بوجود مثل هذه التنظيمات غير الرسمية، وتقويتها بصور باتت معها دولة داخل الدولة، والعامل الآخر، هو غياب استراتيجية جادة للتحالف الدولي لمواجهة هذا التنظيم الذي ينتشر كالسرطان عبر منطقة الهلال الخصيب وما وراءها. ومن خلال التقارير والدراسات التي تطرقت إلي مسألة تمويل داعش، تمكنا من حصر مصادر تمويل الأعمال الإرهابية التي تقوم بها داعش، سواء في العراق أو في سوريا وهذه المصادر هي علي النحو التالي: 1- أموال الصدقات والتبرعات والزكاة: حيث عملت المنابر والقنوات الإسلامية خلال عامي 2011 /2012 علي تشجيع المسلمين، في توجيه أموال الزكاة والتبرعات والصدقات لتأييد الجهاد والمقاومة في سوريا، وهي الأموال التي وجدت طريقها بصورة مباشرة إلي كل من داعش وجبهة النصرة، وغيرها من الجماعات الإرهابية. 2- التمويل الدولي: طبقا لتقرير لوزارة الخارجية الأمريكية، وجد أن التمويل الذي تحصل عليه داعش يأتي من حوالي 31 دولة عبر العالم، من: الخليج، وباكستان، والجزائر، وتركيا، ولبنان، وغانا، والسودان، وبريطانيا، والسويد، وهولاندا، وأستراليا، والسنغال، وتايلاند، وبنجلاديش، وغيرها من الدول. حيث تعتمد داعش »وهي في ذلك مثلها مثل القاعدة» علي شركاء محليين مسجلين تحت أسماء وهمية، وتمارس نشاطها من وراء ستار قانوني وشرعي. 3- عوائد تحرير الأجانب المختطفين: حيث دأبت داعش علي اختطاف المواطنين الأجانب، والموظفين الدوليين، والصحفيين الغربيين، ومساومة ذويهم ودولهم علي الإفراج عنهم مقابل ملايين الدولارات كفدية. وقد ذكرت بعض التقارير الصحفية أن عوائد هذه الطريقة بلغت أكثر من 25 مليون دولار سنويا. 4- نهب الموارد والسلع من الأماكن المسيطر عليها: من مستشفيات، ومراكز تسوق، ومطاعم، ومرافق الكهرباء والمياه في هذه المناطق، وهي المرافق التي توفر لها عوائد تقدر بالملايين كل شهر. 5- عوائد التهريب: من النفط، والأسلحة، والآثار، والمخدرات، والاتجار في البشر.. إلخ، حيث ذكر تقرير لقناة AB» الأمريكية وغيرها من المصادر أن العوائد اليومية من النفط المهرب ما بين 2 إلي 4 ملايين دولار. 6- الهبات من مؤيدي التنظيم: المنضمون لهذا التنظيم يأتونه محملين بكل ما يملكونه ويتنازلون عنه، كونهم يؤمنون بأنهم في مهمة إلهية سامية. وذكرت بعض المصادر أن مؤيدي التنظيم في مدينة الموصل وفروا لداعش حوالي مليون دولار شهريا. 7- الابتزاز: إلي جانب فرض الترويع والقتل علي المواطنين الأبرياء، فإنه يقوم بابتزاز الفلاحين والموظفين في هذه المناطق، ويجبر غير المسلمين علي دفع الجزية، بصورة أدت إلي تهجير مئات الآلاف منهم. إلي جانب ذلك أيضا تقوم داعش بفرض ضرائب شهرية، علي المؤسسات المحلية بحوالي 8 ملايين دولار. 8 -السرقة والنهب: المثال علي ذلك حادثة سطو داعش علي البنك المركزي في الموصل، والاستيلاء علي عشرات الملايين من الدولارات. 9- عائدات الحبوب: حيث قال أحد مسئولي وزارة الزاعة العراقية ان داعش بدأت تسيطر علي حوالي ثلث إنتاج العراق من القمح. 10- مناجم الذهب: التي استولت عليها داعش في مدينة الموصل بعد سيطرتها عليها. النفط في خدمة الإرهاب يعتبر الاستيلاء علي حقول النفط في كل من العراقوسوريا من أهم وأكبر مصادر تمويل داعش، وصار لديها استقلال مالي واقتصادي كبير بفضلها، بصورة جعلتها توقف وتراجع المصادر والتمويلات القادمة من الخارج، بحيث لا تؤثر علي قوتها واستمراريتها. فبفضل هذه العوائد التي تصل إلي حوالي 4 ملايين دولار يوميا، وإلي حوالي مليار دولار كإجمالي، أصبحت داعش قادرة علي تمويل نفسها بصورة ذاتية، وهو الأمر الذي يفسر سبب توسعها وتمدد نفوذها واتساع حجم المناطق والأقاليم التي باتت تقع تحت سيطرتها. ويعتقد أن داعش باتت تسيطر علي حوالي (30 60٪) من حقول النفط في سوريا، حيث تسيطر داعش علي أكبر ستة حقول في سوريا، وحوالي ثلاثة عشر حقلا في شمال وشرق العراق، إلي جانب ثلاث مصافٍ للبترول في العراق. ففي سوريا، تسيطر داعش علي حقول »غاز الشعار» القريب من تدمر، وحقل »التنك» القريب من دير الزور، وحقل »عمر» وحقل »نجمة». وفي العراق، تُسيطر داعش علي حقلي »عين زالة» و»بطمة» العراقيين اللذين تبلغ طاقتهما الإنتاجية اليومية حوالي (30 ألف برميل) من النفط الخام، وحقل »القيارة» الذي تبلغ إنتاجيته اليومية حوالي (7000 برميل)، وتقدر احتياطاته بحوالي (800 مليون برميل)، وحقل »الدجيل» أيضا وسيطرت علي الحقول الموجودة في الجنوب من تكريت، علي حقل »حمرين» الذي يبلغ إنتاجه حوالي (5000 برميل) يوميا، وحقل »عجيل» الذي ينتج حوالي (25 ألف برميل) يوميا من النفط الخام، و(150 مليون قدم مكعب) من الغاز الطبيعي. وتقدر بعض التقديرات أن داعش تقوم باستخراج وإنتاج حوالي (80 ألف برميل/ يوميا) (50 ألفا في سوريا، 30 ألف برميل في العراق). تقوم داعش ببيع النفط الذي باتت تسيطر علي حقول استخراجه وإنتاجه في السوق السوداء، حيث تبيع البرميل بسعر يتراوح بين (25 إلي 30 دولار)، في حين أن السعر العالمي للبرميل أكثر من 50 دولارا. وهو الأمر الذي ستكون له تداعياته علي مستقبل الاقتصاد في كل من العراقوسوريا، خصوصا إذا ما علمنا أن النفط يمثل مصدر الدخل الرئيسي لهذه الدول. وطبقا لبعض الدراسات فإن عوائد داعش من النفط وصلت إلي حوالي مليار دولار، مقابل 500 مليون دولار لتنظيم القاعدة، وهو ما يجعل من داعش أكبر وأقوي تأثيرا من القاعدة علي الأمن الإقليمي والعالمي من القاعدة، التي ظلت لحقبة سابقة محتلة قمة أكثر التنظيمات الإرهابية خطورة علي العالم. شبكة تهريب دولية ليس المطلوب فقط السيطرة علي حقول إنتاج النفط، كي تتمكن داعش من الحصول علي تمويل أو تدفق نقدي يساعدها في تمويل استراتيجيتها، الداعية للسيطرة علي أكبر مساحة ممكنة من الأراضي والأقاليم داخل العراقوسوريا، ولكن مطلوب أيضا إيجاد شبكة تهريب دولية وإقليمية تساعدها في بيع وتصدير هذا النفط. وتشير التقارير الاستخباراتية إلي أن الباب الوحيد لتهريب النفط من العراقوسوريا هو عبر الجيران، وتحديدا إيرانوتركيا، حيث أوردت تقارير أمريكية وفرنسية أن هناك عصابات جريمة منظمة في كل من كركوك والموصل وتركياوإيران، تتولي الترتيب والإعداد لتهريب هذه الكميات الكبيرة من النفط علي شبكات تهريب دولية تتولي العملية برمتها، حيث يباع الصهريج الواحد بحوالي 10 آلاف دولار أمريكي، ووصل عدد الصهاريج التي كانت تهرب يوميا حوالي 60 صهريجا. بعد تزايد الاهتمام الدولي بداعش في توسعها بعملياتها الإجرامية البشعة، تحول الأمر ليتم الآن عبر شبكة من المهربين ومالكي مقطورات وصهاريج نقل البترول أنفسهم عبر مناطق إقليم كردستان، وفي مناطق مثل (الحفنية، والبوغانم، وسليمان بك، وطوزخورماتو) ثم عن طريق تكريت وناحية رشاد التابعة لمحافظة كركوك، ومنها إلي الموصل ثم إلي سوريا وأخيرا إلي تركيا. حيث تستقبلها هناك المجموعات التركية العاملة مع التنظيم والتي تحظي بحماية الاستخبارات التركية، لتبدأ في مبادلتها بالسلاح والنقود التي تتدفق في الاتجاه المعاكس لتصب في خزائن وقدرات التنظيم. نشأة تحت أنظار الجميع جميع الوجوه البارزة في عالم الإرهابيين الجدد، خاضوا تجربة القتال علي أرض الواقع للمرة الأولي في أفغانستان. وقد ساهموا في توجيه مسار الأحداث هناك في أعقاب انسحاب الجيش السوفيتي عام 1989م، وهي الفترة التي شهدت بزوغ »تنظيم القاعدة» كأداة للجهاد العالمي واسع النطاق، ووفرت أفغانستان قاعدة له. وحين تسلمت حركة طالبان زمام الأمور في 1996م، كانت في شراكة بالفعل مع أسامة بن لادن ورجاله، ومن أفغانستان شنت القاعدة هجماتها في الحادي عشر من سبتمبر 2001م. وقد وفرت هذه التجربة الأفغانية التي كانت بمثابة مرحلة التكوين، زعماء جهاديين سلفيين اشتد ساعدهم في القتال، وخبراء استراتيجيين لعبوا فيما بعد دورا ناجعا في بزوغ تنظيم الدولة الإسلامية الآن. أبرز هؤلاء الأردني المتشدد »أبو مصعب الزرقاوي»، الذي انتهي به المطاف ليصبح الزعيم الروحي المباشر لتنظيم »داعش» أكثر من أي شخص آخر. قضي الزرقاوي الذي لم يكمل دراسته الثانوية، عقوبة السجن للمرة الأولي عندما حكم عليه في جرائم ذات صلة بالجنس والمخدرات، ثم اتجه إلي التدين بعدما أرسل لحضور دروس في مسجد بالعاصمة الأردنيةعمان. وقد تزامن وصوله إلي باكستان للانضمام إلي صفوف المجاهدين في أفغانستان مع انسحاب الجيش السوفيتي 1989م، لكنه ظل باقيا هناك في صفوف المجاهدين. وبعدما عاد إلي الأردن، صدر بحقه حكم بالسجن 15 عاما بتهم المشاركة في أعمال إرهابية، قبل أن يطلق سراحه بموجب عفو عام. وأخيرا التقي الزرقاوي بن لادن ونائبه أيمن الظواهري عام 1999م. كل الروايات تشير إلي أن زعيمي القاعدة، لم يرق لهما الزرقاوي علي الإطلاق، فقد بدا لهما فظا ومتصلب الرأي، بيد أنه كان قادرا علي التأثير علي الآخرين وكان نشطًا، وعلي الرغم من أنه لم ينضم إلي تنظيم القاعدة، إلا أنهم أوكلوا إليه في نهاية الأمر مسؤولية معسكر تدريب في هيرات غربي أفغانستان، وهناك عمل جنبا إلي جنب مع منظر آخر أضحت كتاباته المتشددة بمثابة مرجع مقدس بموجبه تراق الدماء، وهو أبو عبد الله المهاجر. كتب المهاجر في كتابه »مسائل من فقه الجهاد» الذي يشار إليه بوجه عام باسم »فقه الدماء» إن »قطع الرؤوس» بوحشية أمر مقصود بل محبب إلي الله ورسوله. وتوفر كتاباته الغطاء الشرعي الذي يسوغ جل التجاوزات الوحشية، فضلا عن قتل الشيعة، بوصفهم كفارا، ومواليهم من السنة باعتبارهم مرتدين. الكتاب الآخر الذي ينظر إليه بأنه كتيب إرشادات تنظيم داعش ومن سبقه من التنظيمات، هو كتاب »إدارة التوحش» لأبي بكر ناجي، الذي ظهر علي الإنترنت 2004م. وكتب فيه ناجي: »نحتاج إلي القتل، ونحتاج لأن نفعل كما حدث مع بني قريظة، فلابد من اتباع سياسة الشدة بحيث إذا لم يتم تنفيذ المطالب يتم تصفية الرهائن بصورة مروعة تقذف الرعب»، في إشارة إلي قبيلة يهودية كانت تعيش في شبه الجزيرة العربية في القرن السابع. كانت إجازة ناجي للتوحش المثالي، جزءا من استراتيجية أوسع نطاقا لتمهيد الطريق أمام قيام خلافة إسلامية. فيقدم في كتابه الذي يقوم جزء منه علي الدروس المستفادة من أفغانستان، مخططًا تفصيليا لكيفية استفزاز الغرب حتي يتدخلوا عسكريا وهذا سيحرض المسلمين ليحتشدوا للجهاد، مما سيؤدي إلي السقوط الحتمي للعدو. هذا المخطط المحتمل ليس محض خيال، لو أخذ في الاعتبار أن الاتحاد السوفيتي انهار بعد عامين فقط من انسحابه من أفغانستان. وقيل أن ناجي قتل في غارة شنتها طائرة من دون طيار علي إقليم وزيرستان الباكستاني عام 2008م. الدولة »الوحشية» في العام 2001م تغيرت أوضاع الارهابيين تغيرا جذريا عقب هجمات الحادي عشر من سبتمبر علي الولاياتالمتحدة، التي قصفت وحلفاؤها أفغانستان واجتاحت أراضيها لاستئصال حركة طالبان منها، كما شنت حربا علي الإرهاب أوسع نطاقا ضد تنظيم القاعدة. اختبأ بن لادن في الأنفاق، أما الزرقاوي وغيره فقد فروا هاربين، وقد ألهب ذلك حماس المليشيات المتفرقة، الذين احتاجوا بشدة إلي ساحة أخري للقتال ليستفزوا فيها أعداءهم الغربيين ويواجهونهم، لم يمر وقت طويل حتي منحهم الأمريكيون وحلفاؤهم هذه الفرصة. فقد اتضح أن غزوهم للعراق في 2003م لم يكن مبررا علي الإطلاق من حيث الدوافع التي اختاروها، ليتبين أن إنتاج صدام حسين المزعوم لأسلحة الدمار الشامل ودعمه المفترض للإرهاب الدولي، لم يكن لهما أي أساس من الصحة. وبتفكيك كل بني الدولة والأمن وتسريح آلاف الجنود والمسئولين السنة، أوجدوا الدولة »الوحشية» بحذافيرها، أو الفوضي العنيفة التي تصورها »أبو بكر ناجي» ليعيش الارهابيون في كنفها. كان العراق في طريقه إلي أن يصبح »الورم الرئيسي» الذي سينتشر منه تنظيم داعش في المنطقة، فقد كان السنة في ظل نظام حزب البعث يحتلون مكان الصدارة في العراق، عن الأغلبية الشيعية الذين تربطهم روابط وثيقة بمعتنقي المذهب الشيعي عبر الحدود الإيرانية، وقد جرد التدخل العسكري بقيادة الولاياتالمتحدة السنة من مزاياهم، مثيرا بذلك سخطًا عارما وموفرا التربة الخصبة ليضرب الجهاديون السلفيون جذورهم فيها. انتقل أبو مصعب الزرقاوي إلي هناك، وفي غضون شهور نظم هجمات استفزازية طاحنة ووحشية موجهة نحو أهداف غربية والأغلبية الشيعية، ودخل الزرقاوي الذي أنشأ جماعة جديدة سميت باسم جماعة »التوحيد والجهاد» في تحالف وثيق مع خلايا سرية من بقايا نظام صدام حسين، ليجتمع ركنا التمرد السني معا تحت لواء: الجهاد المسلح والقومية العراقية السنية، مهدت الطريق للكثير من الهجمات أبرزها: تفجير انتحاري بشاحنة مفخخة بمقر الأممالمتحدة في بغداد أسفر عن مقتل موفد الأمين العام للأمم المتحدة (سيرجيو فييرا دي ميلو) و20 من الموظفين، وتفجير انتحاري بسيارة مفخخة في النجف أسفر عن مقتل (آية الله محمد باقر الحكيم) الزعيم الشيعي البارز و80 من أنصاره، وفي حين كان منفذو الهجمات من الجهاديين، قيل أن الدعم اللوجيستي قدمه البعثيون الذين اختبأوا وتواروا عن الأنظار. هجمات الزرقاوي الاستفزازية في العالم التالي أعتقدت وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي أيه) أن الزرقاوي نفسه، كان القاتل المقنع الذي ظهر في مقطع فيديو لذبح الرهينة الأمريكي (نيكولاس بيرج)، ردا علي الانتهاكات التي مارسها جنود أمريكيون ضد المحتجزين العراقيين في سجن أبو غريب. ومع احتدام المعركة ضد الأمريكيين والحكومة العراقية الجديدة التي يهيمن عليها الشيعة، أدي الزرقاوي يمين الطاعة لبن لادن وأضحت جماعته الجناح الرسمي لتنظيم القاعدة في العراق، هجمات الزرقاوي الاستفزازية علي المساجد والأسواق الشيعية، وما نجم عنها من مجازر طائفية، وشغفه بنشر المشاهد الوحشية المروعة علي الملأ، كانت تتوافق مع تعاليمه المتشددة الراسخة في ذهنه. ولكنها كانت مدعاة لاستنكار قيادة القاعدة، التي تخوفت من وقع ذلك علي الرأي العام في العالم الإسلامي، بيد أن الزرقاوي لم يبد أي اهتمام وقد انتقل تشدده العنيف والفج إلي تابعيه بعد مقتله في غارة جوية أمريكية في يونيو 2006م في مخبئه شماليبغداد، وكان من السهل التعرف علي جسده بالوشوم التي لم يتمكن قط من إزالتها، وفي غضون أشهر ظهر تنظيم أطلق علي نفسه اسمه »تنظيم الدولة الإسلامية في العراق» ينضوي تحت لوائه فرع تنظيم القاعدة جنبا إلي جنب مع غيره من الفصائل المسلحة. ولكن الطريق كان محفوفا بالصعاب ففي يناير 2007م زاد الأمريكيون من عدد قواتهم في العراق إضافة إلي تدريب الجيش العراقي، كما لجأ الأمريكيون إلي إقناع العشائر السنية في محافظة الأنبار، لوقف دعم الجهاديين والانضمام إلي مسعي الحكومة العراقية والتحالف بقيادة أمريكا لإخماد نشاط المسلحين.