لا يستطيع أحد أن يدعي »معرفته« بمزاج الشعب.. ولا كيف.. ولا متي يغير رأيه وبوصلته.. وقد شغلني هذا الموضوع الأيام الماضية.. فطرحت تساؤلا.. عن النسبة التي قد يحصل عليها الإخوان في انتخابات مجلس الشعب القادمة.. من باب أعرف دماغ الناس ماشية في أي اتجاه.. فجاءت توقعات كثير من أبناء الطبقة الوسطي »الأعلي دخلا، وتعليما وتوظيفا«.. بين قوسين »النخبة«.. تؤكد انهم سيحصلون علي نسبة اقل مما حصلوا عليه في الانتخابات الماضية بحوالي 01 إلي 51٪.. وستغيب عنهم الأغلبية البرلمانية.. ولن ينالوها.. بما يعني ان جزء منهم قد عدل مواقفه من »معاهم لضدهم «.. في حين رأت الطبقة »الأقل دخلا وتعليما وتوظيفا«.. انهم سيحصلون علي نفس نسبتهم السابقة التي حصدوها.. إن لم تكن »أعلي«.. ومع ان هذا التباين.. يجعل من الصعب حساب نتائج أي عملية انتخابية قادمة أو حتي تقريبها للاذهان.. إلا انه كان كاشفا.. لعدم قدرة الإخوان خلال الفترة الماضية علي إضافة.. مؤيدين جدد لهم.. أو الاحتفاظ بجزء كان معهم من ابناء الطبقة الوسطي.. ليه..؟.. لأن الإخوان لم يستوعبوا.. ان وضعهم علي الأرض، وامام الناس قد تغير.. بعد ان أصبحت السلطة كاملة في أيديهم.. فلم يعودوا.. الجماعة »المطاردة أو المضطهدة«. أو الراغبة في كام كرسي في مجلس الشعب.. إنما تبدل موقعهم.. من مواجهة أو معارضة فساد نظام.. (وكده عملوا اللي عليهم).. إلي من فرض عليهم تحقيق مطالب مواطنين وشعب..، »أي« الانتقال من دائرة »قتال« محدودة.. كانوا محصورين فيها إلي »دائرة« إدارية وتنفيذية وسياسية أوسع .. ما ينفعش معاها خالص ما درجوا عليه.. من اساليب اللف والدوران والدعاية الانتخابية القديمة.. لكن لعدم إدراك الإخوان هذا »المتغير«.. فلم يستوعبوا »المرحلة الجديدة« أو الوضع الذي أصبحوا عليه.. وظلوا يعملون بنهج »التنظيم«.. مع انهم أصبحوا النظام كله!! .. من هنا كانت بداية اخطاء الإخوان.. وساهمت معها عوامل أخري.. أولها.. ان الجماعة لم تؤهل نفسها ولا وضعت لنفسها رؤية لمرحلة تولي السلطة فجاءت تعاملاتها السياسية- كما تعودت- بنظام »القطعة«.. ورد الفعل.. فلم يقنعوا أحد بالمرة بقدرتهم علي اتخاذ قرار سليم.. وثانيها.. وجود تعارض في الأولويات بين الإخوان والشعب.. فقد انشغل الاخوان بتأمين أركان حكمهم وتثبيتها في كل المواقع.. ولم يلتفتوا إلي ان رفاهية الوقت والانتظار لم تعد موجودة لدي المواطنين »المستعجلين« علي مطالبهم المعيشية وتحسين أحوالهم واستقرارهم مما اشعرهم ان الاخوان لن يقدموا لهم شيئا.. ولا يملكون في ايديهم سوي اطلاق الوعود التي لا تتحقق.. ثالثا.. حينما وصل الإخوان للحكم، كانوا دون أجندة ولا خبرة به.. فاعتمدوا كليا علي أنفسهم.. معتقدين أنهم طالما فازوا في الانتخابات فهم قادرون علي إدارة كل الملفات.. والاحتفاظ بها لأنفسهم فاحتكروا وهيمنوا علي كل أشكال العمل السياسي... بما يخدم استمرارهم فقط.. ولم يستعينوا بأهل خبرة أو متخصصين من خارجهم .. ولذا أخطاؤا ودخلوا في معارك كثيرة مع كل الجهات دون داعي أو سبب.. واحدثوا حالة واضحة من الارتباك للدولة، وفي القرارات التي اصدروها ثم تراجعوا عنها.. فاظهرتهم بغير القادرين علي تولي المسئولية وبأنهم لا يعملون إلا لأنفسهم.. وحتي حينما حاولوا الهروب من هذا المأزق لجأوا لمليونيات.. فأشعروا الناس انهم يستقوون عليهم ويرغمونهم علي قبول ما يريدون »بالعافية«..فجاءت بنتائج عكس المتوقع لها.. وفي هذا يتحمل بعض أعضاء الجماعة العبء الأكبر من الاخطاء التي لحقت بالإخوان.. لانهم اساؤا التعامل مع »السلطة« التي هبطت عليهم، فأصيبوا بغرور وعنجية قاتلان، ولم يقيموا وزنا لطبيعة شعب يقول »لاقيني ولا تغديني«..، وعلي كل المستويات كان لافتاً حالة الاستعلاء والتعالي في تعاملهم مع الآخرين والتي أفقدتهم كثيرا من الشعبية والتعاطف بل وخلقت لهم معارضين وأعداء جدد.. كل هذا »مجتمعاً« خصم من رصيد الإخوان وشعبيتهم وتعاطف من كانوا معهم.. فهل يكتفوا بهذا القدر أم سيستمرون ليفقدوا »البقية«!.