تتمتع هذه الاجتماعات بنسب حضور مرتفعة، وتتميز المناقشات التي تتم فيها بموضوعية شديدة مما يزيد من عمق ما يتحقق في سبيل تقريب وجهات النظر للعمل البرلماني بعد دولي في منتهي الأهمية وهو بعدٌ مركب متعدد الأشكال والمجالات والمستويات ولقد توافقت الآراء علي تسمية العمل البرلماني علي المستوي الدولي بالدبلوماسية البرلمانية التي تهدف إلي خلق رأي عام عالمي له أكبر الأثر علي الإرادة السياسية الدولية والتي عادة إما عاجلاً أو آجلاً لها انعكاسات قد تكون أحياناً ليست بالبسيطة علي الشأن الوطني المحلي. تتعدد أشكال البعد الدولي للعمل البرلماني وصور الدبلوماسية البرلمانية ومستوياتها فهي إما تكون في صورة عضوية في اتحادات برلمانية دولية وأشهرها وأكبرها الاتحاد البرلماني الدولي الذي نشأ في أواخر القرن التاسع عشر، أو اتحادات إقليمية مثل اتحاد البرلمانات الأفريقية والاتحاد البرلماني العربي والبرلمان الأوروبي وغيرهم، أو في صورة عضوية في المجالس البرلمانية الدولية مثل المجلس البرلماني الأورومتوسطي. ويتمثل البعد الدولي للعمل البرلماني أيضاً في صورة عضوية في المنظمات والمؤسسات الدولية مثل جميع منظمات الأممالمتحدة بما في ذلك منظمة دول عدم الانحياز وغير ذلك من المنظمات والكيانات السياسية الدولية المهمة، وقد تكون عضوية البرلمان في هذه المنظمات إما عضوية عاملة أو بصفة مراقب وسواء كانت عاملة أو بصفة مراقب فلكل أهميته القصوي التي لمستها في العديد من المؤتمرات والمنتديات واللقاءات الدولية والإقليمية التي شاركت فيها، سواء كانت مؤتمرات أو منتديات ذات صلة مباشرة بالعمل البرلماني مثل المؤتمرات البرلمانية أو مؤتمرات حول قضايا التنمية مثل مؤتمر التصحر أو البيئة أو التغير المناخي أو السكان أو مؤتمر المرأة العالمي أو قمة الأرض ... الخ، وكلها محافل دولية كان لبرلمان مصر دور بارز فيها، وتتمثل أيضاً الدبلوماسية البرلمانية في صورة تبادل زيارات الوفود البرلمانية وهو ما يشكل إلي حد كبير نشاطاً وعلاقات ثنائية مهمة بين برلمانات الدول وبعضها البعض، هذا بالإضافة إلي تكوين جمعيات الصداقة البرلمانية بين برلمانات الدول وبعضها البعض. كما كان يتم تكليف بعض أعضاء مجلسي الشعب والشوري من قبل رئيس الجمهورية أو من رئيس مجلس الشعب أو رئيس مجلس الشوري لمهمة ما في إطار الدبلوماسية البرلمانية لموضوع معين أو قضية معينة مع دولة أو دول بعينها. ولعله من المفيد إلقاء بعض الضوء علي طبيعة هذه الأنشطة باختصار شديد وأولها عضوية الاتحاد البرلماني الدولي. الاتحاد البرلماني الدولي : أنشئ الاتحاد البرلماني الدولي في عام 1989 عندما أدرك برلمانيو العالم أن قضايا الشعوب إلي حد كبير متشابهة، وأن هناك حاجة إلي تبادل الفكر والرأي والتحاور والتشاور بين البرلمانات وبعضها البعض. وتتشكل عضوية الاتحاد من شعب تمثل برلمانات العالم بالإضافة إلي ممثلي الاتحادات البرلمانية الإقليمية وممثلي بعض الكيانات الدولية ذات الصلة، وتجتمع الشعب البرلمانية للدول الأعضاء في اجتماعات نصف سنوية أو مؤتمرات تتحدد مواعيدها. تتمتع هذه الاجتماعات بنسب حضور مرتفعة، وتتميز المناقشات التي تتم فيها بموضوعية شديدة مما يزيد من عمق ما يتحقق في سبيل تقريب وجهات النظر بين شعوب العالم علي اختلاف جنسياتهم وعقائدهم وانتماءاتهم السياسية وظروف دولهم وهي متباينة إلي حد كبير. لم تكن اجتماعات الاتحاد مجرد اجتماعات تفاوضية أو محافل للدفاع عن رأي ما في مواجهة رأي آخر بالرغم من أنه كان هناك دائماً بالطبع مصالح مختلفة بين الدول، بل كانت المناقشات تستهدف مصالح جماعية مشتركة أساسها وقوامها الأمن الوطني والسلم الدولي، مما يعكس حسا سياسيا عميقا يمكِّن ممثلي الشعوب من رؤية حقيقية للمصلحة العامة ويتيح مجالاً صحياً لحوار دولي عبر وطني مستمر وفعال، وهو ما كان يشكّل في كثير من الأحيان رأياً عاماً عالمياً له آثار بالغة علي الإرادة السياسية الدولية التي تنعكس بصورة أو أخري علي الشئون والتشريعات المحلية الوطنية. كان الحوار بين البرلماني ومخرجات اجتماعاته تستند دائماً إلي الاتفاقيات الدولية كمراجع لها، خاصةً تلك التي تخرج عن منظمة الأممالمتحدة وهي الآلية الدولية التي تمثل حكومات الدول والتي أنشئت بعد إنشاء الاتحاد البرلماني الدولي الذي يمثل الشعوب بحوالي 60 عاماً. والجدير بالذكر هنا أن من أهم سمات مداولات وفعاليات الاتحاد البرلماني الدولي هو استبعاد سيطرة رأي ما علي رأي آخر، أي رأي من هو أقوي علي من هو أضعف لم يحدث هذا في الاتحاد الذي يضم ممثلي الشعوب في حين نجد أنه قد يحدث في الآلية الدولية التي تضم حكومات الدول أي منظمة الأممالمتحدة. الجدير بالذكر أنه كان للشعبة المصرية دور واضح في أعمال الاتحاد كما كان لبعض أعضائها نشاط ملحوظ وهو ما كان سبباً في انتخابهم في مواقع الاتحاد القيادية. فمثلاً تم انتخاب د. محمد فتحي سرور لرئاسة الاتحاد ود. ليلي تكلا لعضوية المجلس التنفيذي وشخصي الضعيف لرئاسة لجنة التعليم والثقافة والعلوم والبيئة وعضوية اللجنة الخاصة بدراسة التلوث في البحر الأبيض المتوسط. وسوف نستكمل باقي صور المشاركة المصرية في الكيانات البرلمانية الدولية في الجزء التالي من هذه المقالات.