أحيانا نقرأ في الصحف اعتذارات من أفراد لآخرين لاسترضائهم، أو من أسرة لابنها الشارد.. لكنني لا أذكر أنني سبق ان قرأت مثل رسالة الحب هذه، الرقيقة الجميلة من زوج لزوجته، قد تكون اعتذارا مهذبا وبادرة مصالحة بينهما.. لكنها في كل الاحوال شيء جديد ورائع يدخل حياتنا في زمن ارتفعت فيه معدلات الخلافات »التافهة« والقضايا الأسرية والطلاق إلي أرقام مفزعة.. بل والقضايا بين الأفراد عموما، وكأننا صرنا في غابة! كان نص الرسالة المنشورة بحروف بارزة ملونة وفي مكان مميز هكذا: »حبيبتي هانية صبيح.. حبي لك ليس له حد.. وليس له مثيل.. زوجك«.. وكم أتمني أن تكون الرسالة قد حققت هدفها من تعميق الحب والمودة وإعادة الوئام بين الزوجين المجهولين.. وأحسب ان كل من قرأها وتأثر بها تمني ذلك أيضا. ولعلها مناسبة مشجعة لأن ندعو ونسعي لإحياء وترسيخ مبدأ التسامح والاعتذار عما يبدر منا تجاه الآخرين عفوا أو قصدا داخل الأسرة أو في نطاق دائرة تعاملاتنا أو في الشارع.. فينحسر بالتالي الكم الهائل من الشقاق والصراعات، وتسود المحبة، وتصبح الحياة أحلي ولونها بمبي علي رأي الراحلة خفيفة الدم والروح سعاد حسني. آسف.. كلمة بسيطة.. لكنها تعيد الابتسامة مكان التأشيرة، وتمتص الغضب، وتدرأ الشر، وتجبر الخواطر، وتوصل ما انقطع. كم تكلفنا هذه الكلمة؟ لا شيء.. فلماذا لا نعيدها لثقافتنا التي امتلأت بكل ما هو غث وفاسد وسييء؟! هل نسينا المقولة الجميلة: »الذوق مخرجش من مصر« التي نشرنا حكايتها في هذه الصفحة الأسبوع الماضي للسندباد الأقصري منتصر أبوالحجاج، وكيف أنها ترجع للعهد الفاطمي والقاهرة الفاطمية، ولرجل طيب اسمه »حسن الذوق« كان يقيم بجوار »باب الفتوح« وتغضبه الخناقات الكثيرة بين جيرانه، فقرر الرحيل من مصر، لكن روحه فاضت لبارئها وهو خارج من باب الفتوح، فدفنوه بجوار الباب وأقاموا له ضريحا صغيرا باسمه.. ومن ثم شاعت وانتشرت حتي الآن عبارة »ياجماعة الذوق مخرجش من مصر« عند فض أي خلاف. ومادام الذوق مخرجش من مصر فعلا، فلماذا لا نعيد الحياة لكلمة آسف التي اغتيلت في ليل العند والمكابرة؟! و.. و.. آسف علي ازعاج هواة الجدل والشطط واللدد في الخصومة.. وجعل الحبة قبة!