بعد تسع سنوات من مولد الرئيس دونالد ترامب، وفى مارس 1957 ولد ستيفن ويتكوف لعائلة من يهود بلغاريا ممن هاجروا لنيويورك فى أوائل القرن العشرين. ونشأ ويتكوف فى منطقة برونكس، فى حين نشأ ترامب فى منطقة كوينز لعائلة ألمانية هاجرت للولايات المتحدة قبل نهاية القرن التاسع عشر. وصعد الرجلان، كل على حدة، لنادى مليارديرات نيويورك العقاريين. قبل عام، فاجأ ترامب العالم باختيار ويتكوف، صديقه النيويوركى اليهودى، الذى يلعب معه الجولف كثيرًا فى منتجعه بجنوب فلوريدا، مبعوثًا رئاسيًا للشرق الأوسط، على الرغم من عدم امتلاكه أى خبرات عملية أو معرفة قوية بتعقيدات ملفات المنطقة. مثل ترامب، يعد ويتكوف مليارديرًا ورجل أعمال متخصصًا فى العقارات، وهو جمهورى يبلغ من العمر 68 عامًا. واعتبر مراقبون أن تعيين مطور عقارى لملف صراع الشرق الأوسط - بدلًا من دبلوماسى أو سياسى - يعمق الشعور بأن ترامب ينظر فى النهاية إلى أزمة الشرق الأوسط على أنها مفاوضات عقارية معقدة، ويشاركه الرأى ويتكوف، ويعتبر هذه الأزمة جزئيًا صفقة عقارية عملاقة واحدة. • • نجح ويتكوف فى أن يضمن لنفسه مكانًا أمنًا فى الدائرة الصغيرة المحيطة بترامب، والتى عضدها عقودًا من الصداقة المتينة منذ أن التقيا للمرة الأولى فى عام 1986. امتدت علاقة الرجلين لصداقة عميقة، واستضاف منتجع ترامب مارالاجو فى بالم بيتش بولاية فلوريدا حفل زفاف ابن ويتكوف «زاك» فى أبريل 2022. عكس الحفل، الذى أشرف عليه شخصيًا الرئيس ترامب، عمق العلاقة التى تجمع بين ويتكوف وترامب على مدى العقود الماضية. وقبل ذلك بما يقرب من 35 عامًا وفى فندق بريكرز بمنهاتن، رقص ترامب - كثيرًا - مع ستيف ويتكوف فى حفل زواجه، وكان ترامب من أكثر أصدقاء ويتكوف تأثرا بوفاة ابنه الثانى أندرو نتيجة تعاطى مكثف للمخدرات عام 2011. وقال ويتكوف خلال خطابه فى المؤتمر الوطنى للحزب الجمهورى، العام الماضى، لقد جلب وجوده عزاء حقيقيًا فى ساعة مظلمة، واصفًا ترامب بأنه رجل لطيف ورحيم. فى العامين الماضيين، جاء ويتكوف لمساعدة صديقه ترامب خلال محاكمة الاحتيال فى مانهاتن، وكان أول من أدلى بشهادته دفاعًا عن صديقه، وفعل ذلك فى وقت كان فيه العديد من المؤيدين والمتبرعين السابقين ينأون بأنفسهم بعيدًا عن ترامب. كما كان معظم عمل ويتكوف لصالح حملة ترامب بعيدًا عن الأضواء. كان ويتكوف أحد أكبر جامعى التبرعات لترامب - حيث وفر رابطًا للمانحين اليهود، بما فى ذلك المليارديرة ميريام أديلسون، المؤيدة المخلصة لإسرائيل التى ساهمت فى النهاية بمبلغ 100 مليون دولار. جدير بالذكر أن ويتكوف كان يلعب الجولف مع ترامب فى 15 سبتمبر من العام الماضى، فى نادى ترامب الدولى للجولف، فى ويست بالم بيتش بولاية فلوريدا، عندما فشلت محاولة ثانية لاغتيال ترامب، وهو ما زاده قربا من صديقه الرئيس. * • • يرى بعض المراقبين أن اختيار ترامب لويتكوف مبعوثًا خاصًا للشرق الأوسط، إضافة إلى تعيين حاكم ولاية أركنساس السابق مايك هاكابى سفيرًا لدى إسرائيل، يشير إلى أن الرئيس ترامب حسم موقفه النهائى من الصراع لصالح ما يرضى إسرائيل. وفى بيان إعلان تعيينه مبعوثًا رئاسيًا، قال ترامب إن ويتكوف، الذى يعرفه منذ عقود، سيكون صوتًا لا يلين من أجل السلام، ويجعلنا جميعًا فخورين. خلال العام الماضى، حضر ويتكوف خطاب نتنياهو أمام الجلسة المشتركة للكونجرس، فى يوليو الماضى، وسط خلافات نتنياهو والرئيس السابق بايدن. وعقب انتهاء خطاب نتنياهو، كتب ويتكوف على منصة إكس تغريدات داعمة لإسرائيل، وقال: «كان خطاب رئيس الوزراء نتنياهو ملحميًا ومؤثرًا للغاية. كنت محظوظًا بوجودى فى القاعة. وكما قال نتنياهو، كان الرئيس ترامب أقوى مؤيد لإسرائيل منذ أجيال». كما يفتخر ويتكوف بأنه أول مسئول ودبلوماسى أمريكى يدخل قطاع غزة منذ 22 عامًا، ويتذكر عندما ارتدى سترة واقية من الرصاص، وسار فى بعض أنفاق غزة، وإطلاعه، من جانب الجيش الإسرائيلى، على ما كان عليه الحال بالنسبة لهؤلاء الرهائن. ويعتبر ويتكوف أن الجزء الأكثر مكافأة فيما قام به حتى الآن هو التمكن من إعادة الرهائن لمنازلهم وعائلاتهم، ومعرفة كيف يكون لم الشمل. * • • قبل نصف قرن، ومع اندلاع عاصفة فضيحة «ووترجيت» فى وجه الرئيس ريتشارد نيكسون، آلت إلى هنرى كيسنجر مهمة إدارة ملفات السياسة الخارجية الشائكة والمتداخلة. تعامل كيسنجر، بصفته مستشارًا للأمن القومى ووزير الخارجية لاحقا، مع مجموعة واسعة من القضايا الدولية الخطيرة، بما فى ذلك إنهاء حرب فيتنام، والتأسيس لعلاقات جديدة مع الصين، وإدارة الحرب الباردة مع الاتحاد السوفييتى، والتدخل فى حرب أكتوبر وإدارة صراع الشرق الأوسط، إضافة لتورطه الشخصى فى انقلابات أمريكا الجنوبية. يقف اليوم ستيف ويتكوف ممسكًا بأهم ملفات السياسة الخارجية الأمريكية كمبعوث رئاسى فى وقت لا يلم فيه الرئيس دونالد ترامب بتفاصيل الملفات الخطيرة التى بين يدى ويتكوف، وعلى رأسها الحرب الروسية الأوكرانية، وملف البرنامج النووى الإيرانى، وأزمة العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة وتبعاتها التى لم تنتهِ بعد. تنبعث أهمية كيسنجر من كونه أحد أبناء مؤسسة المدرسة الواقعية فى العلاقات الدولية، ومنظرًا من العيار الثقيل من جامعة هارفارد فى العلاقات الدولية، فى حين لا يتمتع ويتكوف بأى مؤهلات حقيقية أو دبلوماسية سوى قربه الشديد وصداقته القوية بالرئيس ترامب، إضافة إلى خبرات حياتية ناتجة عن نجاحه كرجل عقارات فى نيويورك وغيرها على مدى ما يقرب من نصف القرن.