مباحثات مصرية كينية لتعزيز التعاون النقابي المشترك    "نيويورك تايمز": ترامب ربط سلوك ماسك غير اللائق بال"مخدرات"    أمريكا تدرس دعم مؤسسة "غزة الإنسانية" بنصف مليار دولار    "إذا حدث كذب".. متحدث الزمالك ينشر "حديث" تزامن مع تصريحات زيزو    حمدي فتحي: قرار مشاركتي بكأس العالم جاء بالتنسيق مع الخطيب    «الداخلية» تكشف حقيقة اقتحام منزل سيدة وسرقتها بالجيزة    ليلة من الفن الأصيل تجمع بين فنان العرب محمد عبده والمايسترو هانى فرحات (صور)    «الدبيكي»: نسعى لصياغة معايير عمل دولية جديدة لحماية العمال| خاص    أوكرانيا: أمامنا 12 شهراً لتلبية شروط التمويل الكامل من الاتحاد الأوروبي    اليونسيف: هناك غضباً عالمياً مما يجري في غزة.. واستخدام الجوع سلاحا جريمة حرب    الثلاثاء أم الأربعاء؟.. موعد أول يوم عمل بعد إجازة عيد الأضحى 2025 للموظفين والبنوك والمدارس    سعر الدولار أمام الجنيه والعملات العربية والأجنبية السبت 7 يونيو 2025    «المشكلة في ريبيرو».. وليد صلاح الدين يكشف تخوفه قبل مواجهة إنتر ميامي    حسام المندوه: تعاقدنا مع الرمادي لهذا السبب.. وسنعيد هيكلة الإدارة الرياضية في الزمالك    نتيجة وملخص أهداف مباراة المغرب ضد تونس الودية    محمد الشناوي: الزمالك هو المنافس الحقيقي ل الأهلي وليس بيراميدز    مبالغ خيالية.. إبراهيم المنيسي يكشف مكاسب الأهلي من إعلان زيزو.. وتفاصيل التعاقد مع تركي آل الشيخ    عيار 21 الآن بعد الارتفاع الأخير.. أسعار الذهب اليوم السبت 7 يونيو بالصاغة محليا وعالميا    شديد الحرارة والعظمى في القاهرة 36.. حالة الطقس اليوم    للمسافرين ثاني أيام العيد.. مواعيد قيام القطارات من محطة بنها إلى المحافظات السبت 7 يونيو    سفارة الهند تستعد لإحياء اليوم العالمي لليوجا في 7 محافظات    محاضرة عن المتاحف المصرية في أكاديمية مصر بروما: من بولاق إلى المتحف الكبير    يسرا توجه رسالة إلى تركي آل الشيخ بسبب فيلم «7 Dogs»: نقلة نوعية للسينما    منال سلامة ل"الفجر الفني": لهذا السبب قد أرفض بطولة.. ولا أفكر في الإخراج    دار الإفتاء تكشف آخر موعد لذبح الأضحية    تجارة الخدمات بالصين تسجل نموًا سريعًا في أول أربعة أشهر من عام 2025    أجواء فرحة العيد في حديقة الحرية أول أيام عيد الأضحى| فيديو    وفاة سائق سيارة إسعاف أثناء عمله بمستشفى بني سويف التخصصي    سوزوكي توقف إنتاج سيارتها «سويفت» بسبب قيود التصدير الصينية على المعادن النادرة    المطران فراس دردر يعلن عن انطلاق راديو «مارن» في البصرة والخليج    الكنيسة الإنجيلية اللوثرية تُعرب عن قلقها إزاء تصاعد العنف في الأراضي المقدسة    البابا تواضروس يهاتف بابا الفاتيكان لتهنئته بالمسؤولية الجديدة    تفاعل مع فيديو هروب عجل قفزًا في البحر: «رايح يقدم لجوء لأوروبا»    أخبار × 24 ساعة.. المجازر الحكومية تستقبل أكثر من 9800 أضحية أول أيام العيد    صلى العيد ثم فارق الحياة.. تشييع جنازة صيدلي تعرض لأزمة قلبية مفاجئة في الشرقية    بسبب ماس كهربائي.. السيطرة على حريق نشب في كشك بكرداسة    باختصار.. أهم الأخبار العالمية والعربية حتى منتصف الليل.. 42 شهيدا بغزة منذ فجر أول يوم العيد.. انتخابات مبكرة بهولندا في 29 أكتوبر المقبل.. إسقاط مسيرة استهدفت موسكو.. وبوتين يهنئ المسلمين بعيد الأضحى    فيفا يدخل ابتكارات تقنية غير مسبوقة فى كأس العالم للأندية 2025    ولي العهد السعودي: نجاح خدمة ضيوف الرحمن نتيجة جهود الدولة في رعاية الحرمين والمشاعر المقدسة    "الخارجية الفلسطينية" تُرحب برفع عضوية فلسطين إلى "دولة مراقب" في منظمة العمل الدولية    سالى شاهين: كان نفسى أكون مخرجة سينما مش مذيعة.. وجاسمين طه رفضت التمثيل    بصورة مع والدته.. حسن شاكوش يحتفل بعيد الأضحى    اليوم.. فرقة رضا فى ضيافة "هذا الصباح" على شاشة إكسترا نيوز    بمشاركة 2000 صغير.. ختام فعاليات اليوم العالمي للطفل بإيبارشية المنيا    «المنافق».. أول تعليق من الزمالك على تصريحات زيزو    لأصحاب الأمراض المزمنة.. استشاري يوضح أفضل طريقة لتناول البروتين في العيد    أستاذ رقابة على اللحوم يحذر من أجزاء في الذبيحة ممنوع تناولها    احذر من الإسراع في تخزين اللحوم النيئة داخل الثلاجة: أسلوب يهدد صحتك ب 5 أمراض    بعد غياب 5 سنوات، مفاجأة في لجنة تحكيم "ذا فيوس كيدز" الموسم الجديد    زيزو: جمهور الزمالك خذلني وتعرضت لحملات ممنهجة لتشويه سمعتي (فيديو)    حدث في منتصف ليلًا| أسعار تذاكر الأتوبيس الترددي على الدائري.. وموجة حارة بكافة الأنحاء    تفشي الحصبة ينحسر في أميركا.. وميشيغان وبنسلفانيا خاليتان رسميًا من المرض    رئيس الشئون الطبية ب التأمين الصحى يتفقد مستشفيى صيدناوي والمقطم خلال إجازة العيد    مع قرب انتهاء أول أيام عيد الأضحى.. الغرف التجارية: لا داع للقلق السلع متوفرة.. شعبة الخضروات: انخفاض ملحوظ في الأسعار.. المخابز: لا توجد إجازة لتلبية احتياجات المواطنين    أسعار الكتاكيت والبط اليوم الجمعة 6 يونيو 2025    وزير الأوقاف يشهد صلاة الجمعة بمسجد سيدنا الإمام الحسين بالقاهرة    حكم من فاتته صلاة عيد الأضحى.. دار الإفتاء توضح التفاصيل    سنن وآداب صلاة عيد الأضحى المبارك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يوميات الأخبار
رتبة المشير، قلادة النيل للفريق عبدالمنعم خليل


«لهذه الاسباب كلها، اعتبر الفريق عبدالمنعم خليل
أبا روحيا للعسكرية المصرية الآن، لذلك أقترح..»
لايمكنني تحديد زمن معين، أو موقف محدد، أقول من خلاله أنني ألتقيت الفريق عبدالمنعم خليل أول مرة، بالتأكيد جري ذلك خلال حرب الاستنزاف، عندما كان قائدا للجيش الثاني الميداني، ربما عام تسعة وستين، إنه من القلائل الذين يجسد حضورهم معني القيادة، كأنه خلق لذلك، كثيرا ما كنت أتأمله بين ضباطه وجنوده، أثناء وقوفه عند حافة القناة متطلعا إلي الضفة الأخري، بعد تقاعده حرصت علي استمرار الصلة به، أتردد عليه بصحبة ابني محمد بانتظام، نزوره في بيته البسيط بمدينة نصر، قبل رمضان مضينا إليه وأهدي محمد كتابه الهام، حروب مصر المعاصرة في اوراق قائد ميداني. اهداء مؤثر جداأورد نصه. لقد أصبحت صلة محمد بالفريق عبدالمنعم خليل قائمة بذاتها. إلي درجة أنني أعرف أحيانا أخبار الرجل من ابني، كثيرة هي المواقف التي أستعيده فيها من خلال صلتي به التي كانت علي البعد ومن قرب، لكنها استمرت عندما تولي قيادة المنطقة المركزية في عام 1972، ثم عودته إلي قيادة الجيش الثاني بعد الأزمة الصحية التي لحقت باللواء سعد مأمون اثناء الحرب وخلال القتال ضد قوات الثغرة بقيادة الجنرال شارون. كان الوضع حرجا ودقيقا، هكذا تم استدعاء الفريق عبدالمنعم خليل ليواجه الثغرة. الرجل بقدر حزمه كقائد بقدر ما يفيض بهدوء عميق وتوازن داخلي نادر، لم أسمعه يوما ينطق وصفا ضارا بآخرين، أو نقدا جارحا أو ملاحظة علي أحد ممن عمل تحت قيادتهم أو ممن عملوا تحته، انه الأقدم علي الاطلاق الآن من قادة الجيش المصري، خاض حروب مصر المعاصرة كلها تخرج في الكلية الحربية عام 1939، أي مع بداية الحرب العالمية الثانية والتي شارك فيها، ثم حرب فلسطين عام 1948، وحرب 1956، ثم حرب اليمن 1962، ثم حرب 1967، ثم حرب الاستنزاف، ثم حرب اكتوبر، في كل هذه الحروب كان في المواجهة، في الميدان، أمضي خدمته في التشكيلات، في الخطوط الأولي، الآن وهو يخطو في أعوام ما بعد التسعين -أطال الله عمره- لا يكف عن الكتابة والمتابعة، يحتفل سنويا بذكري تأسيس الكتيبة 53، وهذا من المناسبات التي أحرص ألا تفوتني وسبق أن كتبت عن هذا الاحتفال في يوميات الأخبار، يعقد الاحتفال في دار المشاة، اجتماع يحضره عدد من قادة الجيش، كلهم خدموا في الكتيبة 53 تحت إمرته او معه، يدير الفريق عبدالمنعم اللقاء ورغم رقته ودماثته إلا أن شخصية القائد تبدو في أدق تصرفاته، وسلوكه، من الأمور التي تشغلني حتي الآن.. ولم أسأله عنها، لماذا خلا حفل تكريم قادة الجيش في فبراير 1974 امام مجلس الشعب منه، ومن الفريق عبدالمنعم واصل قائد الجيش الثالث وأحد الابطال الحقيقيين للجيش والأمة، أشعر أن الرجل يصمت عن كثير خاصة فيما يتعلق بحرب اكتوبر، الهدف السياسي وتناقضه مع أداء الجيش في العبور، لعل في كتابه القيم الذي اشرت اليه والذي طبع في دار المستقبل العربي التي اسسها الوطني النبيل محمد فائق ثم توقفت، سأعيد أصداره في السلسلة الجديدة التي ستصدر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب والمخصصة للجيش المصري وتاريخه، هذا الرجل قيمة كبري، ظل بعيدا عن كل ضجيج اعلامي أو صخب يبث المحبة ويكتب عن حياته في المؤسسة الوطنية العظمي، في آخر مرة زرته فيها كان في ضيافته ضابطان من الجيش العماني، كانا سيتخرجان في اليوم التالي في كلية القادة والاركان التي يحاضر فيها الفريق عبدالمنعم خليل، جاءا ليعربا عن حبهما وتقديرهما للرجل، عندما تولي اللواء عبدالفتاح السيسي وزارة الدفاع، بعد شهور اتصل بي الفريق عبدالمنعم خليل قال بصوته الهادئ.
«الفريق أول السيسي رقاني لرتبة فريق..»
كان صوته متأثرا، أكبرت ذلك، استعيد هذه الواقعة لأتقدم إلي الرئيس عبدالفتاح السيسي راجيا ترقية الرجل إلي رتبة المشير، ومنحه قلادة النيل لما قدم وما جسده من مثال في القيادة والاخلاص للوطن، لا أبالغ اذا قلت أنه الاب الروحي للعسكرية المصرية الآن، وانني لمورد بعضا مما كتب في مقدمة كتابه «حروب مصر المعاصرة»، حيث نقف علي ما يشبه شهادة دقيقة حية، فيها الجانب الادبي والعسكري، بينما يتردد في ذهني شعاره الذي صاغه للجيش الثاني «مصر اولا» ثم اصبح شعارا لمصر خلال حرب اكتوبر.
إلي الجبهة
يقول الفريق عبدالمنعم خليل ما نصه:
في حوالي الساعة الثانية عشرة والنصف من بعد ظهر يوم الثلاثاء 20 رمضان 1393-16 اكتوبر 1973 دق جرس التليفون الخاص المتصل بين القيادة العامة للقوات المسلحة وقيادات الجيش الميدانية وكان المتكلم هو اللواء محمد عبدالغني الجمسي، رئيس هيئة عمليات القوات المسلحة قائلا لي: «أنت مطلوب فورا لمقابلة الفريق الشاذلي» وبعد حوالي خمس عشرة دقيقة كنت أتلقي المهمة من الفريق الشاذلي رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية الذي قال لي «لقد اخترتك علي مسئوليتي الخاصة للتوجه إلي قيادة الجيش الثاني الميداني لتولي القيادة حيث تمكنت أمس سبع دبابات اسرائيلية من التسلل إلي الضفة الغربية في الدفرسوار والموقف غير واضح لنا تماما، واللواء سعد الدين مأمون قائد الجيش في حالة صحية لا تسمح له بالاستمرار في قيادة الجيش حيث قيل أنه مصاب بهبوط مفاجيء في القلب ويتولي ادارة المعركة حاليا اللواء تيسير العقاد رئيس أركان الجيش، ثم استطرد قائلا «والرئيس والقائد العام في مجلس الشعب حاليا وسأخطرهم باختياري لك وعليك تقع مسئولية السيطرة علي الموقف وتولي القيادة لفترة يومين أو ثلاثة إلي أن يتضح الموقف الصحي للواء سعد مأمون، وقد تتولي قيادة الجيش بدلا منه اذا استدعي الأمرذلك وعليك معرفة تفاصيل الموقف من العمليات قبل تحركك مع السلامة» وانتهت مقابلة الفريق الشاذلي.
وتوجهت إلي نائب رئيس هيئة العمليات اللواء أ.ح محمد حسن غنيم وكان يجلس في مواجهة الفريق الشاذلي وبجواره اللواء الجمسي وقال لي اللواء غنيم نفس المعلومات التي سمعتها توا من الفريق الشاذلي ولاجديد ولكنني أردت استيضاح الموقف عن فكرة قرار قائد الجيش الثاني الميداني وموقف وحداته في شرق القناة وغربها وكفاءتها القتالية من بورسعيد شمالا إلي جنوب فايد، وفي عمق سيناء ومدي ما وصلت اليه قواتنا وايضا توزيع القوات كفكرة عامة وأخذت فكرة سريعة عن موقف العدو ونشاطه خاصة الموقف الجوي.
والحقيقة كانت هذه المعلومات غيركافية لي في هذه اللحظات الحاسمة ولم أعرف موقف الجيش الثالث الميداني الجار الأيمن للجيش الثاني ولا أي معلومات أخري ولما كان الفريق الشاذلي يستعجل تحركي إلي الجبهة فأسرعت بالعودة إلي مركزقيادتي في المنطقة العسكرية المركزية بالعباسية حيث سلمت قيادتها إلي اللواء سعد ابراهيم سعيدرئيس أركان المنطقة، وركبت عربتي الجيب الحربية ومعي سائقي الرقيب محمد الشافعي الذي رافقني منذ أن كنت قائد وحدات المظلات عام 1965 وكذاحرسي الخاص الرقيب محمود السيد من الشرطة العسكرية ومعي حقيبتي الميدانية الجاهزة دائما للمفاجآت وتحركنا إلي قيادة الجيش الثاني بالاسماعيلية.
وانطلقت إلي رجالي في الجيش الثاني الذين وحشوني بعد غياب 654 يوماعنهم، فهم أسرتي وأهلي ومن عشت معهم أسعد أيام حياتي فقد كنت لهم أبا وأخا وصديقا وقائدا وبنيت قيادتي لهم علي اساس من العدل والمحبة والوفاء وغرسنا معا بذورهامن أعوام طويلة مضت فنمت وترعرعت وأصبح أصلها ثابتا وفروعها في السماء.
حياة حافلة
ودار في ذهني فيلم حياتي العكسرية السابقة.. حياة طويلة حافلة وأول لقطة تذكرتها هي يوم 19 مايو 1967 عندما كنت قائدا لوحدات المظلات برتبة العميد، وأعلنت حالة الطوارئ في القوات المسلحة واستدعيت في التاسعة مساء إلي مبني القيادة العامة للقوات المسلحة في مدينة نصر يطلق عليه اسم المجمع وكلفت بمهمة عاجلة ومحيرة ودائما المهام عاجلة وهي «تأمين خليج العقبة قبل أول ضوء يوم 20 مايو 1967»!!
ولم يكن أمامي إلا ساعات قليلة قبل التحرك جواالي مطار شرم الشيخ ومعي الوحدات المكلفة بالمهمة.. وهنا أدون ماقالته زوجتي بعد انتهاء القتال «أنك تحب عملك أكثر منا، اننا لم ننسي عندما قامت ثورة اليمن في 26 سبتمبر 1962 واستدعوك في منتصف ليلة 17/18 اكتوبر 1962 ونحن في فايد بمنطقة القنال للتحرك والسفر في الفجر إلي اليمن!!.. سامحهم الله»..
وتحركت السيارة الجيب الحربية الروسية الصنع إلي الاسماعيلية، وجالت بخاطري خواطر كثيرة والسيارة تنهب الطريق الصحراوي مارين بانشاص حيث كانت تتمركز قوات المظلات، وبجوارها قوات الصاعقة شقيقتها التوأم والارض الممتدة حولي تحكي قصة وحداتي في المنطقة العسكرية المركزية في خيامها وخنادقها وهي علي استعداد تام للتحرك والاشتراك في القتال حسب خطة الشرارة بعضها قد تحرك فعلا بأوامري والبعض الآخر ينتظر أوامر القائد الجديد..
وعبرت السيارة كوبري معديات علي ترعة الاسماعيلية الحلوة كما نسميها نحن الشراقوة وهي جنوب بلبيس إلي الطريق الزراعي المسمي طريق المعاهدة إلي الاسماعيلية وهنا تذكرت قصة هذا الكوبري او المعبر الحيوي فعندما كنت قائدا للجيش الثاني الميداني، أمرت بإقامته في الاشهر الأولي من عام 1971 لتسهيل التحرك من إلي الجيش الثاني رغم أنه خارج حدود الجيش التي كانت تنتهي عند بلبيس حيث توجد الكلية الجوية.
وتذكرت ايضا المحافظات التي كانت تقع في حدود قيادتي للجيش الثاني وهي محافظات الشرقية والاسماعيلية وبورسعيد ودمياط والدقهلية، واذكر تعاون السادة المحافظين ورجال الأمن والحكم المحلي جميعا معنا بصدق وإخلاص في كل ما يخص الجيش الثاني والمجهود الحربي عامة، وما يخص رجالي خاصة ولهم مني في هذه اللحظات الحرجة المحيرة كل الشكر والتقدير.
الثغرة
وأعود إلي نفسي وأقول هل المعلومات التي سمعتها من الفريق الشاذلي ومن نائب رئيس هيئة العمليات أن سبع دبابات للعدو الاسرائيلي نجحت في التسلل غربا في الدفرسوار تحدث هذا الوجوم الذي قرأته في وجوه كل من قابلتهم في مركز القيادة بالقاهرة! هل 7 دبابات اسرائيلية- علي حسب قولهم- تحتاج للاستعانة بقائد جديد يعيدوه إلي قيادة وقوات تركهم منذ اكثر من 21 شهرا؟! يريدون منه قيادة هذا الجيش الكبير وهو في حالة اشتباك مع العدو في قتال مرير، برا وبحرا وجوا من بورسعيد شمالاالي بورفؤادشرقا، ومن فايد جنوبا إلي عمق سيناء شرقا وفي ثغرة الدفرسوار غربا وفي قطاعات القتال المتلاحم في الاسماعيلية شرق والقنطرة شرق وما بينهما. ولايعلم هذا القائد ما هي خطة قائد الجيش الثاني المريض ولا يعرف موقف وحدات وتشكيلات الجيش ولا أي تغييرات في قياداته أو دعمه وما هي القوات الجوية المخصصة لمعاونته، وكذا سفن الاسطول البحري المخصصة للتعاون معه ولا يعلم بالتأكيد موقف العدو أمام مواجهة الجيش الثاني أو في عمق سيناء ولاأي تفاصيل أخري عن قطاع الاختراق الاسرائيلي غربا..
والي سيناء اتجه تفكيري عن طبيعة القتال فيها وكيف قفزت سيناء إلي مركز الصدارة بين مسارح الحروب التاريخية وذكرياتي في سيناء منذ عام 1948 حيث اشتركت في بعثة استطلاع عسكرية حتي طابا عبر رأس النقب شمالا إلي العريش مارا بنخل والكونتلا ثم أبو عجيله وغيرها ذكريات عن أرض الفيروز أرض الذكريات.
وتمر السيارة في طريقنا إلي الاسماعيلية علي استراحة لقائد الجيش الثاني في مكان هاديء وبالطبع انتقل مركزقيادة الجيش إلي مركز تبادل آخر في الامام أكثر منذ بداية العمليات في 6 اكتوبر 1973 وتبعا لتطور القتال في عمق سيناء وقال الرقيب محمد الشافعي، سائقي الخاص هل نمر علي العنكبوت؟
فأومأت له بالموافقة واتجه بالسيارة إلي داخل المكان الذي كنت أجد فيه متعة الهدوء والراحة وسط حدائق البرتقال واليوسفي والليمون، وبالطبع لم نجد أحدا هناك إلا افراد الحراسة.. وأديت صلاة العصر في مسجد القرية الصغير وشكرت الله تعالي أن مكنني من الصلاة.
وكنت قد سعدت بصلاة الظهر جماعة مع ضباط قيادتي في المنطقة العسكرية المركزية بالقاهرة، وكنت اماما لهم في الصلاة وشعرت بأني بعد هذه الصلاة سأذهب إلي الجيش الثاني قائدا له.. وصرحت بهذا إلي صديقي ونائبي اللواء سعيد ابراهيم..
وانطلقناالي غايتنا للوصول إلي الاسماعيلية قبل الافطار فقد كنت وسائقي وحرسي الخاص صائمين رمضان والحمدلله ومع خواطر رمضان وذكرياته تذكرت حروب الرسول عليه الصلاة والسلام في رمضان وتذكرت ايضا مأمورية لي في شهررمضان في عام 1948 في اثناء حرب فلسطين عابرا من غزة إلي الفالوجة وعراق المنشية إلي بيت لحم مارا بالخليل وأنا صائم لتوصيل جنود مجندين إلي منطقة بيت لحم المشرفة علي القدس.. ثم أعود إلي الحاضر مرة أخري مع اصوات الطائرات وطبول الحرب. فعندما كنت قائدا لهذا الجيش الكبير ومعارك التراشق بالنيران المدفعية والمدرعات وأثناء حرب الاستنزاف وحصولنا علي أسري من العدو الاسرائيلي لأول مرة بعد نكسة 1967 ورغم محاولات العدو المتكررة للعبور للضفة الغربية ونشاطه أمامنا علي الضفة الشرقية للقناة فقد باءت جميع عملياته بالفشل بل وقد تمكنت قواتي من الحصول علي ضابط أسير يسمي دان افندان عام 1969 واثنين من رجال المظلات الاسرائيلية من رجال شارون في يوم السبت الحزين- كما سمته الصحافة الاسرائيلية- الموافق 30 مايو 1970 وقد ذكرت وكالات الانباء العالمية الخسائر الكبيرة التي منيت بها اسرائيل في هذا اليوم الحزين!!
المواجهة
ويمضي الفريق عبدالمنعم خليل ساردا الوقائع الحاسمة:
وتغلبت الأفكار والتوقعات عن أحداث ثغرة الدفرسوار وأشعر بدقات قلبي تزداد ولا استطيع أن أتصور كيف استطاعت القوات الاسرائيلية الاختراق غربا!!
وكل مشروعاتنا التي كنا نتدرب عليها وتوقعاتنا للاختراق في هذه المنطقة بالذات كثغرة ضعيفة في الدفاعات، نظرا لطبيعة الأرض واتساع المواجهة في هذه المنطقة لوجود البحيرات المرة في الفاصل ما بين الجيش الثاني والثالث...
كيف نغفل الدفاع عن هذه المنطقة؟ وكيف نسمح لليهود بالتسرب منها؟
انها موضوعات تحتاج إلي دراسة كاملة.. دقيقة واضحة وصريحة.
ورأيت في الفانوس السحري أمامي لقطات ما بعد هزيمة يونيو 1967 عندما اختارت القيادة السياسية المصرية من يقف بجانبنا للمعاونة في اعداد القوات المسلحة للقتال، ولقطات اعوام الاستنزاف والحسم والصمود والتحدي، ولقطات اجتماعات القمة المصرية في مجالس الحرب قبل النكسة وبعدها وما دار فيها من أقوال وحكايات! حتي لقطات الصراع النفسي الخفي والعلني بين هؤلاء القمم تمر أمامي سريعة مؤلمة! إلا أن لقطة قرار حرب اكتوبر 1973 كانت كالماء البارد في الجو المملوء بالقيظ الشديد اطفأت لهيب الهزيمة واضاءت أنوار النصر والاطمئنان والثقة.
ويمضي الفريق البطل عبر الكتاب الذي أعتبره من اهم ما صدر عن حرب أكتوبر فقد كنت مشاهدا ومعايشا لوقائعها.
وهذا التكريم الرفيع بدأه الرئيس السيسي عندما رقاه الي رتبة الفريق ومنحته كلية القادة والاركان درجة الدكتوراه الفخرية. إن منحه رتبة المشير وقلادة النيل أرفع تقدير في ذكري العاشر من رمضان لمن يستحقه.
شكرا للنائب العام
ورجال النيابة
الأربعاء:
لن أخوض في تفاصيل، فقد انتهي الموقف الذي سردت وقائعه الاسبوع الماضي في الزمالك بتصفية آثاره، غير أن الشكرواجب للسيد المستشار النائب العام هشام بركات لتحركه السريع فور النشر، والمستشار علي مراد مساعدالنائب العام لشئون التفتيش القضائي، والشكر للمستشار علي شبل المحامي العام الذي التقيت به وتأثرت كثيرا بشخصه. والشكر ايضالرؤساء النيابة المستشار محمود خليل والمستشار محمد عبدالحكم رئيس نيابة وسط القاهرة والمستشار رئيس النيابة بالنيابة الادارية ريمون ماهر. شكرا للجميع، كل في موقعه، هذا تنويه واجب وتحية للنيابة العامةوالادارية، احد اركان نظامنا القضائي العظيم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.