أزمة قائد أم أزمة شعب ؟.. أنظر حولي، أتابع الصحف والحوارات الفضائية، أخبار من هنا وهناك، كل هذا يؤكد حقيقة واحدة، هي أزمة شعب!.. يناير وكواليسها ونجوم مسرحها، نعرف جميعا تفاصيلها.. المؤامرة الأمريكية الإخوانية قضي عليها فريقنا الاستراتيجي بحرفية، استنادا الي عبقرية الشعب المصري الذي أدرك سريعا مدي خطورة إبقاء هذا العار الإخواني حاكما له.. ظهرت حركة تمرد.. قامت ثورة 03 يونيو.. انتهي حكم الإخوان... وها نحن نسأل مجددا.. وماذا بعد؟.. بداية نقر أننا شعب لا يقرأ ونسبة الأمية عالية... تاريخنا الحديث خليط بين ذكريات ومذكرات، أما التأريخ العلمي الموثق فغائب.. حوصرنا بين العشق والرفض لهذا الرئيس أو ذاك.. حتي حرب أكتوبر المجيدة لم تسلم من غبار الصراع.. لم نمارس السياسة ومرجعيتها حقائق التاريخ والجغرافيا.. غابت الممارسة الديمقراطية ومعها مدارس تخريج الساسة ورجال الدولة.. الصحافة أممت فمن صاحبة الجلالة الي جارية في بلاط الحاكم، تحولنا الي دولة مُستهلِكة فمُستَهلكة. بسبب هذا كله نواجه عجزا في الإجابة عن سؤال.. وماذا بعد؟.. مسؤليتنا جميعا أن نثبت أننا ثرنا في 03 يونيو ليس رفضا للاحتلال الإخواني الأمريكي فحسب بل لابد أن نثبت قدرتنا علي بناء الجمهورية الجديدة.. لكن كيف والإنسان المصري في أمس الحاجة هو لتحديث؟.. العبقرية موروث جيني لكن العقول المؤهلة ضرورة لتحقيق قيمة مضافة بصفة مطردة وملموسة، وإلا عودة الي ماض ممقوت والرضوخ لأمر واقع مرفوض.. المناداة بالفريق أول السيسي في الوقت الذي يكتب فيه الدستور، يليه الاستفتاء عليه، فانتخابات برلمانية ورئاسية، هو إقرارنا بالعجز والفشل مقدما، وإعلان أن نَفسُنا قصير والعزم غائب، إن التواكل سمة، إن الثورة فشلت، والعودة الي الشرانق، والنعيم الاستهلاكي المنظري الزائف فمعركة رغيف العيش.. السيسي تحرك باقتدار وحرفية ومعه فريقنا الاستراتيجي متجاوبا مع رفض الشعب لحكم الإخوان، نادي الشعب فمنحه ثقة مطلقة وحبا منقطع النظير، ليتحول التفويض الي تكليف بتولي شئون الحكم لاغية لخارطة الطريق.. هي العودة الي الزعيم والحكم الشمولي!! فكلف السيسي من يصدر بيان ينفي ترشحه، خير ما فعل. ففي موقعه يحمي مسيرة شعب، يدعم خارطة الطريق، يدفعنا جميعا لرفض ضعف التواكل، فندفع المحترفين في كل المجالات للتصدي للعمل العام - وهم كثر - تطوعا وليس تكليفا من الزعيم بل اختيارا من الشعب.. يؤهلنا لعدم خلق مملكة من العمي يسيطر عليها أعور بشعار أو ثرثرة فضائية.. يقول لنا هزمتم يوم 62 يوليو أمريكا ودمرتم مشروعها الشرق أوسطي والآن ترغبون العودة الي التواكل ؟.. ماذا بكم ؟.. وماذا بعد؟.. الأحداث التي تمر بها مصر منذ عامين هي هدية من القدر، تدفعنا جميعا بالضرورة الي مواجهة صريحة مع ذاتنا، مقرين بعجزنا الناتج من عقود مضت لا نعرف أين نحن والي أين المسير والمصير. هتفنا لهذا أو لذاك، وعلينا الآن بحديث جاد تأخر كثيرا مع النفس، والبحث الصادق عن مواطن الضعف فينا، وعلاجها، وهي لدي البعض جهل المتعلم، تصحر فكري للطبقة المتوسطة، فكيف تنهض الطبقة الفقيرة فكرا وعملا بدونها ؟.. هي أزمة شعب لابد أن يبحث عن ذاته ليجد قادته.. نستطيع تجاوز كل هذا بدعمنا خارطة الطريق بمراحلها بفكر وجهد التواصل، نقرأ، نطالب بمعرفة كل الحقائق، بالتوازي، أكرر طلبي إلي من يحكم مصر وحالنا كما وصفت، أن يشكل فريقا من السياسيين والاقتصاديين والإعلاميين، ولدينا كفاءات اختارت الانزواء لحين هدوء غبار العواصف، لوضع البرنامج القومي لعقد قادم، يقدمه هؤلاء للشعب، موضحا التضحيات والتحديات المنظورة والمتوقعة، ومنها برامج تحديث العقول وتحفيز النفوس... سننجح في مواجهة كل هذه التحديات لثقتي في العبقرية المصرية التي تطالب بفريق عمل يضع لها ومعها خارطة طريق المستقبل ويحفزه علي المضي فيه.. بالهمة.