مثل كل قيمة جميلة وحقيقية في الحياة اختفي أسامة أنور عكاشة في تلافيف الزمن! رحل عن دنيانا إلي عالم آخر في رحاب الله. مثل كل قيمة جميلة وحقيقية غاب ولم يغب. مات.. وعاشت أفكاره. انتهت رحلته في الحياة كجسد.. لكنها لم تنته كمثل ورمز وفكرة. عرفته منذ بداية رحلته في الدراما.. وجمعتنا صداقة عميقة قوامها الاحترام المتبادل، والاعتزاز برابطة الفكر والثقافة والادب التي كثيرا ما توازي رابطة الدم، وأحياناً ما تتجاوزها بين البشر. كان واضحاً، قاطعاً، لا يعرف أنصاف الحلول.. ولا أنصاف المواقف والرؤي. وكتب ملحمة »ليالي الحلمية« ليعبر بالدراما التليفزيونية من شاطيء الفن إلي محيط الأدب. غاص بقلمه في قلوب المصريين واخرج المخبوء داخلها ليضعه علي ألسنة أبطاله. الحلم.. الأصالة.. الجدعنة.. الوطنية.. الصراع بين الخير والشر. بين الحقيقة والزيف. بين الوطنية والخيانة. بين الأمل والألم.. الحلم.. والإحباط. النصر.. والهزيمة. كل هذا عشناه مع ملاحم »عكاشة« الدرامية.. وابداعه العميق الذي نفذ إلي أعماق هذا الشعب واستقر هناك. كان طبيعياً أن تكون حياته قصيرة لأنها كانت عميقة، نابضة، متدفقة. وكانت طبيعته التي تتميز بالجدية والإلتزام الشديد لما يؤمن به.. ويترجمه في كلمات وأعمال تُحَّمله الكثير من الضغط النفسي والإرهاق البدني. لكنه أسامة أنور عكاشة.. بركان الفن.. بركان الإبداع والإخلاص والإنسانية الذي عرفناه جميعاً. وكنا محظوظين أننا التقيناه يوماً.. وتناثرت فوق حياتنا بعض من شظايا حممه! رحمك الله يا أسامة.. يا أعز الأصدقاء يا بركان الفن والألم!