الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل جنديين في حادثين منفصلين جنوبي غزة    وكالة الأمن الأوكرانية: اكتشفنا شبكة تجسس مجرية تعمل ضد مصالح أوكرانيا    12 مليون مشاهدة لأغنية صنعت لحظة حب.. "فستانك الأبيض" بين دموع ليلى وتصفيق الجمهور    مروان موسى ل«أجمد 7» ألبومى الجديد 23 أغنية..ويعبر عن حياتي بعد فقدان والدتي    السقا وفهمي يواصلان تصوير "أحمد وأحمد".. ثنائي منتظر يجمع بين الكوميديا والأكشن    جنوب أفريقيا يواجه زامبيا في مباراة مصيرية بكأس الأمم الأفريقية للشباب تحت 20 عاما    الرمادي يجري تغييرات.. تشكيل الزمالك لمواجهة سيراميكا كليوباترا في الدوري المصري    النيابة تستكمل معاينة حريق المبنى الإداري بوسط القاهرة    أسعار الخضروات والفاكهة في سوق العبور اليوم الجمعة    عودة الراعي، البابا تواضروس يحمل إلى القاهرة رسائل سلام من قلب أوروبا    باسل رحمي: إصدار 1492 رخصة مؤقتة لمشروعات جديدة    إصابة 5 أشخاص بحالات اختناق بينهم 3 اطفال في حريق منزل بالقليوبية    اقتحام مستشفى حُميّات أسوان بسلاح أبيض يكشف انهيار المنظومة الصحية في زمن السيسي    بيل جيتس يخطط للتبرع بكل ثروته البالغة نحو 200 مليار دولار    لقاء خارج عن المألوف بين ترامب ووزير إسرائيلي يتجاوز نتنياهو    الهيئة العامة للرعاية الصحية تُقرر فتح باب التقدم للقيد بسجل الموردين والمقاولين والاستشاريين    طريقة عمل العجة المقلية، أكلة شعبية لذيذة وسريعة التحضير    «دمياط للصحة النفسية» تطلق مرحلة تطوير استثنائية    افتتاح وحدة عناية مركزة متطورة بمستشفى دمياط العام    وزيرة البيئة: تكلفة تأخير العمل على مواجهة التغير المناخى أعلى بكثير من تكلفة التكيف معه    ستحدث أزمة لتعدد النجوم.. دويدار يفاجئ لاعبي الأهلي بهذا التصريح    مواعيد مباريات اليوم الجمعة 9- 5- 2025 والقنوات الناقلة    «أوقاف شمال سيناء»: عقد مجالس الفقه والإفتاء في عدد من المساجد الكبرى غدًا    التنمر والتحرش والازدراء لغة العصر الحديث    زعيم كوريا الشمالية يشرف على تجارب لأنظمة صواريخ باليستية قصيرة المدى    تكريم حنان مطاوع في «دورة الأساتذة» بمهرجان المسرح العالمي    الخارجية الأمريكية: لا علاقة لصفقة المعادن بمفاوضات التسوية الأوكرانية    حبس المتهمين بسرقة كابلات كهربائية بالطريق العام بمنشأة ناصر    أسرة «بوابة أخبار اليوم» تقدم العزاء في وفاة زوج الزميلة شيرين الكردي    الضباب يحاوط الأسواق.. تأثير النزاع بين الهند وباكستان على الاقتصاد العالمي    الهباش ينفي ما نشرته «صفحات صفراء» عن خلافات فلسطينية مع الأزهر الشريف    في أجواء من الفرح والسعادة.. مستقبل وطن يحتفي بالأيتام في نجع حمادي    حملات تفتيش مكثفة لضبط جودة اللحوم والأغذية بكفر البطيخ    تبدأ 18 مايو.. جدول امتحانات الترم الثاني 2025 للصف الرابع الابتدائي بالدقهلية    تسلا تضيف موديل «Y» بنظام دفع خلفي بسعر يبدأ من 46.630 دولارًا    طريقة عمل الآيس كوفي، الاحترافي وبأقل التكاليف    في المقابر وصوروها.. ضبط 3 طلاب بالإعدادية هتكوا عرض زميلتهم بالقليوبية    جامعة المنصورة تمنح النائب العام الدكتوراه الفخرية لإسهاماته في دعم العدالة.. صور    وسائل إعلام إسرائيلية: ترامب يقترب من إعلان "صفقة شاملة" لإنهاء الحرب في غزة    سالم: تأجيل قرار لجنة الاستئناف بالفصل في أزمة القمة غير مُبرر    الأهلي يتفق مع جوميز مقابل 150 ألف دولار.. صحيفة سعودية تكشف    خبر في الجول - أحمد سمير ينهي ارتباطه مع الأولمبي.. وموقفه من مباراة الزمالك وسيراميكا    غزو القاهرة بالشعر.. الوثائقية تعرض رحلة أحمد عبد المعطي حجازي من الريف إلى العاصمة    تفاصيل لقاء الفنان العالمي مينا مسعود ورئيس مدينة الإنتاج الإعلامي    «ملحقش يتفرج عليه».. ريهام عبدالغفور تكشف عن آخر أعمال والدها الراحل    طلب مدرب ساوثهامبتون قبل نهاية الموسم الإنجليزي    بوتين وزيلينسكى يتطلعان لاستمرار التعاون البناء مع بابا الفاتيكان الجديد    رئيس الطائفة الإنجيلية مهنئا بابا الفاتيكان: نشكر الله على استمرار الكنيسة في أداء دورها العظيم    «إسكان النواب»: المستأجر سيتعرض لزيادة كبيرة في الإيجار حال اللجوء للمحاكم    كيفية استخراج كعب العمل أونلاين والأوراق المطلوبة    الجثمان مفقود.. غرق شاب في ترعة بالإسكندرية    حكم إخفاء الذهب عن الزوج والكذب؟ أمين الفتوى يوضح    مصطفى خليل: الشراكة المصرية الروسية تتجاوز الاقتصاد وتعزز المواقف السياسية المشتركة    عيسى إسكندر يمثل مصر في مؤتمر عالمي بروما لتعزيز التقارب بين الثقافات    محافظة الجيزة: غلق جزئى بكوبري 26 يوليو    ب3 مواقف من القرآن.. خالد الجندي يكشف كيف يتحول البلاء إلى نعمة عظيمة تدخل الجنة    علي جمعة: السيرة النبوية تطبيق عملي معصوم للقرآن    "10 دقائق من الصمت الواعي".. نصائح عمرو الورداني لاستعادة الاتزان الروحي والتخلص من العصبية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أعيدوا البسمة للمصريين
بقلم: د. إسماعيل إبراهيم

عرف عن المصريين أنهم شعب يعرف كيف يصنع السعادة والبهجة, رغم أنه من أكثر الشعوب مقدرة علي الصبر, وتحمل المشاق, فهو شعب صبور, وهذه هي صفات وشيم بناة الحضارة علي مر العصور, ولكن للأسف جاء من سرق سعادة المصريين, وعرف كيف يرسم الشقاء والبؤس علي وجوههم.
كان المصري يلقي ضيوفه بالبشر والترحاب‏,‏ دائما مبتسما‏,‏ وعندما يحزن يضع حزنه بين ضلوعه‏,‏ ويضحك للدنيا‏,‏ ويبتسم للمشاكل‏,‏ ولذلك قالوا عنه انه ابن نكتة‏,‏ يطلق النكات والقفشات حتي في أحلك اللحظات‏,‏ فهو يواجه همومه بالسخرية منها‏,‏ والضحك ممن صنعوا تلك الهموم‏,‏ وسرقوا منه ضحكته‏.‏
في أيام المخلوع اسودت حياة الناس‏,‏ ومات البسمة وارتسم الحزن علي الوجوه‏,‏ من كثرة المعاناة‏,‏ وتلال المشاكل وجبال الهموم‏,‏ التي جثمت فوق صدور المصريين‏,‏ ولم يكن غريبا أن تزدهر الكوميديا‏,‏ ويقبل عليها الناس‏,‏ رغبة وأملا في استخلاص الضحكة أو حتي شبحها‏,‏ وبدلا من أن تنسيهم الضحكات همومهم أغرقتهم فيها‏.‏
بعد أن كانت البسمة والضحكة الصافية العلامة المسجلة عالميا للشخصية المصرية‏,‏ تحول المصري إلي خميرة عكننة ليس برضائه وإنما رغما عنه‏,‏ فلم يعد القادرون علي الضحك سوي قلة قليلة‏,‏ وهم أولئك القوم الذين كانت تعمل كل مؤسسات الدولة لصالحهم‏,‏ وجندت جميع الهيئات والمرافق لراحتهم وسعادتهم‏,‏ حتي كادوا يموتون من فرط السعادة‏,‏ بينما تموت غالبية المصريين حزنا وكمدا من سوء أحوالهم‏.‏
وعندما جاءت الثورة‏,‏ ورغم الدماء التي سالت خلالها‏,‏ إلا أن الناس تفاءلت بعودة البسمة إلي وجوه المصريين‏,‏ والضحكة إلي قلوبهم‏,‏ لأنهم ثاروا علي صناع الحزن‏,‏ وانقلبوا علي المترفين من الضحك‏,‏ ثار المصريون أملا في فرح حقيقي وسعادة من القلب‏,‏ لا فرح مرسوما بريشة فنان أدمن التزييف‏,‏ أو سعادة يصنعها مهرج بهلوان‏,‏ لم يضحك من قلبه يوما‏.‏
والفرح والسعادة لا تأتي إلا مع العدل والحرية والكرامة‏,‏ فالمحروم من العدل والمسجون في قفص الظلم لا تعرف شفتاه أبجدية الفرح‏,‏ ولا تلمع عيناه لمعة السعادة‏,‏ بعد أن أدمنت دموع الانكسار من كثرة البكاء علي الحقوق الضائعة‏,‏ والضحكة الحرة لابد لها من فضاء تغرد فيه بجناحين من كرامة تزهو بالابتسام‏,‏ فلا ضحكة صافية مع كرامة مهدرة‏,‏ ولا سعادة من القلب مع شظف العيش ومعاناة كسب الرزق‏,‏ الذي أقيمت دونه سدود الجشع والرشوة والمحسوبية‏.‏
وأعتقد أن ثورة‏25‏ يناير كانت ثورة ضد سارقي الفرح‏,‏ ثورة ضد لصوص الابتسامة الذين سرقوا الضحك من قلوب المصريين‏,‏ صناع النكتة والابتسامة الصافية‏,‏ فقد حول نظام اللامبارك حياة المصريين إلي تاريخ طويل من الحزن والمعاناة‏,‏ والضحك التايواني‏,‏ الذي حاول بعض المصريين أن يضحكوا به علي أنفسهم‏,‏ لأنهم لا يعرفون أن يعيشوا دون السعادة أو الابتسامة أو النكتة حتي ولو كانت مزيفة وغير أصيلة‏.‏
جبال الحزن الذي تكومت فوق صدور المصريين‏,‏ وأمواج الهموم التي أغرقتهم في الأحزان خلال حقبة الفساد السوداء‏,‏ حركت بركان الضحك الخامد‏,‏ الذي احترق كبده طويلا وأدمت معصميه أصفاد عهد الحزن البغيض‏,‏ فكان لابد له أن يتحرك‏,‏ نافضا عن الصدور جبال الأحزان‏,‏ ودافعا أمواج الهموم إلي شطآن بعيدة‏,‏ فقد اشتاق المصريون كثيرا إلي أمطار الفرح والسعادة‏.‏
الفرح عند المصري هو أن يجد قوت يومه وأن يسعد أولاده وبناته‏,‏ من عرق جبينه وكده‏,‏ أي أن يجد عملا يرزق منه برزق حلال‏,‏ وأن يري أولاده يتعلمون ويكبرون‏,‏ يرضعون من صدر الوطن الولاء والانتماء‏,‏ سعادة المصري أن يأتي ابنه من بعده رجلا متحملا أعباء نفسه معينا ومساعدا‏,‏ وحالما بأسرة صغيرة‏,‏ تأتي بالأحفاد ليضيئوا سماء الجد بالبهجة والسرور‏,‏ ولكن لا سعادة تحققت‏,‏ فلا حرية أثمرت‏,‏ ولا كرامة تحققت‏.‏
سرقت الثورة‏,‏ وضاعت معها آمال المصريين في غد كله فرح وسعادة‏,‏ وأطبقت الهموم مرة أخري علي حاضر الناس‏,‏ وغامت الرؤية وسط رياح خماسين الفوضي الأمنية‏,‏ وغرقت الأحلام في بحار آنانية الساسة‏,‏ ومحيطات جشعهم للسلطة‏,‏ وجاءت القرارات مرتعشة متعجلة تحت سياط الصراع المجنون بين معارضة مغرضة لا تعرف طريقا‏,‏ ولا تقيم لمصالح الناس وزنا‏,‏ وبين ضبابية الرؤية عند فريق لم يعرف حتي الآن أن مصر وطن للجميع‏,‏ وأنه إذا لم تعد الفرحة والسعادة إلي وجه مصر‏,‏ فغدا يثور بركان الحزن ثورة لن تبقي ولا تذر‏.‏
رابط دائم :


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.