سلطت ورشة عمل أُقيمت ضمن فعاليات معرض جدة للكتاب 2025، الذي تنظمه هيئة الأدب والنشر والترجمة، الضوء على آليات تحويل الأفكار والأحداث اليومية البسيطة إلى نصوص قصصية ملهمة وقادرة على التأثير؛ وذلك من خلال ورشة بعنوان "تحويل الأفكار اليومية إلى محتوى قصصي ملهم" قدمتها القاصة السعودية سلمى بو خمسين. اصطحبت "بو خمسين" الحضور في رحلة بدأت من المشهد العابر وانتهت بصياغة حكاية مؤثرة، منطلقة من قناعة مفادها أن "كل قصة عظيمة كانت في الأصل فكرة صغيرة في يوم عادي". ومنذ اللحظات الأولى، حرصت القاصة السعودية على خلق حالة من التفاعل المباشر مع الجمهور، عبر سؤال مفتوح حول تصوراتهم لما يمكن أن تقدمه الورشة، موضحةً أن الإنسان يروي القصص على مدار يومه دون أن ينتبه، من خلال تفاصيل التعب، وتجارب المرض، ولحظات التعافي، والفقد والذكريات، وحتى الأحلام المؤجلة، متسائلة عن إمكانية التقاط هذه الحكايات اليومية وتحويلها إلى نصوص أدبية حية قابلة للنشر والتأثير. وقدمت "بو خمسين" مثالا تمهيديا بعنوان "قصة الكرسي"، توقفت خلاله عند سر تحول حدث بسيط إلى نص لافت، مرجعة ذلك إلى عناصر الصدق، والوفاء، والصدى العاطفي، والتركيز على التفاصيل الجوهرية. واستعرضت خلال الورشة خطوات تحويل الحدث اليومي إلى قصة متكاملة عبر خمسة محاور، بدأت باقتناص اللحظة، ثم تقييم الحدث المختار، فالانتقال إلى بناء قصة مكتملة العناصر تشمل بداية مشوقة وسياقا واضحا وتصاعدا للأحداث، ثم نقطة تحوّل، وصولا إلى نهاية محكمة. كما تناولت في محور آخر عناصر السرد الناجح، من بينها زاوية الرؤية، والصوت السردي، والوصف الحي، والإيقاع، والتعبير العاطفي، وتسلسل الأحداث، وتوظيف الحواس، وإدخال عنصر الدهشة، وبناء شخصية تحمل رغبة واضحة، مع الاعتماد على الصراع بوصفه محركا للسرد وصولا إلى الذروة، واختيار نهاية مؤثرة تحمل معنى ضمنيا وتعكس روح المكان. وفي سياق متصل، نبهت القاصة إلى أبرز الأخطاء الشائعة في كتابة القصص، مثل إهمال البدايات، وغياب الوضوح، والإفراط في التفاصيل، وضعف الأصالة والعاطفة، والانفصال عن الواقع، والاستعجال في الكتابة، وجمود الأسلوب، وضعف توظيف الحواس. كما استعرضت الأشكال الأدبية التي يمكن أن تتفرع عن القصص اليومية، ومنها المقالات، والقصص القصيرة، وأدب الطفل، والروايات، والمذكرات، والقصائد، وحتى الأغاني. واختتمت القاصة السعودية، الورشة، بمحور تطبيقي شهد تفاعلا واسعا من الحضور، حيث دعت المشاركين إلى كتابة مشهد من حياتهم اليومية خلال عشر دقائق، بأسلوب قصصي يتضمن مقدمة واضحة، وحدثا مركزيا، ووصفا للبيئة، وبناءً للحبكة، وذروة درامية، ونهاية مدهشة، مؤكدة أن "أعظم القصص تبدأ بلحظة صغيرة حين ننتبه لها".