مات سامي هاشم. غادر "الشلة" وسافر في رحلة مجهولة، لم يستأذن في السفر أحداً ولم يقل لنا متي سوف يأتي. آخر مرة قابلته كان في حفل سحور الشرطة في ناديهم المطل علي النيل جاء ببدلتة البيضاء التي كانت عندما أسئله عن حبه لها، قال: ساخرا: "المرة الجايه أجيلك ببدله حداد": هل كان كلامه يومئ بشيء ما؟ جاء ببدلته البيضاء وجلس معنا وألقي في الجلسة عشر نكت وضحكنا ضحكا من القلب. لسامي هاشم أسلوب خاص في "الحكي"، يروي النكته بعد أن "يمسرحها" بطريقته، لاشك انه كان واحدا من ظرفاء العصر. مات سامي هاشم، الرجل الذي أدرك أن الحياة قصيرة مهما طالت فقرر أن يواجهها بالضحك، الضحك - علميا - يطهر القلب. وكان الموسيقار عبد الوهاب ينام بعد أن يري فصلا من مسرحية لفؤاد المهندس، هل كان سامي هاشم يعاني ولا نعلم؟ يتعذب ولا ندري؟ هل كان يكتم عنا شيئا لا نعرفه؟ هل قرر أن يصدر لنا الضحك وهو يذرف الدمع؟ كيف يخطف الموت رجلا يضحك كل الوقت؟ يقاوم الهم العام "بالضحك" ويقاوم الهم الخاص بالضحك، لا أظنه انه ذاق مرارة الاكتئاب مرة. ربما كانت المرة الوحيدة التي رأيت فيها تكشيرته عندما كان قلقا علي وظيفة لا بنته، لكنه كان قلقا ايجابيا، قلق أب يريد المستقبل لابنته في وقت ضاقت فيه مساحة العمل في مصر، وكل أب عاش هذا الاحساس، عندما رأيت التكشيرة قلت له: "أنت مش أنت، انت متنكر" وفي الحال روي نكتة: "بيقولك ضابط اتنكر طبال في فرح..."، وضحكت وانفرجت أساريره. مات سامي هاشم "ضحكة تسير علي قدمين" مات لنذرف الدمع علي رحيله المفاجئ، رأيته في حفل الشروق "ابراهيم المعلم"، ورأيته في الطريق الصحراوي في "ماستر" عند رجل الأعمال اسماعيل ثابت. رأيته في حفل استقبال لشخصية سعودية في بيت السفير أحمد قطان كنت أشعر انه يسعد الناس بصحبته، فلايكاد يجلس الا وتنطلق الضحكات، قنابل من الضحك يفجرها حيث يكون ولكنه اعتذر عن عدم اسعادنا بقفشاته وخطفه الموت. هذه الدنيا وان ابتسمت فلناخذ ابتسامتها بحذر، إنها قشرة موز، إنها رحيل في بداية سفر، انها الفرح بطعم الحزن، انها السفر بحقيبة هموم، انها الضحك حتي الدموع!