أكد الكاتب هشام أصلان، أن الهوية الثقافية ليست كيانا جامدا، بل "كائن حي" يتطور عبر احتكاكه بالماضي وتفاعله المستمر مع الواقع المعاصر. وأوضح أصلان، خلال ندوة حوارية نظمها معرض جدة للكتاب 2025، وأدارها محمد باسلامة، أن مرونة الهوية تمثل شرطا أساسيا لاستمرارها، مشيرا إلى أن السنوات الأخيرة شهدت تغيرات واضحة في أنماط الحياة اليومية، وهو ما يفرض على المثقف وعيا جديدا وقدرة على التكيف مع هذه التحولات، دون الانفصال عن الجذور، للحفاظ على علاقة متوازنة مع اللحظة الراهنة. وأضاف أن المثقف المعاصر مطالب بأن يكون قريبا من أدواته، ومدربا على التعامل مع المستجدات، لافتا إلى أن الذكاء الثقافي الحقيقي يكمن في قراءة الواقع بعمق، مع الحفاظ على صلة حية بالموروث الثقافي. وتناول أصلان مسألة العولمة، معتبرا أن الارتباط بها أصبح أمرا لا مفر منه، إلا أن الذوبان الكامل فيها لا يمكن أن يكون خيارا، موضحا أن الإغراءات كثيرة، لكن ما يرسخ في ذاكرة التاريخ هو النتاج الأصيل القادر على الحفاظ على هويته رغم تعدد المؤثرات المحيطة به. وفي حديثه عن اللغة، أشار إلى أن الكتابة بلغات غير العربية تمثل إضافة نوعية متى امتلك الكاتب أدواتها بوعيٍ واقتدار، مؤكدا في الوقت ذاته أن اللغة المحلية تظل ركيزة أساسية في تشكيل الهوية الثقافية وبنائها. وأفاد بأن الكاتب غير مطالب بالكتابة عن ثقافة لم يعايشها، لأن الإبداع الحقيقي ينبع من فهم عميق للتجربة الإنسانية التي ينتمي إليها، حتى وإن اقتضت ظروف الحياة الإقامة خارج المنطقة أو الوطن. تأتي هذه الندوة ضمن سلسلة الفعاليات الثقافية التي يقدمها معرض جدة للكتاب في دورته الحالية، تأكيدا لدوره في تنشيط الحوار الثقافي وتعزيز حضور الأدب والفكر ضمن المشهد الثقافي السعودي المتنامي، من خلال برنامج متنوع يستقطب نخبة من المثقفين والكتاب.