قرأت مقال الكاتب الساخر محمد العزبي بصحيفة الجمهورية يوم الجمعة الماضي - أول أيام العيد- وكان عنوانه "ليلة العيد". ضحكت وانتابتني حالة من الشجن في الوقت نفسه! ، فالكاتب القدير هو أحد الكتاب المفضلين عندي. أجده دائماً يعبر بأسلوبه الظريف الضاحك عن همومي التي هي هموم المصريين الآن. كتب محمد العزبي يصف مشاعره في هذا العيد وكأنه يصف بدقة مشاعر معظم المصريين: محدش له نفس يعمل أي حاجة ! ، لا سفر .. ولا خروج .. ولا أي مظهر من مظاهر بهجة العيد. وعندما تجولت في شوارع القاهرة والجيزة لم أشعر أننا نعيش أيام العيد وإجازات .بهجة وفرحة. بل وجدت الشوارع مظلمة ، وخالية من البشر وتذكرت الجملة التي قالها خالد زكي في فيلم "طباخ الرئيس":"وديتوا الشعب فين يا حازم؟". الشوارع خاوية ..والناس غير موجودة .. كله "بيتك..بيتك" . وتصادف أن تنشر" أخبار اليوم "يوم السبت ثاني أيام العيد تحقيقاً شاملاً علي صفحة كاملة عن النكتة المصرية. هنا تذكرت أننا شعب كان يوصف بأنه شعب "ابن نكتة" وإذا به الآن يصبح "ابن تكشيرة".. وجوه يغطي ملامحها العبوس وأصوات غائمة تاهت في حناجرها الضحكة. ماذا حدث لنا؟ ماذا حدث للمصريين؟. الكاتب القدير عادل حمودة صاحب الكتاب الشهير "النكتة السياسية" يقول إن المصريين كانوا ينكتون تنفيساً عن غضبهم من الحكام . وأشار الكاتب إلي أن السخرية من أحوالنا تحول الآن إلي مواقع التواصل الإجتماعي "الفيسبوك" و" تويتر " وظهرت موجات من الإبداع الحقيقي علي تلك المواقع من خلال رسوم الجرافيك الساخرة الموجعة وأوصي بضرورة الإهتمام بهذا اللون من الإبداع الشبابي المعبر عن أحوالنا بأسلوب العصر الذي يمكن أن يتجاوز حدودنا ويصبح أداة تربطنا بالعالم عن طريق الإنترنت. إذا فالسخرية موجودة لكن الأدوات والوسائل اختلفت.لكن تبقي النكتة المصرية مطلوبة لأنها أداة التنفيس الأوسع انتشارا بين طبقات الشعب العريضة التي لا تعرف الإنترنت . النكتة المصرية.. أين ذهبت؟ ولماذا لا نضحك من قلوبنا حتي نستلقي علي ظهورنا من الضحك كما كنا نفعل؟ وما الدلالة الاجتماعية والنفسية لما يعتري الشعب المصري الآن من قتامة وعبوس؟ أعتقد أن الموضوع يحتاج إلي تأمل ودراسة .. فالنكتة تنفيس كما يقول الكتاب والمحللون . فإذا لم يتم التنفيس وازداد الكبت والإحباط والغضب .. فإلي أين نحن ذاهبون؟. كنا شعب يعرف كيف يضحك ، ويخلق الضحكة في عز الحزن. فماذا حدث؟ وكيف نعود للضحك.. وكيف يعود إلينا .. اجيبوني من فضلكم .. وكل عام وأنتم تضحكون!