عادل حموده ساخرو »الفيس بوك« قفشاتهم رهيبة وإبداعهم غاضب النكتة السياسية كما تراها في كتابك؟ أنا كتبت »النكتة السياسية« في كتاب في نهاية التسعينيات، وكان عندي إحساس أن المصريين بينكتوا علي الحكام وفي المقابل لم أجد أي دراسات عن النكتة بشكل عام ولا النكتة السياسية بشكل خاص لا في المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية ولا الجامعات، ولا أعرف سبباً لتجاهل نكت المصريين وتساءلت لماذا يضحكون عليها ولا يعطوا لها أي اهتمام. بينما نجد د. سيد عويس يكتب عن هتاف الصامتين أي الكتابة علي السيارات ورسائل الإمام الشافعي تناول فيها رسائل الناس إلي الإمام وما يكتب علي المقابر.. فقررت إعداد الكتاب تناولت فيه النكت التي قيلت علي كل الحكام مع تحليل للظاهرة والاسترشاد بعلوم الاجتماع والاجتماع السياسي، واستعنت برسام الكاريكاتير زهدي العدوي والكاتب محمود السعدني وقابلت مشكلة وهي أن كتابة النكت أمر صعب وسخيف وغير منطقي ويختلف تماماً عن نطقها وتوصيلها بشكل لطيف إلي جانب أنها تحمل إهانات سياسية بشكل أو بآخر، ومن الطريف أنني خصصت فصلاً عن الرئيس السابق مبارك ورسم الغلاف الفنان مصطفي حسين. وعندما بدأنا طبعه تجارياً بمؤسسة الأهرام انزعج ابراهيم نافع رئيس مجلس إدارة الأهرام بشدة وأرسل الكتاب للدكتور مصطفي الفقي سكرتير الرئيس في ذلك الوقت الذي قال لي إن الرئيس يرجو تأجيل النشر لأن الظروف السياسية الصعبة الآن كان حرب احتلال الكويت والعرب جميعاً بينكتوا. ورأيت التأجيل ولكن حذفنا الفصل الخاص بالرئيس السابق وبقي العنوان في فهرس الكتاب وهي صدفة. وكان الرئيس السابق مبارك حاضراً في النكت الخاصة بكل من عبدالناصر والرئيس السادات وفي كل الكاريكاتيرات. تنفيس وضحك كيف تري مردود النكتة السياسية؟ أري فيه نوعا من الانتقام ووسيلة من وسائل المعارضة وتنفيسا ربما نضحك عليها ونشعر براحة بعدها والدليل ما يحدث الآن علي الفيس بوك فالناس تنكت ويتم تداول النكتة ولا أحد يتحرك، وعندما سألني عدد من المذيعين لماذا لا ننكت الآن وكنا قبل ثورة يناير بشهرين نشعل الدنيا نكتاً؟ قلت إن عادة الشعوب تبدأ بالشكوي عند الظلم والرجاء والالتماس ثم يتحول غضبهم إلي نكتة سياسية شديدة وبعدها تبدأ مرحلة الغضب وعندما تشتد درجة الغضب تتحول لثورة وهذا ما حدث في 52 يناير 1102. النكتة راحة للحاكم إذن النكتة تصب في مصلحة الحاكم؟ نعم، مادام الشعب يطلق النكات فعلي الحاكم أن يستريح ولا يعتبرها إهانة بل هو كرم من الشعب له ونحن الآن في حالة المطالبات أي المرحلة التي تسبق الغضب وأرجو ألا يتحول لحالة من اليأس المطلق وعصبية لا تعتمد علي العقل وتحدث الثورة.. وعلي الحاكم أن يعي أنه إذا امتنع الشعب عن إطلاق النكت فالمسألة تقترب من حالة الخطر.. إن لم تكن خطيرة جداً. نكتة بلا قيود وماذا عن النكتة الالكترونية الآن؟ النكت علي الفيس بوك الآن مازالت في حالة أمان ولدينا الآن جيل جديد من المبدعين يتمتعون بحرية مطلقة ولا قيود علي كتاباتهم أو أحاديثهم ووصلت حريتهم إلي الشتائم بالأم والأب وهنا تظهر حالة من الحرية المطلقة التي لا تحمل أو تضع اعتباراً لأي تحفظات كما شمل الإبداع في هذا المجال: النطق والجرافيك والفيديو فهذا عالم بلا حدود ويعتمد علي تجسيد النكتة وعدم الاكتفاء بقولها أو كتابتها، والقانون عاجز أمامها فالنكتة تصل للعالم كله وإذا نقلها صحفي أو نشرت بصحيفة توزع 5 آلاف نسخة تحاسب عليها فالحرية كاملة للموقع الالكتروني والحساب للصحيفة.. وهذا يؤكد البيروقراطية فالعالم يستخدم الانترنت ونحن مازلنا نتمسك بالورق ومازلنا في عصر الورق. والنكتة الالكترونية يتحكم فيها الشباب وبحكم سنهم يتمتعون بسرعة الاستجابة وهذا النوع من النكت هو الذي مهد لثورة يناير ولكن الآن أشعر أن شباب الفيس بوك يحملون الهم والأسي مما حدث بعد ثورة يناير حيث انتهت الثورة دون قدرتهم علي التجمع أو دون وجود إطار للتفاهم فيما بينهم ونلاحظها الآن في روح السخرية التي يعبرون بها عن هذا الوضع أو الموقف. مواهب الفيس بوك وهل تتابع النكتة الالكترونية؟ أحياناً، أتابع شباب الفيس بوك ولفت نظري أولاً إبداع ومواهب هائلة لا يتم دعمها أو الاستعانة بها وعلي سبيل المثال الجراج الطبيب »باسم«.. الوجه التليفزيوني الآن.. كان قد بدأ مدوناً علي الفيس بوك وهو الآن لامع علي الشاشة وأدعو كل المتخصصين أن يستعينوا بالمواهب الموجودة في المواقع الالكترونية بدلاً من البحث عن الطابع التقليدي عند اختيار العاملين وعلي سبيل المثال إذا أردنا صحفيين جددا موهوبين علينا أن نختار من المبدعين والمدونين وأنا شخصياً استعنت بسكرتير تحرير من الفيس بوك، وعلينا أن نمد يدنا لمواهب المواقع الالكترونية ولا نتعامل معهم بمنطق الغضب بل نعاملهم بمنطق الإبداع وهذا حديث لكل مسئول، فعندما أستمع إلي لحن جميل وبدون فرقة موسيقية أو صوت رائع أختار صاحب هذا اللحن والصوت وأعتبر هذا العمل بديلاً للجنة الاستماع والمقابلات التي لا جدوي منها ومدي الاختيار فيها ضيق ومحدود وإن كانت الإبداعات علي الانترنت رائعة فالمشكلة أنها تستغرق وقتاً طويلاً وتضيع الوقت فعلاً.. ونحن الآن أمام عمل رائع لشباب وسخرية عالية تخرج طاقاتهم النفسية من إبداع وغضب وآراء وهي تجمعات أتمني الاستفادة منها وأري سلبياتها في عدم استغلال المواهب الموجودة علي الفيس بوك.