يثير موقف الرئيس تجاه ما آلت إليه مظاهر العنف والبلطجة التي تتخلل التظاهرات لتحولها إلي شكل من أشكال حرب الشوارع العديد من علامات الاستفهام. خاصة بعض أن وصل الأمر إلي محاولة اقتحام بوابات قصر الاتحادية بواسطة ونش في الذكري الثانية لثورة25 يناير وفي سابقة تعد الأولي من نوعها مما يعتبر إهانة لرمز الدولة المصرية برمتها.. وفي هذا الصدد نسعي لتقييم مدي ملائمة سياسات الرئيس التي اتفق الجميع علي تميزها بقدر كبير من الصبر مع الظروف التي تمر بها البلاد.. في البداية تقول شيماء أحمد موظفة- بعد الأحداث التي شهدتها مدن القناة الثلاث كنت أتوقع أن يخرج علينا الرئيس بقرارات قاطعة لإنهاء حالة الفوضي, إلا أنه كعادته ألقي خطابا لا يتناسب مع الظروف التي تشهدها البلاد والذي تضمن فرض حظر التجوال فقط كما أنه لم ينفذ أيضا. وطالب عاطف عطية مهندس- الحكومة بإلقاء القبض علي عناصر الشغب بشكل إجباري حيث إن مكانها الأصلي في المعتقلات والسجون لا الشارع لترويع المواطنين الآمنين, لافتا إلي تراخي وزارة الداخلية في القيام بدورها والقبض علي المجرمين. وقال علي العبد محامي- أتفق مع مطالب القوي الثورية والأحزاب المنادية بضرورة تفعيل الحوار الوطني من أجل تنفيذ مطالب المعارضة وأتمني النزول إلي الميادين للتعبير عن رأيي إلا أنني أخشي من أن يعتبرني البعض أحد البلطجية الذين نجحوا في تشويه سمعة الثورا وإقصائهم من الميادين. وتعجب حسين محمود بائع متجول- من عدم السماح لرجال الشرطة بحمل السلاح لمواجهة الخارجين علي القانون الذين يحملون شتي أنواع الأسلحة فضلا عن المولوتوف و إطارات السيارات واسطوانات البوتاجاز المشتعلة, مؤكدا أن الغاز المسيل للدموع لا يكفي لمواجهة البلطجة. وأضاف أنه لابد من إصدار قانون يحدد أماكن التظاهرات علي أن تقتصر علي الميادين الخالية لا أمام المنشآت الحيوية بالدولة مثل قصر الرئاسة الذي له قدسيته باعتباره رمزا للدولة المصرية. ويري ناجح خلف بائع- أن العناصر الإجرامية التي تكدر صفو المواطنين في ذكري الثورة مأجورون لأنهم ينفذون مخططا واضحا لإسقاط الدولة, مشيرا إلي أن القضاء علي مظاهر البلطجة هي الخطوة الأولي في سبيل التقدم وبناء الدولة. ومن جانبه نفي دكتور جمال جبريل رئيس قسم القانون العام بكلية حقوق جامعة حلوان وأحد أعضاء مجلس الشوري وجود تواطؤ من جانب الرئيس والحكومة إلا أن ضعف إمكانات وزارة الداخلية وجهاز الشرطة عقب اندلاع الثورة أضاع هيبة الدولة ومؤسساتها, مما سمح بتصاعد وتيرة العنف في الشارع المصري دون رادع. وأشار إلي أن الأوضاع الحالية لا تحتمل الانتظار حتي يتم إعادة هيكلة الشرطة, مما يستوجب الاستعانة بالقوات المسلحة في عمليات التأمين, لضمان حفظ الأمن. نريد حاكما في لين أبي بكر وقوة عمر بهذه الكلمات بدأ نبيه الوحش المحامي بالنقض والدستورية العليا- حديثه, واصفا موقف الرئيس في مواجهته لمظاهر العنف والبلطجة بالتراخي الذي يسقط هيبة الدولة, والدليل علي ذلك هو ضرب الشعب المصري في مدن القناة الثلاث بقرار حظر التجوال عرض الحائط في تحد سافر لقرارات مؤسسة الرئاسة, لافتا إلي أن استمرار حالة التسيب من شأنها فتح شهية البلطجية لارتكاب المزيد من الأعمال الإجرامية والتجرؤ علي هيبة الدولة. وأضاف أن السماح بتكرار ممارسات العنف والبلطجة أمام قصر الاتحادية يعد نوعا من الهزل, لأن قصر الرئاسة يعد خط أحمر في جميع الدول, مشددا علي وجوب التفرقة بين معاملة المتظاهر السلمي الشريف وبين البلطجي المأجور والمسلح الذي يهدف إلي النيل من استقرار الوطن. وأكد أن قانون العقوبات به من المواد ما يكفي لردع هؤلاء, إلا أنه غير مطبق, لافتا إلي أن تواطؤ جهاز الشرطة عن أداء واجبه المتمثل في حفظ الأمن بسبب ضياع هيبته ليس مبررا لما نشهده من حالة الانفلات الأمني, حيث أنه من الممكن منح صفة الضبطية القضائية للشرطة العسكرية ورجال المخابرات من خلال إصدار مرسوم بقانون من مجلس الشوري, وذلك من أجل مساعدة الشرطة في ضبط الأوضاع ووضع حد للفوضي بشكل مؤقت. بينما قال دكتور عبد الغفار هلال عميد كلية اللغة العربية الأسبق بجامعة الأزهر إن الرئيس علي حق, لأن المسألة تقتضي نوعا من الحكمة والصبر في التعامل, خاصة مع وضع نظرة العالم إلينا ومتابعته لمرحلة التحول الديمقراطي التي تمر بها مصر بعد الثورة في الحسبان. وفي هذا الإطار أدان كارم رضوان مسئول جماعة الإخوان المسلمين في وسط وجنوب القاهرة وعضو الهيئة العليا لحزب الحرية والعدالة- ممارسة العنف من أي طرف, لافتا إلي سعة صدر الرئيس محمد مرسي إلي حد التهاون في المساس برمز قصر الاتحادية الذي يمثل الدولة المصرية ومحاولة اقتحامه, مشددا علي ضرورة محاسبة القائمين علي هذه الأفعال المشينة و تقديمهم للعدالة بتهمة الإفساد في الأرض. ومن جانبه حمل عبد الغفار شكر وكيل مؤسسي حزب التحالف الشعبي الاشتراكي- مسئولية ما حدث أمام قصر الاتحادية في الذكري الثانية للثورة علي الحرس الجمهوري الذي يتوجب عليه تأمين القصر الجمهوري والحفاظ علي أرواح المتظاهرين, مع التعامل بكل حزم مع العناصر المخربة. وانتقد إسلوب الرئيس في إدارة الأزمة الراهنة الذي يشوبه قدر من الغموض, بسبب عدم اتسام سياسته بنوع من الحزم والشدة لمواجهة سلسلة التخريب المتعمد, لافتا إلي أن صبر الرئيس قد يرجع إلي إيمانه بأن اللجوء إلي العنف يؤدي إلي عواقب وخيمة ويدخل البلاد في دائرة مفرغة من الصراع الذي نحن في غني عنه. وأرجع شكر أصل الأزمة إلي التوترات السياسية التي تعاني منها البلاد منذ اندلاع الثورة, مما يستوجب وضع حلول سياسية عاجلة, يأتي علي رأسها تفعيل مؤتمر وطني جاد يضم مختلف القوي السياسية للاتفاق حول أبرز القضايا الخلافية, مع الابتعاد عن المسكنات المتمثلة في الحلول الأمنية غير المجدية. واتفق معه الدكتور ياسر برهامي نائب رئيس الدعوي السلفية لافتا إلي اتباع سياسة النفس الطويل من قبل كلا من الرئيس والحكومة, مرجعا سبب تردد الرئيس في اللجوء إلي العنف إلي عدم رغبته في الاتهام بكبت الحريات, نظرا لحالة الترصد وتصيد الاخطاء من قبل وسائل الإعلام. فيما أكد دكتور مصطفي العلوي أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة- علي حساسية الموقف بالنسبة للرئيس محمد مرسي, نظرا لتزامن توقيت وجود المتظاهرين السلميين مع العناصر المخربة, الأمر الذي يجعل عملية التمييز بينهم أمرا صعبا, ومن الممكن أن يؤدي استخدام العنف إلي ظلم الأبرياء, لافتا إلي أن استخدام القوة ليس هو الحل الأمثل بل لابد من العمل علي تحسين الوضع السياسي والاستجابة لمطالب القوي المعارضة و تحقيق أهداف الثورة. وفي إطار البحث عن مخرج من الأزمة الراهنة, أكد العلوي أنه لا مفر من الحوار الوطني الذي يجمع مختلف الأحزاب والقوي الثورية, لافتا إلي أنه السبيل الوحيد لتهدأة الشارع ووضع حد للتظاهرات المتكررة التي سرعان ما تتحول إلي معارك دامية, مشيرا إلي أنه بمجرد البدء في جلسات الحوار الوطني سيطمئن الشارع وتهدأ النفوس الثائرة.