مئات الصور والفيديوهات لم تكن كافية للدفاع عن ثورة سوريا, لأن النظام مازال قادرا علي السيطرة الإعلامية علي الفئة الصامتة, حسب وصف مدير قناة حلب اليوم سامر كنجو. أو كما اعتاد رفاقه أن ينادوه باسمه الحركي أبو رامز. قناة حلب اليوم هي إحدي أهم القنوات الإخبارية الموجهة لسكان مدينة حلب, وتستهدف التواصل مع جمهور الرافضين للثورة, قائلا: كنا نريد إيصال ما يجري علي الأرض لهؤلاء الناس, لأن النظام كان ينفي وجود مظاهرات بالأساس. وترفض فئات واسعة من الجمهور الحلبي تصديق ما ينشر من الأخبار والفيديوهات والصور, لأن النظام يلعب لعبة خبيثة حسب كنجو, إذ أن هناك تفاوتا في الحالة السياسية والميدانية بين محافظة وأخري, ففي الوقت الذي كانت العساكر تقتل العزل والنساء, والدبابات تدهس المتظاهرين في حمص ودرعا, كان عساكر النظام يعتذرون عند الحواجز الأمنية لسكان مدينة حلب حين يطلبون بطاقات الهوية, وأضاف: كان المواطن لا يقتنع أن هذا الذي يعتذر لطلب بطاقة الهوية يقتل علي الجانب الآخر مدنيين عزل وأطفالا ونساء. قناة حلب اليوم هي قناة إخبارية تدار بالكامل عبر الإنترنت, ويتوزع مراسلوها بين الداخل السوري ومراسلو الخارج, بدأت البث في نهاية عام2011, أي بعد انطلاق الثورة بثمانية أشهر كاملة, ولم تكن في ذلك الوقت الاحتجاجات قد وصلت إلي مدينتي حلب ودمشق, وتعتمد علي بث الصور و3 شرائط أخبار يهتم أحدها بالأخبار العاجلة, والثاني بمدينة حلب فقط, والثالث بأخبار المحافظات الأخري. ضحايا بدلا من شهداء كانت كلمة السر في قدرة حلب اليوم علي دخول المنازل حسب كنجو, فالناس كانت تعزف عن مشاهدة القنوات التي تستخدم المصطلحات الثورية, كيف لي أن أمرر خبرا بأن متظاهرين قتلوا في الوقت الذي ينكر النظام وجود مظاهرات أصلا, إن غير المشاهد القناة؟, يتساءل سامر مجيبا: كان علينا أن نجد صيغة خاصة للتعامل مع الجمهور الحلبي المنغلق علي ذاته, والذي يمتاز بصبغة محافظة. اختار سامر وفريقه مدينة حلب لأنها تحتوي علي24% من سكان سوريا, كذلك فإنها من الجانب الديموجرافي تضم أكبر كتلة سنية برغم وجود طوائف أخري علوية وكردية, لكن تظل الطائفة السنية هي الأكبر علي الإطلاق, أما تاريخيا فإن مدينة حلب كانت الحاضنة للإخوان المسلمين في الثمانينيات, وشهدت مذابح وجرائم عدة علي يد النظام, يقول سامر: لم يكن النظام يستخدم العنف في حلب إلا في أضيق الحدود نظرا لوضعها الخاص. يتحفظ سامر علي تغطيات بعض القنوات الإخبارية, ومنها الجزيرة و العربية, لتغطية الأحداث, قائلا: تنشر هذه القنوات الأخبار دون تدقيق, ومع بداية الاشتباكات كانت تبث أخبارا خاطئة. يتكون فريق حلب اليوم من ستة متطوعين, كانوا يعملون بشكل سري, تربطهم غرفة محادثة علي برنامج ساكيب دون أن يعرف بعضهم بعضا خوفا من سقوط أحدهم في يد النظام, لكن تغيير مقر القناة من مدينة حلب إلي تركيا, كان الخطوة التي شجعت كنجو علي الكشف عن هويته. هذا السرية أعطت لكنجو ميزة لم يكن يحسبها, إذ صار يسمع التعليقات علي أداء القناة دون تحفظ, ودون مجاملة, كذلك سمحت له بالتجول في أماكن التظاهرات دون أن يكون مستهدفا من عملاء الأمن. تكتفي قناة حلب اليوم ببث الأخبار المكتوبة, دون الفيديو, نظرا لقصور الإمكانات, مع ذلك استطاعت أن تكون أحد المصادر الرئيسية لسكان المدينة في الحصول علي الأخبار خلال أشهر قليلة, ويرد كنجو ذلك نابعا لقرب ومعايشة القناة لما يحدث علي الأرض, فما أن يسمع سكان منطقة ما صوت رصاص, فهم يريدون أن يعرفوا ماذا جري, سواء كانوا معارضين أو مؤيدين, في الوقت الذي ينكر النظام كل شيء.