في الوقت الذي منعت فيه قنوات إخبارية من البث وسحبت تصاريحها من النايل سات تدفقت شلال من قنوات العري والابتذال في أعقاب ثورة يناير التي نادت بالحرية كأحد مطالبها ولكن ليس علي واحدة ونص. ففي الوقت الذي سحبت فيه تصاريح قناة " الجزيرة مباشر مصر " من النايل سات فوجئنا بوابل من قنوات الإبتذال تفرض نفسها عليه دون ترخيص عبر أقمار أخري أبرزها قنوات " التت " و" المولد " و" تعارف " وكانت أولي لحظات البث لكل من قناتي " المولد " و" التت " مع أول أيام عيد الأضحي المبارك . وكانت انتصار غريب الإذاعية بإذاعة الشباب والرياضة قد قامت بتقديم بلاغ للنائب العام ضد وزير الإعلام تتهمه فيه بالتآمر والعمل علي انحدار مستوي الإعلام المصري من خلال منحه ترخيص لقناة " تعارف " لما تحويه هذه القناة من محادثات خاصة وسرية للتعارف بين الشباب والفتيات وبث مقاطع فيديو محرضة علي الإثارة الجنسية .وبلاغ آخر للنائب العام بخصوص منح تراخيص البث لقناتي " التت " و" المولد " ضد هيكل وبعض مسئولي مدينة الإنتاج الإعلامي في الوقت الذي نفت وزارة الإعلام واتحاد الإذاعة والتليفزيون علاقتهما بهذا البث أو منحهما أي تصاريح للجهات القائمة عليه. والقنوات تحمل أسماء شعبية تعبر عن مضمونها منها "التت "وهي قناة تقدم رقصا شرقيا فقط دون برامج أو أية فواصل والتي يديرها بليغ وشهرته بليغ حمدي وهو بالتأكيد ليس الملحن الشهير الراحل ثم " المولد " التي يديرها حنفي كرتونة مالك شركة الأصدقاء و"شعبيات " ويديرها وليد نجم و«شرقيات " ودربكة "يديرهم مجدي ربيع وتامر حربي و"الفرح "يديرها محمد نجم وهيثم الزغبي وآخرها "شعبولا مصرية" ويديرها المطرب الشعبي شعبان عبد الرحيم. القنوات جذبت منذ بداية بثها عددا كبيرا من الشباب في جميع أنحاء مصر وكانت أكثر انتشارا في الأرياف والصعيد، وبدأ الشباب يبحث عن تردداتها من خلال مواقع الإنترنت، واللافت للنظر أن المشاهدين وجدوا فيها فرصة للهروب من برامج التوك شو التي أصبحت بفعل الظروف السياسية هي المادة اليومية الأكثر مشاهدة خلال عام 2011 . ويخشي كثيرون أن تكون قنوات الرقص الشرقي بداية لتيار جديد، يجذب إليه الشباب بعد عام كامل أصيب فيه المشاهد بحالة من الملل الشديد لما وصلت إليه حال القنوات المصرية التي اعتمدت علي التوك شو السياسي في جذب المشاهدين. التقارير التي أعدها مجموعة المرشدين العرب واتحاد المنتجين العرب تؤكد أن القنوات الفضائية في تزايد مستمر، وأن عام 2011 وفي ظل الانفتاح الفضائي شهد ظهور نوعية جديدة من القنوات الفضائية الغريبة المضمون والأهداف، فبعد سنوات من الجدل واللغط حول القنوات الدينية ومحاولة الجهات الأمنية الحد من تناميها وتزايدها بأشكال عدة منها الغلق والحجب من علي الأقمار الصناعية ، ظهرت قنوات تدعو الي التحرر وقنوات للمسابقات فقط . وتعتمد القنوات الجديدة في مضمونها فقط علي الرقص الشرقي، وقد قام اصحابها بتجميع مهرجانات الرقص الشرقي التي كانت تقام في مصر منذ سبع سنوات بأحد الفنادق الكبري وعرضها في هذه القنوات علي مدي 24 ساعة، واعتمدت قنوات أخري علي تجميع كل أغنيات الفيديو كليب التي تحتوي علي رقصات ومقاطع من رقصات في الأفلام ورقصات من أفراح . وكان تقرير قد صدر بعنوان "قنوات التلفزيون الفضائية في العالم العربي 2011" قد أشار إلي ارتفاع عدد القنوات التليفزيونية الفضائية المجانية في العالم العربي بنسبة 10,5%، حيث وصل عدد قنوات التليفزيون الفضائية المجانية التي تبث علي أنظمة عربسات ونايل سات ونورسات، إلي 538 قناة (يشمل العدد القنوات تحت البث التجريبي). ولفت التقرير إلي أن عدد القنوات الفضائية (التجريبية) التي تبث علي أقمار النايل سات وعربسات في الدول العربية، بلغ بنهاية إبريل الماضي نحو 37 قناة، فيما بلغ عدد القنوات الفضائية العاملة بنهاية الفترة نفسها نحو 501 قناة، مقابل 448 قناة فضائية عاملة بنهاية إبريل 2010 . وأوضح التقرير أن القنوات المملوكة من قبل القطاع الخاص تصدرت قائمة القنوات المجانية، حيث استحوذت هذه القنوات علي نحو 66,6%، تليها القنوات المملوكة من قبل الجهات الحكومية، والتي بلغت نسبتها نحو 20% من مجموع القنوات العربية، والنسبة المتبقية لملكيات مختلفة. وأشار إلي أن عدد القنوات التليفزيونية المجانية الفضائية التي تستهدف المنطقة العربية مستمر في النمو، حيث ازداد عدد القنوات التليفزيونية الفضائية المجانية بنسبة 438% مابين عامي 2004 و2011 . هذا العدد ارتفع بشكل غير عادي قد يصل في نهاية هذا العام إلي 700 قناة إذا بدأت القنوات الحاصلة علي تراخيص العمل قبل صدور قرار وقف إصدار تراخيص جديدة من قبل هيئة الاستثمار ووزارة الإعلام في سبتمبر الماضي إثر أزمة قناة الجزيرة مباشر مصر، حيث كان عدد كبير من المستثمرين العرب والمصريين قد حصل علي تصاريح بقنوات معظمها تحت مسمي المنوعات. . إلا أنها قد تبدأ مع نهاية هذا العام ومنها بالطبع قنوات الرقص الشرقي التي قد تتزايد خلال أيام بعد الإقبال الكبير عليها خصوصا من الشباب. ورفضت فنانات الرقص الشرقي المصري ظهور هذه الفضائيات المتخصصة في الرقص الشرقي، حيث أكدت الفنانة نجوي فؤاد أن هذه القنوات غير مفيدة، لأن المشاهدين ومحبي الرقص الشرقي لا يشاهدونها، مؤكدة أن هؤلاء الراقصات يسئن للمهنة وقواعدها لأنهن غير متخصصات في الرقص الشرقي، مشيرة إلي أنها عندما شاركت في برنامج " هزي يا نواعم " كانت المتسابقات يتدربن علي أيدي مدربين لمدة 6 أشهر كاملة قبل الخروج علي الشاشة، موضحة أن مثل هذه القنوات تسيء للراقصات لأنهن لا يتحشمن في ارتداء بدل الرقص..وفي السياق ذاته أكدت نجوي أن مصر تعيش أوقاتا عصيبة، ولا يليق بها اعتماد هذه الفضائيات للعمل في الوقت الحالي. أما الفنانة المعتزلة زيزي مصطفي، فذهبت إلي أنه من المقبول أن نشاهد رقصة في فيلم لها لأنها سيكون لها سياق وإطار داخل أحداث درامية، رافضة تقديم جرعة كبيرة بهذا الشكل، مؤكدة أن مصر في حاجة إلي جرعة كبيرة من الثقافة والعلم والاحترام، فالأولي أن تظهر قنوات فضائية تعلم الجمهور احترام بعضنا البعض وتقبل الآخر بصرف النظر عن دينه ولونه وأصله، موضحة أن الرقص الشرقي لا يحتاج أن يصل للعالم عن طريق الفضائيات لأنه بالفعل يعرف الرقص، قائلة : ظهور هذه الفضائيات نوع من أنواع الإلهاء عن القضايا المهمة، فنحن في ثورة. وكان اللواء أحمد أنيس رئيس مجلس إدارة النايل سات ووزير الإعلام الحالي قد صرح أن قناة " التت" المتخصصة في مجال الرقص الشرقي ليس لها تردد علي القمر الصناعي النايل سات كما يردد البعض، موضحا أن هناك بعض الترددات يتم ضبطها وتظهر القناة وكأنها علي النايل سات، لكن في الحقيقة القمر ليس له أي علاقة بها.وبجانب قنوات الرقص الشرقي، ظهرت أيضا مجموعة من القنوات الفضائية المتخصصة في مجال الكليبات الشعبية، حيث تعرض أغاني أقرب من نوعية ما يتم سماعها داخل "التكاتك". وأوضح المخرج تامر حربي مالك ومدير قناة "دربكة" المتوقفة حاليا بسبب غرامات لم يتم تسديدها أن القناة تتيح الفرصة للفنانين غير القادرين علي دفع مبالغ طائلة للقنوات الفضائية من أجل عرض كليباتهم، مشيرا إلي أن مثل هؤلاء الفنانين من الممكن أن يكون أحدهم موهوبا، علي الرغم من فقر كليباتهم، مشيرا إلي أنه يعرض تلك الكليبات علي شاشة قناة دربكة مجانا بدون الحصول علي أي مبالغ. وأوضحت نقابة الموسيقيين أن النقابة ليس لها سلطات علي مراقبة القنوات الفضائية الشعبية ولا تستطيع منع عرض محتواها، إلا إذا خرجت تلك الكليبات عن الآداب العامة، وهي الحالة الوحيدة التي تستطيع نقابة الموسيقيين التصدي لمثل هذه القنوات. علي جانب آخر أعلن المطرب الشعبي شعبان عبد الرحيم - الشهير بشعبولا - عن افتتاح قناته "شعبولا مصرية" علي القمر المصري نايل سات خلال أيام، بهدف تغطية ودعم نشاطات مرشحه المفضل عمرو موسي - أحد المرشحين البارزين والمحتملين للرئاسة - في حملته الانتخابية المقبلة، بالإضافة إلي عرض أغانيه وحفلاته حصرياً عليها. وأكد شعبولا في تصريح خاص أنه انتهي منذ أيام قليلة من الإجراءات الضرورية لتأسيس القناة، ووضع اللمسات الأخيرة قبل الافتتاح مع شريكه رجل الأعمال العراقي رشدي سعيد، الذي تحمل الأعباء المالية للقناة، وترك لشعبان كيفية مد القناة بالأعمال الشعبولية التي يحبها. وأضاف شعبولا، أنه سجل أغنية خاصة لدعم عمرو موسي في حملته الانتخابية المقبلة، تقول كلماتها "بحب عمرو موسي الراجل الحسيس.. بحب عمرو موسي وهو دا الرئيس"، مشيراً إلي أنه يتولي شخصياً إدارة الحملة الانتخابية لموسي في الحي الذي يقطنه ويروج لأفكاره وبرنامجه بين سكانه. وقال شعبولا، إنه مشغول الآن باختيار طاقم عمل القناة من مذيعين ومعدين ومخرجين وغيرهم، مؤكداً أنهم لابد أن يرتدوا الملابس المشجرة والديكورات المشجرة والبرامج المشجرة ذات الصبغة الشعبولية التي تقدم لجمهوره فقرات ترفيهية وأخري تتناول الحياة الشعبية في مصر. جدير بالذكر أن شعبان عبد الرحيم يتمتع بخبرة لا بأس بها في المجال الإعلامي، حيث سبق له وأن قدم برنامجي "هات من الآخر" و"أبراج شعبولا" ويستعد لتقديم معظم برامج القناة إحساساً منه بحب الناس له والعمل علي أن يكون قريبا منهم دائما سواء بالغناء أو بتقديم البرامج.