رحل الي دار البقاء واحد من اساتذة الكلام وهواة الحكي. رحل اسماعيل النقيب الكاتب الصحفي بعد معاناة مع المرض اشفقت خلالها علي نفسي ان أقوم بزيارته وهو قابع في حجرته بعد ان كان طليقا لايهدأ. كنا اذا جلسنا مع مجموعة من الاصدقاء فإن اسماعيل هو الوحيد الذي يقود دفة الكلام والسرد لايستطيع أحد منا ان يجاريه أو يوقفه وكان يتحدث دائما بلهجته الشرقاوية ولم تستطع المدينة ان تؤثر فيه وتجعله يغير أسلوبه الكلامي وكان يقول لي دائما أهوانت شبهي تماما أنا باتكلم شرجاوي وانت بتتكلم جناوي ولقد تعرفت علي النقيب منذ ستينيات القرن الماضي وكان في سنواته الأولي في المجال الصحفي كان يأتي الي الإذاعة بين حين وآخر مقدما بعضا من القصص القصيرة التي كنت أقدمها له في البرنامج الإذاعي مجلة الهوا كما كان ينشر أخبار الاذاعة وأنبائها في جريدة الأخبار ومن الذكريات الطريفة التي أتذكرها في هذا السياق وأنا اترحم علي اسماعيل النقيب أنه قبل سنوات عديدة التقيته مصادفة في ميدان محطة الرمل بالاسكندرية وأهلا باأبو السباع ولماذا انت هنا الي غير ذلك من الاسئلة وأخذنا الكلام ونحن نتجه صوب كورنيش الثغر وفجأ لمحنا عمنا الكبير الاديب الصحفي يرحمه الله عباس الاسواني جالسا في مقهي كاليثيا فقال اسماعيل هيابنا نجلس معه ورحب بنا الاستاذ عباس وأجلسنا الي جواره وهو ينظر الينا نظرة متسائلة وقال تحبوا تشربوا إيه؟ فقال اسماعيل الي حتقول عليه حنشربه وجاء الجرسون بكوبين من الليمونادة وتقاطر بعد ذلك مجموعة من الاصدقاءوبعد ان اجتمع الشمل قال الاستاذ عباس باين عليكم جعانين فقال اسماعيل اي والله احسنت القول ياعم عباس المهم اننا جلسنا جميعا الي المائدة داخل المقهي الذي كان يقدم بعض المأكولات اليونانية ذلك ان صاحب المقهي الرجل اليوناني لم يرض بغير الاسكندرية بديلا بعد أن سافرت افواج عديدة من أبناء الجالية اليونانية, تاركة المدينة المهم اننا جلسنا وأخذنا نتناول الوجبة وهنا لم ينس اسماعيل حبه للدردشة وسرد بعض الحكايات وبعد أن انطلق يتكلم ويحكي لمدة دقيقة او اكثر نظر اليه عمنا عباس وسأله اسماعيل إنت حتدفع فقال اسماعيل مبهوتا أدفع ايه يا عم عباس؟ فقال له إنت حتدفع ثمن القعدة والأكل اللي بتطفحوه فأجاب اسماعيل وانا حيلتي حاجة ياعم عباس وهنا قال عم عباس إذن تسكت ولاتتكلم انا بس اللي اتكلم لانني انا الذي سأدفع الحساب لقد نسي اسماعيل أن عمنا عباس الاسواني هو استاذ كرسي الحكي وأن أحدا من التلاميذ لايحق له ان يتكلم والاستاذ موجود ضحكنا غاية الضحك وشكرنا عم عباس علي عزومته وكنت كلما التقيت اسماعيل النقيب ويريد أن يتكلم ويحكي كنت أقو له ايه يا اسماعيل انت حتدفع ونظل نضحك ونترحم علي عمنا عباس وها أنا ذا أترحم علي اسماعيل النقيب يرحم الله الجميع