[تهافت الليبراليين] إن لم يكونوا هم صانعوها واستثنوا بالطبع الشرعية الثورية لوجود مرشحهم في جولة الإعادة, وخرجوا علينا بثنائيتهم التشريعية, العزل تقويض الدولة, ليشنوا هجوما حادا ومتجاوزا علي سلطة دستورية لو حدث مثله في دولة ديمقراطية عريقة لسقط البرلمان أو حل فورا بمعرفة الحكم بين السلطات ما أن أسفرت الجولة الأولي للانتخابات الرئاسية عن تصعيد مرسي وشفيق لجولة الإعادة حتي خرج علينا خطاب ليبرالي متعدد المسارات وغريب في أموره, أولها وأكثرها احتراما هو من نادي بالمقاطعة وإبطال الأصوات, وهو حق ديمقراطي أصيل في شكله ولكنه مضلل في مضمونة, لأنه معروف سلفا أن إبطال الأصوات يصب بالضرورة في خانة الدولة الدينية التي يمثلها مرسي, وهو وإن كان مقبولا ديمقراطيا في دولة مستقرة, إلا أنه مستغرب في دولة علي أعتاب بناء نظام سياسي جديد تقف علي مفترق طرق مابين إعادة تشكيل دولة مدنية الطابع في الأساس, أو الانحراف بها نحو دولة تسيطر عليها مباديء الحاكمية( وما الحكم إلا لله) والنصوصية( لا اجتهاد فيما ورد فيه نص) وهي دولة دينية محضة وإن تزيت بالمدينة وأشاعت أنها دولة لاثيوقراطية علي الطراز الكنسي في القرون الوسطي( دولة الحق الإلهي) وإنما هي دولة مدنية ذات مرجعية دينية فقط, وكأن الحاكمية التي لايستطيع إخواني أو سلفي إسقاطها وإلا سقطت أيديولوجيته تختلف من قريب أو بعيد عن الحق الإلهي, ناهيك عن أن مجرد ذكر أي مرجعية ولو غير دينية يسقط المدنية بالضرورة, لأن المدنية تعني في صميمها أن لامرجعية إلا مرجعية ماتواضع الناس عليه في التشريع, وقد كان متصورا من النخبة الليبرالية إن كان هناك ثمة نخبة أن تعض بالنواجز علي تلك الفرصة التي أهدتها إليهم عموم بسطاء مصر بفطرتهم السليمة التي رجحت كفة المدنية علي الدينية في مفارقة غير مسبوقة في التاريخ تأتي بعد شهور قليلة من ترجيح ذات البسطاء للديني علي المدني في الانتخابات البرلمانية, وإذا بالنخبة ترفض هبة البسطاء ليعلنوا المقاطعة باعتبارها عملا بطوليا. وليت الأمر توقف بتلك النخبة عند هذا الحد, بل تعداه بدعم وتصريح بعض أشاوس الليبرالية إلي انتخاب الديني لا المدني كشكل من أشكال النكاية مع العسكر هكذا يسمونهم وكأنهم قرروا المقامرة الصبيانية علي مصيرهم ومصير الوطن علي طريقة صاحب الكرة الشراب حين يقول مش لاعب, يا العب سنتر فرود ياأخد الكورة وامشس, فلا هو لعب الكرة ولا من أخذها منهم توقفوا عن اللعب, ولعبهم البديل هو الحكشة بالطبع. أما المسار الثالث فأمره هو الأغرب علي الإطلاق, فقد قررأصحابه أن لا دينية ولا مدنية ولاديمقراطية ولا مقاطعة, بل نادوا مجددا بالمجلس الرئاسي المزمع تشكيله من مرشحين خسروا الجولة الأولي, في ظاهرة هي الأخري غير مسبوقة في التاريخ, أن يتحالف خاسرون رفضوا أن يتحدوا قبل الانتخابات فخسروا ليخرجوا علينا متحدين بعدها, معللين خروجهم الاتحادي بشبهات التزوير, فلما لم تنطل علي أحد, رمونا بالتزوير المعنوي في هلفطة صك مصطلحات سياسية لا معني لها إلا في أذهان وأغراض من نحتوها, فلما لم تنطل هي الأخري علي أحد لم يكتفوا بالخروج علي الديمقراطية وإنما بالخروج علي القانون أيضا ودشنوا حملة إعلامية للحشد سابقة التجهيز والإعداد ليدفعوا بمئات الآلاف من البشر إلي الشارع في سويعات قليلة ليتم تصوير هذا علي أنه خروجح عفوي لأناس صدمتهم العدالة فخرجوا ليقيموا عدالتهم علي الطريقة التي يرونها, ولامانع في ظل كل هذا من إدخال ومزج العزل أيضا لتكتمل ثلاثية العزل الشرعية الثورية تقويض الدولية, تهلل لها جزئيا الإخوان إن لم يكونوا هم صانعوها واستثنوا بالطبع الشرعية الثورية لوجود مرشحهم في جولة الإعادة, وخرجوا علينا بثنائيتهم التشريعية, العزل تقويض الدولة, ليشنوا هجوما حادا ومتجاوزا علي سلطة دستورية لو حدث مثله في دولة ديمقراطية عريقة لسقط البرلمان أو حل فورا بمعرفة الحكم بين السلطات, ولكن لغياب الحكم المنتخب, استغلوا الفرصة المزدوجة, تسخين الشارع ولكن ليس إلي الحد الذي ينقلب علي ماحققوه من مكاسب, وتسخين المنازعات التشريعية القضائية للضغط علي المجلس العسكري بطريقة دوبل كو, موظفين في كل هذا تهافت الليبراليين كالعادة ليبقوا هم كمحرك عرائس الماريونيت من وراء ستار للمقايضة بهم علي مكاسب إضافية يبدو أن من يحاولون مقايضته قد قرر في النهاية سأما وضجرا أن يقلب التزابيزة عليهم وعلي عرائسهم الليبرالية, وكله بالقانون, والله أعلم.