تعلمنا أن الصحفي أو الإعلامي, هو المتحدث باسم الشعب, وأن انحيازه الأول والأخير هو مصلحة الوطن, وأن الموضوعية هي القيمة الأعلي ورمانة ميزان الصحافة والإعلام الحر البناء. ولكن للأسف من يتابع الاعلام المصري خلال الأيام الماضية, وخاصة بعد فوز التيار الاسلامي بنسبة عالية من الأصوات في الجولة الانتخابية الأولي, يجد أن معظم وسائلنا الاعلامية قد حادت عن قواعد المهنة, وارتكبت جريمة في حق الشعب. وكل يوم يمر يؤكد أن إعلامنا لا يعمل أبدا لصالح هذا الوطن, وإنما يغرد خارج سرب مصر, ويعمل تبعا لهوي أصحاب القنوات الفضائية, والقلة المتحكمة في الصحف, سواء القومية, التي لم تتعود علي الحرية, ودرجت علي إرضاء السلطة بجميع الطرق ولو علي حساب الوطن, أو تلك المؤسسات الخاصة, التي يؤجر رجال المال والأعمال فيها الأقلام, ويبرمجون العقول علي التحرك في الاتجاه الذي يخدم مصالحهم الخاصة, ولا يخدم المصلحة العامة, في إطار قانون الربح والخسارة, ومعظم هؤلاء من الفئة المتحولة, إلا من اعتصم بالوطن, وتمسك بعروته الوثقي. وأتمني أن يكون المصريون أصحاب المصلحة الحقيقية في هذا الوطن, محصنين ضد وباء اللا وطنية الذي يسري في دماء القائمين علي هذا الاعلام المسموم, وألا ينخدعوا بتجارتهم الفاسدة, التي تروج للسم في العسل, وقد بدا هذا واضحا بعد الفوز الكاسح للتيارات الاسلامية في الجولة الأولي من الانتخابات البرلمانية. وبدلا من أن يحاول هذا الاعلام أن يكون موضوعيا, ويغسل ذنوب فترة طويلة من العهر الاعلامي, الذي مارسوه طوال فترة اللامبارك راحوا يواصلون العربدة الإعلامية, مستغلين جو الانفلات السياسي, وتضارب القيم والآراء, وتصارع الأفكار, والبحث عن الغنائم, نافخين في نار الفرقة والخلاف, بدلا من الدعوة الي التفاهم والوفاق, وأخذوا يجرون وراء الشائعات, وافتعال المعارك, حتي بين أفراد الفصيل الواحد. توحدت أبواق الندامة الإعلامية, واستنفرت كل قواها, من أرباب الأفكار السوداوية, وأنصار التغريب, وصناع الفساد السياسي, ودعاة الخراب الاجتماعي, ومحترفي الهدم القيمي, ليقودوا حربا شعواء, ليس ضد الإخوان المسلمين, ولكن ضد كل ماهو إسلامي, متناسين أن مصر دولة إسلامية, وأنها كنانة الله في أرضه وأن هذا الشعب المنكوب بهم شعب متدين بالفطرة ويميل الي الوسطية والاعتدال, ويكره الانحلال والتحلل, الذي حاول النظام الفاسد أن ينشره فيهم خلال سنوات كثيرة مضت. في حماسة انفعالهم الأعمي, وغيظهم الحاقد, راحوا يقصفون أركان الوطن, بقنابل باطلهم, محاولين تضليل الناس, مدعين الحرص علي مدنية الدولة المصرية, التي سيشكل الاسلام خطرا عليها, ولن تصلحها إلا القيم الغربية المستوردة, ناعتين كل مايتعلق بالاسلام بالظلام والجاهلية, رغم أنهم يعلمون جيدا أن الاسلام دين نور وحضارة, وسلام ورحمة ومحبة, وتقدم وعلم ومعرفة, وأن خراب مصر وتدمير كل جميل فيها كان بفضل تلك النظم الغربية, التي لم نطبق منها سوي قشورها, ولم نتعلم إلا السييء منها, سائرين علي طريق الكاوبوي الأمريكي, ونسينا أو تجاهلنا أن السيد الأمريكي يقيم دولته علي أساس من القيم الدينية البحتة, ولا يرضي أن يسود الانحلال بلده, أما نحن, وعلي لسان إعلامنا, أدعياء الثقافة عندنا, الذين سادوا في عصر الجهل والضحالة طوال أيام اللامبارك, فقد شرعنا كل الأسلحة للقضاء علي قيمنا, وديننا, الذي هو سبيل عزتنا وكرامتنا. تناسي المسيطرون علي إعلامنا, وتجاهلوا قول رسول الله صلي الله عليه وسلم تركت فيكم, ماإن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبدا كتاب الله وسنتي. ولذلك لا عجب ان سادت الأمية الدينية, وانتشر الجهل بأمور الدين, وأغمضنا جميعا العين عن أحكام الاسلام, ولم نعد نتذكر الله حتي في أوقات الشدة, ورحنا نطلب العون والمدد من أعداء الله والوطن, حتي تكالبت علينا المشاكل, وتحقق فينا قول رسول الله صلي الله عليه وسلم كثرة كغثاء السيل, تتداعي علينا الأمم, كما تتداعي الأكلة علي قصعتها. لقد كشف القائمون علي أمر الاعلام عندنا كم العداء الكامن في صدورهم ضد الاسلام, وضد الاسلاميين, من خلال فضائياتهم وصحفهم, ولقد لمست ذلك من خلال الحوارات التي أجريت مع بعض رموز التيارات الاسلامية, التي كان واضحا فيها, كم الغل والغيظ والحقد, من خلال توجيه أسئلة تهدف للهدم, وليس للتفسير والتوضيح, حتي مكالمات المشاهدين, ويعلم كل من يعمل في اعلامنا أنها موجهة, بل تأتي أحيانا من الاستوديو, تم توجيهها وفبركتها, لتحقيق هدفهم اللعين, وهو النيل من الإسلام والتيارات السياسية الإسلامية وكأنهم يريدون أن يوصلوا رسالة للمصريين, الذين قالوا كلمتهم واختاروا جانب الدين, أنهم ارتكبوا جريمة كبري, وأنهم لابد أن يتخلوا عن الاسلاميين, ويدلو ا بأصواتهم لغيرهم من الأحزاب, التي يري السادة مقدمو البرامج أنها هي التي ستحقق مالن يقدر عليه أصحاب الأغلبية. وهكذا في الوقت الذي يتهم فيه إعلامنا حزب الحرية والعدالة بالتأثير علي الناخبين, يرتكب الاعلام من الجرائم في حق الشعب ماهو أبشع وأشنع, ومايمكن أن يكون فيه هلاك مصر كلها, ومن هنا أقول لكل مصري, ومصرية: لا تنساقوا وراء إعلام أدمن التزوير والتزييف, ولا تسمعوا لتلك الأصوات المأجورة, والتي تتاجر بنا وبكم, سواء قبل الثورة أو بعدها, واختاروا بحرية, واستمروا في دعم من ترونه الأفضل, وأعتقد جميعا أنكم تريدون أن يتولي أمرنا من يتق الله فينا, ويعرف الله حق المعرفة.