أنا رجل في العقد الخامس من عمري, تزوجت في شبابي من إحدي قريباتي التي توسمت فيها التعقل والتدين وأنجبت منها أولادي وسارت حياتنا تقليدية هادئة لا يشوبها ما يكدرها لكن في نفس الوقت لا يوجد ما يجعلها ممتعة أو رائعة. ومنذ خمس سنوات تعرفت علي امرأة شعرت نحوها بمشاعر جعلتني أدرك ما ينقص حياتي الزوجية ولم أكن ألحظه من قبل, ولأنني رجل أعرف الله وأخشاه صارحت تلك المرأة المطلقة بمشاعري ورغبتي في الزواج منها فلقيت منها ترحيبا خاصة أنها كانت تعيش وحيدة حيث لا أولاد لها, واتفقنا علي ألا تعلم زوجتي بأمر زواجي حرصا عليها حتي لا تضطر لطلب الطلاق. تزوجنا يا سيدتي واستطعت إخفاء الأمر عن زوجتي الأولي عدة سنوات تحسنت خلالها حياتي وأصبح لها طعما, حتي علمت زوجتي بزواجي الثاني بمصادفة غريبة ليس المجال هنا لسردها, ولم أنكر وخيرتها فورا بين الاستمرار معي وبين أن تحصل علي الطلاق وكنت أدعو الله بيني وبين نفسي ألا تطلبه حتي لا يتشتت أبنائي الذين أصبحوا شبابا, لكن حدث ما توقعته وأصرت زوجتي علي الطلاق. المشكلة يا سيدتي أنني كنت مستعدا تماما لتطليقها اعترافا مني بحقها, لكنني عندما أوشكت علي فعل ذلك صرحت لي صديقتها أن زوجتي اعترفت لها أنها تحبني وأن حياتها بدوني ستتحول إلي جحيم لكنها طلبت الطلاق من أجل كرامتها ولأنها لن تتحمل أن تكون لها شريكة في. سيدتي: إنني وإن كنت أفضل الإبقاء علي أم أولادي حرصا علي مصلحتهم, إلا أنني كنت أتمني أن يكون الطلاق هو رغبتها الحقيقية حتي لا أشعر بالذنب نحوها بقية عمري, وأنا الآن لا أدري كيف أتصرف أمام إصرارها علي الطلاق بعد تصريح صديقتها لي: فهل أرضخ لطلبها وأكمل حياتي بلا تعقيدات؟ أم أتمسك بها مع ما يتطلبه ذلك من جهد لإقناعها ثم تحمل حياتي معها حتي آخر العمر؟ عزيزي قصتك تتشابه مع حياة كثيرين من الرجال الذين عرفوا معني الحب والحياة والشراكة الحقيقية علي مرفأ امرأة ثانية بجانب الزوجة, أتأمل تأرجح مشاعرك بين انزعاجك لمعرفة زوجتك بمصادفة غريبة وبين ارتياحك لمعرفتها علك تتخلص من عبء علاقتك بها عن طيب خاطرها. ثم استوقفتني مرة أخري لتذبذب قرارك في تسريح زوجتك بالمعروف حين علمت أنها تصر علي الطلاق حفظا لماء وجهها ورفضا منها لوجود ضرة, فدعني أسألك عما استمال مشاعرك نحو زوجتك الأولي وجعلك تتردد في تطليقها: هل هو الشعور بالذنب تجاهها وحقيقة أنها ما زالت وفية لك وتحبك( بطريقتها) علي الرغم من اختيارك لامرأة أخري؟ هل هو حرصك علي أولادك علي حساب راحتك وهنائك؟ ما الذي يقلقك من اتخاذ القرار هل تحمل في نفسك مشاعر عميقة من الحب لزوجتك تسمح لك باستكمال المشوار طالبا صفحها عنك ورضاها مرة أخري؟ عزيزي صاحب الزوجتين حتي هذه اللحظة, لا أظن أن خيار الإبقاء علي زوجتك دون رضاها( ولن تنال رضاها طالما هناك شريكة أخري) هو أنسب الخيارات, كما أن عذاب الضمير وجلد الذات كونك تنعم أخيرا بحياة سعيدة لن يزيدك إلا بؤسا بلا طائل, أما من الجانب الاجتماعي والمادي, يجوز أن يكون إبقاؤك علي زوجتك هو الخيار الأوفر والأمثل حتي لا تخوض في حقوقها الشرعية والمادية لكنني أري في هذا الخيار ظلما شديدا لك ولها فأنت لم تدع فرصة في روايتك لم تعبر فيها عن عدم رضائك عنها كزوجة وعن شديد سعادتك مع زوجتك الحالية. ثم من الواضح أن زوجتك الأولي مؤثرة بالقدر الذي يمكن أن ينغص عليك صفو حياتك الحالية لو أبقيت عليها كزوجة أولي وأم للأبناء, في حين أن زوجتك الحالية ارتضت أن تظل زوجة في السر ولا تمارس عليك سلطاتها وسطوتها. ربما تفاجئك كلماتي ظنا أنني انتصر لخيار ومفهوم الزوجة الثانية, والواقع أنني أشجعك لاختيار حياة سعيدة وكريمة لجميع الأطراف وأود أن أفتح عينيك علي احتمالات تعرضك لابتزاز عاطفي أو اجتماعي أو مادي لن يؤدي إلا لتعاسة جميع الأطراف لو لانت شجرتك لمهب رياح الغضب والنقمة من مجتمعكم الصغير ومن أبنائك, دورك كأب لا ينفي ويلغي كينونتك كإنسان ورجل تعيس لعديد من السنوات لاختيار لم يكن موفقا, وحب زوجتك لك هو حب من طرف واحد وأغلب الظن أنها تعلم, فنصيحتي لك بعد أن تستفتي قلبك وعقلك ألا تطلق سراحها قبل شهور( ستة أشهر لسنة). لتعطي لها الفرصة لتدارك أمرها بدلا من الاندفاع وراء كرامة لا مكان لها في الواقع, وحاول أن تتلمس ما يقربك منها في الأوقات التي تجمعكما, فإن أصرت علي موقفها و آثرت كرامتها علي حبها لك فسرحها بالمعروف لتلوذ بنفسك وحياتك كأب وزوج وإنسان.