حسم الرئيس عبد الفتاح السيسي, الجدل المثار حول تصريحات المستشار هشام جنينة رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات, بشأن حجم تكلفة الفساد داخل مؤسسات الدولة, الذي قال إنه بلغ نحو600 مليار جنيه في عام2015( في تصريح آخر قال إنه يتحدث عن الفترة من2012 إلي2015). الرئيس تعامل مع هذا التصريح الخطير بشكل مؤسسي, من خلال تشكيل لجنة لتقصي الحقائق برئاسة رئيس هيئة الرقابة الإدارية, وعضوية ممثلين عن وزارات التخطيط, والمالية, والداخلية, والعدل, إضافة إلي المستشار هشام بدوي, نائب رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات.. واللافت في تدخل الرئيس لحسم الجدل بشأن هذه القضية, هو ما ذكره السفير علاء يوسف, المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية, من أن الرئيس وجه بأن تقوم اللجنة بإعداد تقرير عاجل واطلاع الرأي العام علي نتائجها في إطار الشفافية الكاملة. بعد ساعات من الإعلان عن تشكيل لجنة تقصي الحقائق.. أطلق المستشار جنينة تصريحا جديدا ينفي فيه رقم ال600 مليار جنيه جملة وتفصيلا.. قائلا ليس هناك حصر رقمي لدي الجهاز حول الأموال التي أهدرها النظام السابق والأسبق علي الدولة.. لاحظ انه تجنب في هذا التصريح الحديث عن عام2015.. وحجم ما شهده من فساد.. في تراجع واضح عن تصريحه الأول, الذي كان السبب الرئيسي في تشكيل لجنة تقصي الحقائق, وتصريحه المعدل بعد ذلك, الذي أشار فيه إلي الفترة2012/.2015 المؤكد وفقا لتصريحات رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات ان هناك فسادا كبيرا داخل مؤسسات الدولة.. والمؤكد أيضا أننا جميعا نعلم هذا الأمر.. ولكن يبقي بعد كل هذه التأكيدات أن نعلم حقيقة حجم تكلفة هذا الفساد.. وهذا لن يتحقق من خلال تصريحات وشو إعلامي.. وإنما من خلال تقارير رقابية منضبطة.. تتضمن أرقاما محددة.. ووقائع مرصودة في كل مؤسسة من مؤسسات الدولة. عندما يتحدث رئيس أعلي جهاز رقابة مالية في مصر عن الفساد.. لابد أن يكون حديثه بعيدا عن الأرقام الافتراضية.. ولابد أن يدرك أن مثل هذه التصريحات سيكون لها تأثير بالغ علي الاقتصاد والاستثمارات الأجنبية.. فمن من المستثمرين الأجانب سيقبل علي ضخ استثمارات في دولة بها كل هذا الحجم من الفساد المعلن عنه في تصريحات مسئول رقابي كبير في هذه الدولة.. أما إذا صحت الأرقام الافتراضية المعلنة من جانب المستشار جنينة حتي وإن حاول نفيها لاحقا- فان ذلك يعني أننا بصدد كارثة كبري.. وتساؤلات واجبة.. حول تعامل الجهاز مع هذا الحجم من الفساد.. وكيفية تحركه بما يملكه من صلاحيات لمواجهته.. وإلي من وجه تقاريره التي تتضمن هذه الأرقام المفزعة.. وهل هذه التقارير نهائية وتحمل دلائل علي إثبات جرائم إهدار المال العام.. أم أنها تقارير أولية يصدرها الجهاز بشكل روتيني في تعامله مع مؤسسات وأجهزة الدولة ويتلقي بشأنها ردودا علي ما تتضمنه من ملاحظات تنهي في كثير من الأحيان معظم النقاط الخلافية بالتقرير. تصريحات جنينة.. التي أثارت الكثير من الجدل.. فرصة ذهبية لبدء تعامل جاد ومؤسسي مع ملف مكافحة الفساد واطلاع الشعب علي حجمه وتكلفته وإجراءات محاسبة الفاسدين.. كما أنها فرصة ذهبية أيضا.. ليعلم كل مسئول أنه مطالب في تصريحاته بأن يتحدث بحساب وانضباط.. خاصة إذا ما كان الحديث يتعلق بطرح قضايا فساد أمام الرأي العام. [email protected]