أكد قانونيون أن تشكيل لجنة تقصي حقائق بتوجيهات رئاسية حول تصريحات المستشار هشام جنينة رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات سينتهي بإقالته من منصبه، وقال رجال القانون إن «جنينة» أخطأ خطأً فادحاً بتصريحه للإعلام أن الفساد في مصر التهم 600 مليار جنيه، وسواء كان هذا المبلغ في عام أو في أربعة فهو مستحيل في عام واحد، ويدين جنينة إذا كان حجم الفساد قد بلغ هذا الرقم خلال 4 سنوات لأنه التزم الصمت طوال هذه السنوات الأربع. علي جانب آخر أكد سياسيون أن تشكيل اللجنة بتوجيهات رئاسية يعتبر أمراً جيداً ومؤشراً علي عزم مؤسسة الرئاسة علي محاربة الفساد، وكشف كافة الحقائق للشعب.. كما يكشف القرار عن مواجهة كل ما قد يثير الرأي العام بالقانون والحقيقة. وقال طارق محمودالمحامي ل«الوفد»: تقدمت بجنحة مباشرة أمام القضاء لأن ما قاله المستشار هشام جنينة عن التهام الفساد ل 600 مليار جنيه خلال سنة واحدة حسبما جاء في تصريحاته التي نشرتها كل المواقع الاخبارية قبل يومين، هو كلام كاذب ومضلل، وهدفه إثارة الرأي العام ضد مؤسسات الدولة. وأضاف طارق محمود: يستحيل أن يلتهم المفسدون 600 مليار جنيه في عام واحد حسبما قال جنينة في تصريحه الأول، ويستحيل أيضاً أن يلتهموا هذا المبلغ خلال 4 سنوات حسبما قال في بيان أصدره بعد ساعات طويلة في تصريحه الأول والسبب أن مصروفات الحكومة السنوية بلغت في الموازنة الأخيرة 864 مليارا و564 مليون جنيه منها 218 مليار جنيه مرتبات وأكثر من 200 مليار جنيه فوائد قروض وديوناً وبالتالي يستحيل أن تكون هناك 600 مليار جنيه ليبتلعها المفسدون في سنة أو في 4 سنوات كما قال «جنينة». وواصل محمود: حسناً فعلت رئاسة الجمهورية بتشكيل لجنة تقصي حقائق للتحقيق فيما قاله «جنينة» وأتوقع- والكلام لطارق محمود المحامي- أن تصدر اللجنة قرارها في هذا الشأن خلال أسبوع والمتوقع أن تنتهي اللجنة أن ما قاله «جنينة» ليس له سند وعندها لابد من عزله من منصبه استناداً لنص القانون 89 لسنة 2015 والذي يجيز لرئيس الجمهورية عزل رؤساء الأجهزة الرقابية في حالة إخلالهم بواجباتهم الوظيفية والإضرار بالمصالح العليا للبلاد. وواصل طارق محمود: لو كان كلام المستشار هشام جنينة صحيحاً فهو أيضاً مدان لأنه صمت علي الفساد والمفسدين حتي ابتلعوا 600 مليار جنيه حسبما قال هو نفسه، رغم أن القانون يلزمه بأن يقدم فوراً بلاغاً للنائب العام، ضد كل مفسد أو سارق للمال العام ثم يقدم بذلك تقريراً لرئاسة الجمهورية. وكشف طارق محمود أنه تقدم أمس أيضاً بدعوي قضائية أمام محكمة الأمور المستعجلة بالإسكندرية طالب فيها بعزل هشام جنينة من منصبه.. وقال: «تصريحات جنينة الأخيرة توجب عزله من منصبه بعدما ثبت أنه يخل بواجبات وظيفته ويضر بالمصالح العليا للبلاد». وصف جورج إسحاق، عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، قرار مؤسسة الرئاسة تشكيل لجنة تقصي الحقائق بأنها خطوة إيجابية لمواجهة الفاسدين والمفسدين وليس فقط الحديث عن الفساد. وطالب باتخاذ اجراءات حاسمة ضد الفساد فالمسألة أكبر من بحث قضايا فساد ولابد من تطبيق القوانين بصرامة علي كل مفسد، مشيراً إلي أن لجنة تقصي الحقائق لابد أن تتشكل من متخصصين وتعلن النتيجة التي تصل إليها بكل شفافية للشعب المصري للتعرف علي حقائق الأمور. وأكد المحامي أحمد عودة، ان الأجهزة الحكومية في مصر نظم مشجعة علي الفساد وتسمح به وتغري علي الانخراط فيه فالمنظومة الحكومية وآليات المساءلة عن الموارد والأداء والكفاءة والجودة شديدة الضعف، وأحياناً ليست موجودة علي الإطلاق وهي مسألة صورية بالتالي نحتاج البحث عن الفساد. وأشار إلي أن لجنة تقصي الحقائق وحدها لا تكفي فنحن بحاجة إلي لجان تحقيق تتحرك سريعاً مع تقديم كل مخالف للمحاكمة فتلك كارثة لا يمكن السكوت عنها، فهي أموال الدولة وليس «مال سايب»! باختصار اننا نحتاج إلي إعادة بناء منظومة الإدارة في الأجهزة الحكومية وإعادة بناء منظومة الرقابة ونحاسب ونمنع الفساد قبل حدوثه. وكان من باب أولي عندما يتحدث المستشار «جنينة» عن ال600 مليار أن يذكر أسماء من ساهم أو تستر أو سرق أو أفسد حتي تتحقق العدالة ويأخذ القانون مجراه. وأكد محمد عطا الله، أستاذ القانون الدولي، أنه إذا تبين عدم صحة وقائع الفساد التي أعلن عنها رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات المستشار هشام جنينة ستتخذ القيادة السياسية في البلاد قراراً بعزله من منصبه وتحويله للتحقيق لأنه أحدث نوعاً من البلبلة في الشارع المصري، أما إذا ثبت صحة هذه الوقائع فسيتم تحديد الجهات المسئولة وتحويلهم للتحقيق. وقال «عطا الله»: «إن الجهاز المركزي للمحاسبات عين الدولة لإظهار الفساد الموجود في المجتمع، مؤكداً انه يتحفظ بشدة علي نشر التقارير المرتبطة بالفساد في الصحف والقنوات الفضائية لأن هذا الموقف قد يؤثر علي صورة مصر في الخارج، خاصة أن العديد من الدول تتربص بها وتنتهز أي فرصة لكي تستغلها ضدها». ورأي «عطا الله» أن وصول تكلفة الفساد في مصر خلال العام الجاري 2015 إلي 600 مليار جنيه، جعل الرئيس عبدالفتاح السيسي يتخذ قراراً بتشكيل لجنة لتقصي الحقائق للوقوف علي صحة الوقائع التي أعلن عنها رئيس الجهاز المركزي ومعرفة الوزارات الأكثر فساداً وإحالة المسئولين المتورطين في قضايا الفساد إلي التحقيق. وقال إبراهيم يسري رئيس نادي أعضاء الجهاز المركزي للمحاسبات أن تدخل الرئيس بتشكيل لجنة تقصي حقائق فرصة ذهبية يؤكد اهتمام رئيس الدولة بما يقال عن الفساد وحجمه ويكلف لجنة تقصي حقائق بالتوصل إلي معلومات بدقة.