بعد الارتفاع الأخير.. سعر الذهب اليوم السبت 7 يونيو 2025 وعيار 21 بالمصنعية    بالمجان.. مجازر الإسكندرية: ذبح 933 رأس ماشية في أول أيام عيد الأضحى    أسعار الأسماك اليوم السبت 7 يونيو 2025    هل ترتفع اسعار اللحوم بعد العيد ..؟    5 مشروعات تنموية جديدة فى الأقصر بالتعاون مع هيئة تنمية الصعيد.. صور    الخلاف بين الأقوى والأغنى.. ترامب يرفض السلام مع إيلون ماسك: فقد عقله    اليابان: لا اتفاق بعد مع الولايات المتحدة بشأن الرسوم الجمركية    زلزال بقوة 5.5 درجة يضرب بابوا غينيا الجديدة    الشناوي: منافسنا في الكرة المصرية هو الزمالك.. ودرسنا أدق التفاصيل للفوز بالدوري    «أكثر من 10 لاعبين».. خالد الغندور يكشف تدخل رجل أعمال خليجي لحسم صفقات الزمالك    محمد هاني: نعيش لحظات استثنائية.. والأهلي جاهز لكأس العالم للأندية في نسختها الجديدة    شاهد .. ضيوف الرحمن يؤدون طواف الإفاضة في المسجد الحرام    موعد إعلان نتيجة الشهادة الإعدادية 2025 في بنى سويف.. تفاصيل    حديقة حيوان الإسكندرية تستقبل 3245 زائرًا في أول أيام عيد الأضحى المبارك    إصابة 7 أشخاص في انقلاب ميكروباص أمام كوبري جبر ببني سويف    ماذا قال محمد عبده عن المايسترو هاني فرحات قبل انطلاق حفلهما في دبي؟    أواخر يونيو الجاري.. شيرين تحيي حفلًا غنائيًا في مهرجان موازين بالمغرب    دار الإفتاء تكشف آخر موعد يجوز فيه ذبح الأضاحى .. اعرف التفاصيل    الطبطبة على الذات.. فن ترميم النفس بوعى    في عيد الأضحى.. 6 مشروبات طبيعية تساعدك على إنقاص الوزن دون حرمان    بعد تصريحات زيزو.. عضو مجلس الزمالك يوجه رسالة غامضة    عيار 21 الآن.. سعر الذهب اليوم السبت 7-6-2025 في مصر بعد آخر ارتفاع    ذات يوم 7 يونيو 1969.. عميد الأدب العربى طه حسين يكشف عن رحلته مع الفقر والعلم ودراسته فى الأزهر وأول لقاءاته مع أم كلثوم ومحمد عبدالوهاب    أسعار الحديد اليوم في مصر السبت 7-6-2025    ارتفاع تأخيرات القطارات في ثاني أيام العيد    دوناروما: أداء إيطاليا لا يليق بجماهيرنا    طريقة عمل كباب الحلة، ألذ وأسرع غداء على سفرتك في العيد    بأمر المحكمة.. سفاح المعمورة في مستشفى العباسية للكشف على قواه العقلية    بعد خلافه مع ترامب.. إيلون ماسك يدعو إلى تأسيس حزب سياسي جديد    بعد تصدرها الترند بسبب انهيارها .. معلومات عن شيماء سعيد (تفاصيل)    "مش جايين نسرق".. تفاصيل اقتحام 3 أشخاص شقة سيدة بأكتوبر    «كذاب وبيشتغل الناس».. خالد الغندور يفتح النار على زيزو    بعد خلافه مع «ماسك».. «ترامب» يُفكر ببيع سيارته «تيسلا S»    صدام ترامب ونتنياهو بسبب إيران.. فرصة تاريخية لدى رئيس أمريكا لتحقيق فوز سياسي    محمد عبده يشيد ب " هاني فرحات" ويصفه ب "المايسترو المثقف "    مباحثات مصرية كينية لتعزيز التعاون النقابي المشترك    ريابكوف: ميرتس يحاول إقناع ترامب بإعادة واشنطن إلى مسار التصعيد في أوكرانيا    بطعنة في القلب.. مقتل شاب خلال مشاجرة بين عائلتين بحلوان    محاضرة عن المتاحف المصرية في أكاديمية مصر بروما: من بولاق إلى المتحف الكبير    سفارة الهند تستعد لإحياء اليوم العالمي لليوجا في 7 محافظات    «الدبيكي»: نسعى لصياغة معايير عمل دولية جديدة لحماية العمال| خاص    الثلاثاء أم الأربعاء؟.. موعد أول يوم عمل بعد إجازة عيد الأضحى 2025 للموظفين والبنوك والمدارس    «المشكلة في ريبيرو».. وليد صلاح الدين يكشف تخوفه قبل مواجهة إنتر ميامي    الشناوي: المشاركة فى مونديال الأندية إنجاز كبير.. وحزين لرحيل معلول    المطران فراس دردر يعلن عن انطلاق راديو «مارن» في البصرة والخليج    "الخارجية الفلسطينية" تُرحب برفع عضوية فلسطين إلى "دولة مراقب" في منظمة العمل الدولية    معلومات من مصادر غير متوقعة.. حظ برج الدلو اليوم 7 يونيو    سالى شاهين: كان نفسى أكون مخرجة سينما مش مذيعة.. وجاسمين طه رفضت التمثيل    البابا تواضروس يهاتف بابا الفاتيكان لتهنئته بالمسؤولية الجديدة    بمشاركة 2000 صغير.. ختام فعاليات اليوم العالمي للطفل بإيبارشية المنيا    «المنافق».. أول تعليق من الزمالك على تصريحات زيزو    الكنيسة الإنجيلية اللوثرية تُعرب عن قلقها إزاء تصاعد العنف في الأراضي المقدسة    أخبار × 24 ساعة.. المجازر الحكومية تستقبل أكثر من 9800 أضحية أول أيام العيد    لأصحاب الأمراض المزمنة.. استشاري يوضح أفضل طريقة لتناول البروتين في العيد    أستاذ رقابة على اللحوم يحذر من أجزاء في الذبيحة ممنوع تناولها    تفشي الحصبة ينحسر في أميركا.. وميشيغان وبنسلفانيا خاليتان رسميًا من المرض    حكم من فاتته صلاة عيد الأضحى.. دار الإفتاء توضح التفاصيل    سنن وآداب صلاة عيد الأضحى المبارك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أخلاق الحداثة وأمل النهضة
نشر في الأهرام المسائي يوم 03 - 07 - 2010

والنهضة التي أعنيها ليست تلك الشائعة في مناخنا السياسي والثقافي العام‏,‏ فهي ليست إمكانية النصرة علي الأعداء‏,‏ رغم أهمية الانتصار في حياة الأمم‏,‏ ولا هي تقدم الأحوال الاقتصادية للبلاد‏
وتحسن الأوضاع المعيشية للعباد رغم ضرورة أن تجتهد الحكومات ومؤسسات الدولة في ضمان ذلك‏.‏النهضة التي أتحدث عنها هي الارتقاء الشامل للمجتمع أفرادا وجماعات في سلم الانسانية حتي نتمثل اسمي معانيها‏,‏ وهي حالة تجعل من الانتصار علي الظلم والعدوان حقيقة وفعلا مستمرا‏,‏ وتجعل من تحسن المعيشة حالة قائمة ودائمة للجميع دون تمييز بين قادر وضعيف‏.‏ وقد فعلنا ذلك في مرحلة ما من تاريخنا‏,‏ وأظننا نستطيع النهوض مرة ثانية‏.‏ النهضة لا يمكن أن تنطلق إلا عبر مجموعة من القيم الأخلاقية الحديثة التي بدونها وبدون أن يتبناها المجتمع كله لن تتحقق أي نهضة‏.‏ خرج من بيننا فريق يريد القطيعة المعرفية مع الماضي حتي نلحق بالحاضر والمستقبل‏.‏ ولمثل هذه النهضة أخلاق‏,‏ لكنها ليست فقط الأخلاق التقليدية التي تقرها كل الأديان والأعراف‏,‏ والتي يعرفها الجميع‏.‏ فالنسق الأخلاقي التقليدي يشكل في كل المجتمعات اساس الأخلاق‏,‏ وبدونه لايمكن للإنسان أن يكون إنسانا‏.‏ والأخلاق في هذا المنظور التقليدي يتعلم منها الإنسان أن هناك شرا قبيحا عليه ألا يفعله‏,‏ فهو خطأ وخطيئة‏,‏ وهناك خير عليه أن يفعله وهو بر وتقوي‏.‏ وإخلال الإنسان بهذا النسق الأخلاقي يعرضه للعقاب الإلهي إلا أن يتوب‏,‏ كما يعرضه‏-‏ للعقاب الدنيوي جزاء ما فعل‏.‏ ولكن‏,‏ أن يكون الإنسان ورعا وتقيا وعف اللسان وغاضا للبصر ومبتعدا عن كل رذيلة شخصية‏,‏ كل هذا لا يجعله بالضرورة طرفا فاعلا في النهضة الوطنية والاجتماعية كما فسرناها‏,‏ فللنهضة متطلبات أخري تقع في مجال الأخلاق عامة‏,‏ والنهضة لا يمكن أن تنطلق إلا عبر مجموعة من القيم الأخلاقية الحديثة التي بدونها وبدون أن يتبناها المجتمع كله لن تتحقق أي نهضة‏.‏ وعندي أن أوضح إفادة في هذه القضية تأتينا من احدي مناطق العالم الثالث الأكثر تدينا في عالمنا المعاصر‏,‏ ففي بلدان قارة أمريكا اللاتينية جرت منذ مطلع خمسينيات القرن العشرين أولي المحاولات الجادة والجريئة لنقد التصور الديني التقليدي للاخلاق‏.‏ وفي مطلع السبعينيات كتب أهم مفكري هذه الحركة‏'‏ جوستاف جوتيريز‏'‏ كتابا شهيرا بعنوان‏'‏ لاهوت التحرير التاريخ والسياسة والخلاص‏'.‏ كانت نقطة إنطلاق جوتيريز هي إعادة التعريف الأخلاقي للخطيئة‏,‏ فهو يري أن التركيز علي الخطايا التقليدية الشخصية‏,‏ والتركيز علي التقوي والورع الشخصي يعمينا عن أن هناك خطايا موضوعية يتواطأ فيها الكثيرون وينتج عنها شرور عامة تعصف بالأفراد والجماعات‏,‏ انها مجموع الخطايا التي توجه للمجال العام‏,‏ وهي خطايا ليست لها عقوبات إلهية معروفة كما أن فائض التدين ناهيك عن تواطؤ المؤسسات يعصفان بما يمكن أن يتوفر للقضاء عليها بالعقاب الأرضي‏.‏ فالفساد وشراء الذمم والاستئثار بالسلطة وإساءة استخدامها وطلب الوساطة وسرقة المال العام والتواطؤ ضد الفقراء والمعدمين وتلويث البيئة‏,‏ هذه كلها بعض من فيض من الخطايا الموضوعية التي يغيب فيها التوصيف الديني أو يميع وكل هذه المواقف اللا أخلاقية بحاجة إلي نسق أخلاقي جديد يتبناه الجميع‏.‏ لقد استطاع مفكرو لاهوت التحرير في أمريكا اللاتينية عبر سنوات من الكفاح ليس فقط ضد الفساد المجتمعي ولكن أيضا ضد تعسف الكنيسة الكاثوليكية‏,‏ استطاعوا أن يقدموا نموذجا جديدا للأخلاق الحديثة التي تقف علي أرضية إنسانية‏,‏ تتمثل الديني والحداثي في آن واحد فكانت النتيجة ما نراه الآن من تقدم ونهضة واضحة في كل أرجاء أمريكا اللاتينية‏.‏
ولأنني قارنت تجربة أمريكا اللاتينية بواقعنا في العالم العربي تجد عجبا‏,‏ فالقضية مطروحة لدينا منذ أكثر من مائة وخمسين عاما لكننا تذبذبنا بين الحداثة والتقليد‏,‏ بين الأصالة والمعاصرة‏.‏ خرج من بيننا فريق يريد القطيعة المعرفية مع الماضي حتي نلحق بالحاضر والمستقبل‏,‏ وخرج منا فريق يريد القطيعة المعرفية مع الإنسانية بكاملها والإكتفاء بما يعرفه من الدين وما تركه السلف‏,‏ بعضنا استغني عن التراكم التاريخي المحلي والبعض الآخر استغني عن التراكم التاريخي للإنسانية‏.‏ كانت النتيجة القاسية أننا لم نطور معرفتنا عن أنفسنا كما ينبغي‏,‏ كما أننا لم نناقش ونحاكم أنساقنا الأخلاقية بجرأة وجدية ومن ثم تمددت الظواهر الدينية والطقوسية في فضائنا الثقافي والأخلاقي وتآكلت مظاهر الحداثة الأخلاقية في ثقافتنا وتراجعت الدولة المدنية‏.‏ وعندي أن المهمة الآن تقع علي عاتق الطليعة المثقفة لهذه الأمة إذ عليها أن أن تستعيد الحداثة المناسبة لتطورنا التاريخي‏,‏ فبدون أخلاق الحداثة ليست ثمة نهضة‏.‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.