كثر الحديث وزاد النقاش حول الحدين الأدني والأقصي للأجور كسبيل مطروح لتحقيق العدالة الاجتماعية والهدف من وضع حد أدني للأجور هو توفير حد أدني لحياة كريمة للمواطن من مأكل ومسكن وملبس وتعليم وعلاج وانتقال. بينما يهدف الحد الأقصي إلي تخفيض الفوارق الكبيرة بين الدخول داخل المجتمع مما يساعد علي تحقيق قدر من العدل الاجتماعي. ولكن ليس بالحدين الأدني والأقصي للأجور يتحقق العدل الاجتماعي. وذلك لأن الحدين الأقصي والأدني هما واحدة من حزمة من الإجراءات التي مازلنا بعيدين عنها علي طريق تحقيق العدل الاجتماعي. فأين نحن من إعانة البطالة للشباب التي تكفل لهم حدا أدني من الدخل يحميهم من التسول والانحراف وارتكاب الجرائم ويحافظ علي السلام الاجتماعي. أين نحن من إعانة اجتماعية للأسر عديمة الدخل تكفل لهم حد الكفاف من العيش وكذلك حد أدني من الدخل لأصحاب المعاشات يكفل لهم حياة كريمة. كذلك يعتبر توفير مواصلات عامة جيدة أحد الإجراءات المهمة علي طريق تحقيق العدل الاجتماعي. كما يعتبر توفير مياه الشرب النقية والصرف الصحي والكهرباء للمواطنين في القري والنجوع والكفور والمناطق المحرومة والفقيرة إجراء ضروريا لتحقيق قدر من العدل الاجتماعي, ومن الإجراءات التي تعتبر ضرورية في الدول المتقدمة والمهتمة بالعدل الاجتماعي هو إقرار الضرائب التصاعدية علي الدخل مع توسيع الشرائح المنخفضة من الدخل الخاضعة لضريبة منخفضة وتضييق الشرائح العليا من الدخل الخاضعة لضرائب مرتفعة وذلك لتحقيق أكبر قدر من الاستفادة للدخول المنخفضة وأكبر قدر من النفع من الدخول المرتفعة وتستخدم حصيلة هذه الضرائب في توفير خدمات عامة جيدة بتكلفة منخفضة للأسر الفقيرة والمحرومة مثل مسكن منخفض الثمن وتعليم منخفض التكاليف ورعاية صحية جيدة ومنخفضة التكاليف. ولتحقيق تلك الحزمة من الإجراءات يستلزم زيادة موارد الدولة من الضرائب من خلال زيادة النشاط الاقتصادي والاستثمار وإنشاء الشركات الانتاجية وكذلك تصحيح الخلل الموجود في الانفاق الحكومي الذي يلتهمه دعم الطاقة وخدمة الدين العام علي حساب الإنفاق علي الخدمات العامة وتقديم الإعانات للأسر الفقيرة والمحرومة. كل ذلك يشير إلي أننا مازلنا بعيدين كل البعد عن العدل الاجتماعي الذي يحقق السلام الاجتماعي ويعزز البناء الديمقراطي. إن الأمل معقود ليس علي الحكومة الحالية بل علي حكومة قوية جيدة تأتي عقب الانتخابات الرئاسية ويكون لها رؤية استراتيجية وتصور واضح وبرنامج متكامل لمواجهة هذه التحديات الكبيرة القائمة حاليا والتي تعجز الحكومة الحالية علي التغلب عليها. وكذلك برلمان قوي وجيد ومتوازن يضع من التشريعات ما يكفل تحقيق العدل الاجتماعي المنشود. رابط دائم :