سعر الذهب اليوم وعيار 21 الآن ببداية التعاملات الصباحية السبت 4 مايو 2024    المالية: الانتهاء من إعداد وثيقة السياسات الضريبية المقترحة لمصر    إزالة فورية لحالتي تعد بالبناء المخالف في التل الكبير بالإسماعيلية    بلينكن: حماس عقبة بين سكان غزة ووقف إطلاق النار واجتياح رفح أضراره تتجاوز حدود المقبول    الحوثيون يعلنون بدء المرحلة الرابعة من التصعيد ضد إسرائيل    لاعبو فريق هولندي يتبرعون برواتبهم لإنقاذ النادي    تشكيل مانشستر سيتي المتوقع أمام وولفرهامبتون    نظراً لارتفاع الأمواج.. الأرصاد توجه تحذير للمواطنين    إصابة 15 شخصًا في حادث سيارة ربع نقل بالمنيا    بعدما راسل "ناسا"، جزائري يهدي عروسه نجمة في السماء يثير ضجة كبيرة (فيديو)    حدث ليلا.. خسارة إسرائيل وهدنة مرتقبة بغزة والعالم يندفع نحو «حرب عالمية ثالثة»    أسعار اللحوم والدواجن والخضروات والفواكه اليوم السبت 4 مايو    اليوم، تطبيق أسعار سيارات ميتسوبيشي الجديدة في مصر    تفاصيل التحقيقات مع 5 متهمين بواقعة قتل «طفل شبرا الخيمة»    الداخلية توجه رسالة للأجانب المقيمين في مصر.. ما هي؟    إسكان النواب: إخلاء سبيل المحبوس على ذمة مخالفة البناء حال تقديم طلب التصالح    المطرب هيثم نبيل يكشف كواليس فيلم عيسى    وفاة الإذاعي الكبير أحمد أبو السعود.. شارك في حرب أكتوبر    إغماء ريم أحمد فى عزاء والدتها بمسجد الحامدية الشاذلية    دراسة جديدة تحذر من تربية القطط.. تؤثر على الصحة العقلية    رسالة من مشرعين ديمقراطيين لبايدن: أدلة على انتهاك إسرائيل للقانون الأمريكي    صحيفة: ترامب وضع خطة لتسوية سلمية للنزاع في أوكرانيا    تشكيل الأهلي المتوقع لمواجهة الجونة    إسماعيل يوسف: «كولر يستفز كهربا علشان يعمل مشكلة»    لو بتحبي رجل من برج الدلو.. اعرفي أفضل طريقة للتعامل معه    الإسكندرية ترفع درجة الاستعداد القصوى لاستقبال أعياد القيامة وشم النسيم    المحكمة الجنائية الدولية تحذّر من تهديدات انتقامية ضدها    مالكة عقار واقعة «طفل شبرا الخيمة»: «المتهم استأجر الشقة لمدة عامين» (مستند)    جوميز يكتب نهاية شيكابالا رسميا، وإبراهيم سعيد: بداية الإصلاح والزمالك أفضل بدونه    ارتفاع جديد.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم السبت 4 مايو 2024 في المصانع والأسواق    37 قتيلا و74 مفقودا على الأقل جراء الفيضانات في جنوب البرازيل    دفنوه بجوار المنزل .. زوجان ينهيان حياة ابنهما في البحيرة    رشيد مشهراوي ل منى الشاذلي: جئت للإنسان الصح في البلد الصح    معرض أبو ظبي للكتاب.. جناح مصر يعرض مسيرة إبداع يوسف القعيد    مصطفى بكري عن اتحاد القبائل العربية: سيؤسس وفق قانون الجمعيات الأهلية    حسام موافي يوضح خطورة الإمساك وأسبابه.. وطريقة علاجه دون أدوية    هبة عبدالحفيظ تكتب: واقعة الدكتور حسام موافي.. هل "الجنيه غلب الكارنيه"؟    برش خرطوش..إصابة 4 من أبناء العمومة بمشاجرة بسوهاج    سبت النور.. طقوس الاحتفال بآخر أيام أسبوع الآلام    هييجي امتي بقى.. موعد إجازة عيد شم النسيم 2024    حازم خميس يكشف مصير مباراة الأهلي والترجي بعد إيقاف تونس بسبب المنشطات    عرض غريب يظهر لأول مرة.. عامل أمريكي يصاب بفيروس أنفلونزا الطيور من بقرة    استقرار سعر السكر والأرز والسلع الأساسية بالأسواق في بداية الأسبوع السبت 4 مايو 2024    أحمد ياسر يكتب: التاريخ السري لحرب المعلومات المُضللة    «البيطريين» تُطلق قناة جديدة لاطلاع أعضاء النقابة على كافة المستجدات    سلوي طالبة فنون جميلة ببني سويف : أتمني تزيين شوارع وميادين بلدنا    250 مليون دولار .. انشاء أول مصنع لكمبوريسر التكييف في بني سويف    برلماني: تدشين اتحاد القبائل رسالة للجميع بإصطفاف المصريين خلف القيادة السياسية    توفيق عكاشة: الجلاد وعيسى أصدقائي.. وهذا رأيي في أحمد موسى    دعاء الفجر مكتوب مستجاب.. 9 أدعية تزيل الهموم وتجلب الخير    دعاء الستر وراحة البال .. اقرأ هذه الأدعية والسور    عضو «تعليم النواب»: ملف التعليم المفتوح مهم ويتم مناقشته حاليا بمجلس النواب    دينا عمرو: فوز الأهلي بكأس السلة دافع قوي للتتويج بدوري السوبر    أول تعليق من الخطيب على تتويج الأهلي بكأس السلة للسيدات    طبيب يكشف سبب الشعور بالرغبة في النوم أثناء العمل.. عادة خاطئة لا تفعلها    أخبار التوك شو| مصر تستقبل وفدًا من حركة حماس لبحث موقف تطورات الهدنة بغزة.. بكري يرد على منتقدي صورة حسام موافي .. عمر كمال بفجر مفاجأة    «يباع أمام المساجد».. أحمد كريمة يهاجم العلاج ببول الإبل: حالة واحدة فقط بعهد الرسول (فيديو)    المفتي: تهنئة شركاء الوطن في أعيادهم ومناسباتهم من قبيل السلام والمحبة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مواجهة الخلل في نظام الأجور تتطلب إصلاح..ميزان القوي بين العمال والحگومة ورجال الأعمال
نشر في الأهالي يوم 06 - 05 - 2010

أبدأ معالجتي لموضوع الحد الأدني للأجور الذي تجدد النقاش العام بشأنه منذ صدور حكم القضاء الإداري في 30 مارس بإلزام الحكومة بوضع حد أدني للأجور بالتأكيد علي أمرين أساسيين. أولهما أنه بالرغم من أهمية زيادة الحد الأدني للأجور، فإنه ليس الحل السحري لتحسين أوضاع الطبقة العاملة ولمواجهة مشكلات الفقر والاتساع المتزايد للفوارق بين الطبقات.
فتعديل الحد الأدني للأجور هو مجرد خطوة يجب أن تتكامل وتتزامن معها خطوات أخري لإصلاح هيكل الأجور بما في ذلك وضع حد أقصي للأجور ،و ربط الأجور بالأسعار، ورفع المستوي العام للأجور، وذلك في إطار ما أطلق عليه" مربع السياسات" الذي يضم الأجور، والأسعار، وتوزيع الدخل والثروة، والدعم وغيره من وسائل الحماية الاجتماعية .
وثانيهما أن مثل هذه الإجراءات التصحيحية لن تغني عن انتهاج سياسة للتنمية الشاملة والعادلة والمطردة، والمعتمدة علي القدرات الوطنية المصرية. فهذا هو السبيل الأكيد للارتقاء ليس فقط بأحوال الطبقة العاملة المصرية بل وبأحوال غالبية الشعب المصري . وهو ما لن يتأتي إلا بتكوين جبهة واسعة للقوي التقدمية، تخوض نضالاً شعبياً من أجل الإتيان بنظام حكم ديمقراطي ينحاز إلي مصالح الطبقات الشعبية ويتبني مثل هذه السياسة البديلة للتنمية.
سبق أن أوضحت بالتفصيل في مقالين نشرتهما جريدة «الأهالي» في 5 و 12 مارس 2008 الأسس العامة المتفق عليها في منظمة العمل الدولية لتحديد الحد الأدني للأجور، مع بيان التطبيق الملائم لها في الظروف المصرية، وما ينتج عنه من تقديرات لهذا الحد بأسعار يناير 2008. وتفادياً للتكرار، فسوف أقدم هنا عرضاً موجزاً للأسس التي انطلقت منها لتقدير حد أدني للأجور بأسعار مارس 2010، وهي:
(1) يجب أن يفي الحد الأدني للأجور بالاحتياجات الأساسية للعامل ، علي أن تحدد هذه الاحتياجات علي نحو إنساني يصون كرامة العامل ويكفل له القدرة علي العمل المنتج، فضلاً عن إعادة إنتاج قوة عمله. ولذا فإنه من المرفوض الاعتماد علي خطوط فقر بالغة الانخفاض، بما في ذلك خط الفقر الأعلي الذي يرد في التقارير الصادرة عن البنك الدولي ووزارة التنمية الاقتصادية. ففي الدراسة الصادرة في أبريل 2009 (النمو الاقتصادي و اللامساواة والفقر- الحراك الاجتماعي بين 2005 و 2008) كان خط الفقر الأعلي 2474 جنيهاً للفرد في السنة، أي 206 جنيهات شهرياً، أو686 قرشاً يومياً. فهذا المبلغ لا يشتري سوي ستة ساندويتشات فول أو طعمية في اليوم، تاركاً للفرد 86 قرشاً فقط لا غير للتعليم والرعاية الصحية والمسكن والملبس والانتقالات وما إليها من احتياجات أساسية للإنسان!! وليس من المبالغة في شيء أن تكون نقطة الانطلاق في تحديد الحد الأدني للأجور قيمة تزيد كثيراً علي قيمة خط الفقر الأعلي، وقد تصل إلي ضعفه. وكما سنري حالاً فإن هذا لا يعني مجرد مساواة الحد الأدني للأجور بضعف خط الفقر. إذ إن الواقع المصري يفرض تجاوز هذا المستوي إلي قيمة أعلي.
(2) والمقصود بالعامل في هذا المقام هو الشاب المبتدئ الداخل لأول مرة إلي سوق العمل، والذي قد يكون أمياً أو لا يتمتع إلا بقدر متواضع من التعليم والمهارة. و من ثم فالقاعدة العامة هي أن الحد الأدني للأجور هو أجر الدخول إلي سوق العمل،و أن العامل الذي يتقاضي هذا الأجر ليس رب أسرة، وإنما هو في العادة يعيش مع أسرة والديه. ومع ذلك، فإنه في ظروف الفقر المتفشي في مصر، وحيث ترتفع نسبة الإعالة، قد يجد الكثيرون من العمال الشبان أن عليهم المساهمة في نفقات أسرهم ذات الدخول المتواضعة. هذا من جهة. ومن جهة أخري، فإن العمال الشبان يلزمهم ادخار جانب من أجورهم لمواجهة متطلبات الزواج والاستقلال بمعيشتهم عن أسر آبائهم في المستقبل غير البعيد. ولذا فإنني سأفترض - علي سبيل التقريب- أن العامل الشاب مطالب بإعالة فرد آخر في أسرته. وعلي ذلك فإن الحد الأدني للأجور يجب أن يغطي احتياجات أسرة من فردين. أي أنه لو كان أساس التقدير - مثلاً- هو ضعف خط الفقر الأعلي ، فإن حجم الأسرة المفترض يصل بالحد الأدني للأجور إلي أربعة أمثال خط الفقر الأعلي.
(3) وهذا ليس بالشيء الكثير إذا تذكرنا أيضاً أن الحد الأدني للأجور يجب أن يراعي في تحديده أمرين آخرين أيضاً. أولهما ما تقدمه الدولة من رعاية اجتماعية كالدعم والسلع العامة (تعليم -علاج- مرافق..الخ)والضمان الاجتماعي. ومن المعروف أن الكثير من نفقات الحصول علي هذه السلع والخدمات صار يدبر بمعرفة الأفراد بعد أن أدت سياسات التحرير والانفتاح والخصخصة إلي تقليص شديد لدور الدولة في تقديم السلع العامة والخدمات الاجتماعية. وثانيهما نفقة المعيشة،وما يطرأ عليها من تغيرات. ولا يخفي أن موجات الغلاء قد زادت من نفقات المعيشة علي نحو لم تواكبه الزيادة في الأجور. وهذان الأمران يدفعان في اتجاه رفع الحد الأدني للأجور في الظروف المصرية الراهنة فوق المستوي الذي كان سيصل إليه لو كان هذان الأمران في وضع أفضل.
(4) مثلما يتعين عدم المبالغة إلي أدني في تقدير الحد الأدني للأجور، يتعين أيضاً عدم المبالغة إلي أعلي. فالتحديد المبالغ في ارتفاعه للحد الأدني للأجور قد يضر بالاقتصاد، حيث إنه قد يزيد نفقات الإنتاج إلي الحد الذي يؤثر بالسلب علي القدرة التنافسية للإنتاج الوطني. كما أن ارتفاع النفقات أو أسلوب تمويل الزيادة في الحد الأدني للأجور قد يرفع الأسعار ويضر بالمستهلكين، بمن فيهم العمال المستهدف إفادتهم برفع الحد الأدني للأجور.وفضلاً علي ذلك فإن التقدير المغالي فيه قد لا يجد سبيلاً للتطبيق علي أرض الواقع.
(5) لتفادي التعقيدات في التقدير، يفضل الاكتفاء بحد أدني موحد للأجور يطبق علي العاملين في القطاعين العام والخاص ،وذلك بغض النظر عن مناطق عملهم ومهنهم ومؤهلاتهم. وهذا التوجه يتوافق مع تعريف العامل الذي ينطبق عليه الحد الأدني للأجور في البند الثاني أعلاه.
(6) نظراً لتسارع معدلات ارتفاع الأسعار، وحتي لا تتسع الفجوة بين الحد الأدني للأجور ونفقات المعيشة بمرور الزمن، يفضل إلزام الحكومة بتعديل الحد المقرر سنويا، وذلك بدلاً من المراجعة الدورية كل ثلاث سنوات علي الأكثر كما جاء في قرار إنشاء المجلس القومي للأجور.
تقديرات بديلة
لا يمكن الزعم بوجود طريقة وحيدة أو مثلي لتقدير الحد الأدني للأجور. ولذا تتعدد التقديرات المطروحة. فهناك من يستند إلي متوسط الأجر السائد، ويعتبر الحد الأدني للأجر نسبة منه، قد تكون 50%، ولكنها قد تصل إلي 60% أو 70% في المائة في بعض الدول. وهناك من يستند إلي الاحتياجات الأساسية للعامل. ويدخل في ذلك الاعتماد علي خطوط الفقر التي قد تتباين القيمة المناسبة لها من باحث إلي آخر. كما يدخل فيه من ينطلق من حساب للاحتياجات دون الارتباط بمفهوم صريح لخط الفقر. وهناك من يكتفي بتحديث حد أدني جري وضعه في وقت سابق بما يجعله مواكباً للتطورات في الأسعار أو نفقات المعيشة. وقد لا تلتزم الجهة المنوط بها وضع الحد الأدني للأجور بطريقة محددة، وتكتفي باعتبار التفاوض سبيلاً للمواءمة بين تقديرات تطرحها الجماعات الاجتماعية المختلفة، غالبا ً في ضوء تقدير تحكمي غير معلن تسعي لإقراره.
ولما كانت دراساتي عن الفقر و التنمية ومؤشراتها ترجح الانطلاق من مفهوم الاحتياجات الإنسانية وتؤكد أهمية احتشاد مجمل السياسات العامة للارتقاء بمستوي إشباعها، فسوف أقدم مجموعتين من التقديرات للحد الأدني الشهري للأجور التي تستند إلي هذا المفهوم ، ثم أنتهي إلي تقدير يمثل متوسطهما. وسوف أقدم جميع التقديرات بأسعار مارس 2010، وذلك باستخدام الأرقام القياسية الرسمية لأسعار المستهلكين(الرقم العام ورقم الطعام والشراب حسب الأحوال).
تقدير أول
تبدأ المجموعة الأولي من التقديرات بالنظر في تحديد الاحتياجات الأساسية في سياق خطوط الفقر الواردة في التقرير الصادر عن البنك الدولي ووزارة التنمية الاقتصادية المشار إليه أعلاه(والذي سأشير إليه فيما بعد بتقرير البنك والوزارة)، ثم إدخال تعديل أو أكثر عليها كي تتوافق مع أسس التقدير السابق ذكرها. وهو ما يصل بنا إلي ثلاثة تقديرات:
(1) اعتبار أن الحد الأدني للأجور يساوي ضعف الإنفاق الكلي للفرد(لافتراضنا أسرة من فردين كما سبق إيضاحه).ويقدر الإنفاق الكلي للفرد بتحديث خط الفقر الغذائي(أي كلفة الغذاء الضروري للبقاء علي قيد الحياة)،وقيمته 122 جنيهاً للفرد في الشهر بأسعار فبراير 2008،وهو ما يعادل 177 جنيهاً بأسعار مارس 2010. وبزيادة هذا التقدير بنسبة 50% كتعويض محدود عن انخفاضه الشديد،تصبح نفقة الغذاء الضروري للفرد 265.5 جنيه. وباعتبار نفقة الغذاء تمثل 55% من الإنفاق الكلي للفرد(وهذا هو ما تكشف عنه الإحصاءات الرسمية بالنسبة للأربعين في المائة الأفقر من المصريين)،يكون الإنفاق الكلي للفرد 482،7 جنيه. وعلي ذلك يكون الحد الأدني الشهري للأجور ضعف هذا الرقم ،أي 965 جنيهاً.
(2) زيادة التعويض عن انخفاض خط الفقر الغذائي في التقدير السابق إلي مستوي أكثر واقعية وإنسانية،بمضاعفته. فيكون الإنفاق الغذائي للفرد 354 جنيهاً بأسعار مارس 2010 .وباعتبار هذا الرقم يمثل 55% من الإنفاق الكلي ،يكون الإنفاق الكلي للفرد 643.6 جنيه في الشهر.وبافتراض تغطية الأجر الأدني لاحتياجات فردين،نصل إلي حد أدني شهري للأجور قدره 1287 جنيهاً.
(3) تحديث خط الفقر الأعلي في دراسة البنك والوزارة(206 جنيهات بأسعار فبراير 2008) وفق تغيرات الأسعار حتي مارس 2010 . وبهذا نصل إلي تقدير لخط الفقر الأعلي قيمته 266.5 حنيه. وبمضاعفته للتعويض عن انخفاضه علي نحويكسبه صفة الإنسانية ، يصبح خط الفقر الإنساني للفرد 533 جنيهاً،ولفردين(وهذا هو الحد الأدني للأجر في الشهر) 1066جنيهاً.
وبأخذ متوسط هذه التقديرات الثلاثة نصل إلي تقدير أول للحد الأدني للأجور قدره 1106 جنيهات في الشهر بأسعار مارس 2010.
تقدير ثان
تنطلق المجموعة الثانية من التقديرات من تقدير سابق لأمانتي العمال والمهنيين بحزب التجمع،وسوف أشير إليه -اختصاراً- بتقدير الأمانتين. وقد بني تقدير الأمانتين علي أساس أن الاحتياج الغذائي للفرد بأسعار يوليو 2007 هو 114 جنيهاً ،وأن الإنفاق الغذائي يمثل 50% من الإنفاق الكلي للفرد.وبافتراض الأمانتين أن الحد الأدني للأجور يجب أن يغطي احتياجات أسرة مكونة من أربعة أفراد،قدر هذا الحد بأربعة أمثال الإنفاق الكلي للفرد(228جنيهاً في الشهر) أي 912 جنيها بأسعار يوليو 2007.
والواقع أن هذا التقدير قد تواضع كثيراً في تقدير الإنفاق الغذائي(185 جنيهاً بأسعار مارس 2010، وهو ما يزيد بثمانية جنيهات فقط لا غير علي تقدير البنك والوزارة شديد الانخفاض لخط الفقر الغذائي (177 جنيهاً بأسعار مارس 2010). هذا من جهة أولي. ومن جهة ثانية فقد بالغ تقدير الأمانتين كثيراً عندما وصل بحجم أسرة العامل إلي أربعة أفراد، . ومن جهة ثالثة ، أخذ هذا التقدير بقيمة منخفضة بعض الشيء لنسبة الإنفاق الغذائي إلي الإنفاق الكلي. ولذا يمكن التوصل إلي تقديرين بديلين لتقدير الأمانتين وذلك بتصحيح هذه الأمور الثلاثة ،وهما:
(1) التعويض بدرجة محدودة عن الانخفاض في تقدير الإنفاق الغذائي للفرد بزيادة نسبتها 50% ليصل إلي 277.5 بأسعار مارس 2010 . ثم اعتباره يساوي 55% من الإنفاق الكلي للفرد، فيصبح الإنفاق الكلي 504.5 جنيه بأسعار مارس 2010. وبافتراض أسرة من فردين فقط ، نصل إلي حد أدني شهري للأجور قدره 1009 جنيهات.
(2) الاقتراب من خط فقر غذائي إنساني بمضاعفة التقدير القديم، فيصبح 370 جنيهاً. وباستخدام نسبة 55% إنفاق غذائي نصل إلي إنفاق كلي للفرد قدره 672.7 جنيهاً،ولتغطية احتياجات العامل وفرد آخر،نصل إلي تقدير للحد الأدني الشهري للأجور قدره 1345 جنيها بأسعار مارس 2010.
ويمكن أن نأخذ متوسط هذين التقديرين للحد الأدني للأجر الشهري وهو 1177 جنيهاً بأسعار مارس 2010 كتقدير محدث ومعدل للأمانتين.
1140 جنيها حداً أدني للأجور
وفي ضوء ما تقدم ،يمكن القول بأن الحد الأدني الشهري للأجور يتراوح بين 1106 جنيهات و 1177 جنيهاً ، بمتوسط قدره 1140 جنيهاً تقريباً. وبمقارنة التقديرات التي من المرجح أن تقترحها الحكومة، وذلك استناداً إلي تقديرات سابقة وتصريحات حديثة يتبين أن هذه التقديرات بعيدة كثيراً عن التقدير المتوسط الذي أوصلتنا إليه الحسابات السابقة. ولذا يتعين رفضها. وفيما يلي بيان لهذه التقديرات:
(1) إن تحديث الحد الأدني للأجور الذي اقترحه المجلس القومي للأجور في البيان الصادر عن اجتماعه في فبراير 2008 وهو 250 جنيهاً،يصل بنا إلي حد أدني للأجور 323 جنيهاً بأسعار مارس 2010،أي ما يوازي 28% من التقدير المتوسط.
(2) وإذا جري تحديث للحد الأدني للأجر المقرر في القانون 35 لسنة 1984،وهو 35 جنيهاً، فسوف نصل إلي حد أدني للأجور 491 جنيها بأسعار مارس 2010،وهو ما يساوي 43% من تقديرنا المتوسط.
(3) وإذا اعتبر الحد الأدني للأجر50% من متوسط الأجر السائد،وهو 900 جنيه حسب ما جاء في حديث رئيس الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة مع جريدة الأهرام في 16 أبريل 2010، فهذا يصل بنا إلي حد أدني للأجور قدره 450 جنيهاً، أي 39% من التقدير المتوسط المحسوب أعلاه.
ومن جهة أخري يلاحظ أن التقدير المقترح من الاتحاد العام للنقابات المقترح من الاتحاد العام للنقابات،وهو 900 جنيه( حسبما جاء في الأهرام في 13 إبريل الماضي) بقل بقدر محسوس عن تقديرنا للحد الأدني للأجور بمبلغ 240 جنيهاً،أي بنسبة 21%. وفيما يتعلق بالتقدير الذي يطالب ناشطون عماليون وسياسيون بضرورة التزام الحكومة بتطبيقه،وهو 1200 جنيه، فإنه قريب جداً من تقديرنا؛ إذ انه لا يزيد عليه بأكثر من 5%.
فزاعة التضخم وقضية التمويل
لا أتوقع انفجار التضخم إذا رفع الحد الأدني الشهري للأجور إلي 1140 جنيهاً أو إلي 1200 جنيه، وذلك بشرطين. أولهما أن يصاحب هذا الرفع تقرير حد أقصي غير مبالغ فيه للأجور. وحتي تستقيم الأمور فإن مراجعة الحدين الأدني و الأقصي للأجور يجب أن تتم معهما إعادة هيكلة كاملة لمنظومة الأجور. وثانيهما أن تمول الزيادة في الأجور من مصادر حقيقية ومن إعادة توزيع للدخول في المجتمع. والسبل لتحقيق هذين الشرطين كثيرة. منها الأخذ بنظام جاد للضرائب التصاعدية علي دخول الأفراد (حيث إن التصاعدية في القانون الحالي للضرائب شكلية) وكذلك علي إيرادات الشركات التي تخضع حالياً لضريبة موحدة لا تزيد علي 20%.ومنها إلغاء الإعفاءات الضريبية التي لا مبرر لها أو علي الأقل الحد منها. ويمكن الاستزادة في هذين الأمرين بالرجوع إلي ما فصلته في مقالي عن الضرائب التصاعدية في عدد 10 فبراير 2010 من جريدة الأهالي. ومنها فرض ضريبة علي أرباح التعاملات في البورصة، وعلي الأرباح الرأسمالية أو القدرية التي لا فضل لجهد أو مال متلقيها في تحقيقها. ومنها زيادة الضرائب الجمركية وضريبة المبيعات علي المنتجات الكمالية. ومنها أيضاً إعادة توزيع الموارد علي بنود النفقات لإلغاء كل ما لا ضرورة له من النفقات وتحويلها إلي بنود أخري كالأجور والتعليم والصحة.
والمهم في الأمر أنه إذا صح العزم وخلصت النية في التحول إلي انحياز حقيقي للطبقات الشعبية، فلن تعدم الحكومة وسيلة لزيادة الأجور وتفادي التضخم. ومع ذلك فإن ثمة حقيقة لا يجوز تجاهلها، وهي أن إصلاح الخلل في نظام الأجور الحالي ليس منوطاً باستصدار قرار أو سن قانون، بقدر ما هو منوط بإصلاح الخلل في ميزان القوي بين العمال وسائر الطبقات الشعبية من جهة، وبين الحكومة والطبقة الرأسمالية من جهة أخري، وبخاصة في ظل الاندماج المتزايد بين أهل السلطة وأهل الثروة. وهو ما يستوجب العمل علي محورين. المحور الأول هو تجديد الحركة النقابية بإطلاق حرية تشكيل النقابات والسماح بالتعددية النقابية وتخليص النشاط النقابي من الهيمنة الحكومية حتي تجد الطبقة العاملة ممثلين حقيقيين للدفاع عن مصالحها. والمحور الثاني هو المواجهة السياسية لاستبداد الحكم وتوحش الرأسمالية وللتحالف الشرير بين السلطة والثروة بتكتل شعبي واسع تقوده القوي التقدمية المصرية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.