«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"رفع" الحدّ الأدنى للأجور.. "صُداع" في رأس مصر!
نشر في المصريون يوم 17 - 05 - 2010

اتّفق خبيران مصريان متخصِّصان في الاقتصاد، أحدهما يمثل المعارضة والآخر يمثل الحزب الحاكم، على ضرورة وأهمِية رفْع الحدّ الأدنى للأجور، بما يتناسَب مع الارتِفاع الملحوظ في أسعار السِّلع والخدمات الأساسية وبما يضمَن للعاملين حياةً كريمةً ومستوى معيشة لائق، وإن اختلفا في سبَب المشكلة، والمسؤول الأول عنها، فضلا عن تحديد قيمة الحدّ الأدنى المطلوب الوُصول إليه وسُبل تمويل المُوازنة العامة للدولة.
وفيما اعتبر الخبير الاقتصادي المُمثِّل للحزب الوطني الحاكم أن "الدولة ليست هي المشكلة" في رفْع الحدّ الأدنى للأجور و"إنما القِطاع الخاص" وأن "العائق الحقيقي هو كيفية تمويل المُوازنة العامة للدولة" لتَفِي بمتطلّبات الترفيع، أوضح الخبير الاقتصادي المُعبِّر عن آمال وطموحات القِوى المعارضة، أن "السياسات الاقتصادية للحكومة هي السبب الرئيسي لتفاقُم المشكلة" وأن "هناك العديد من المُقترحات العملية لتمويل المُوازنة العامة للدولة" وأن "الأمر لا يحتاج سِوى الإرادة والضَّرب بِيَد من حديد على يَد الفساد والمُفسدين".
وكانت محكمة القضاء الإداري برئاسة المستشار عادل فرغلي، قد أصدرت يوم الثلاثاء‮ 30‮ مارس 2010 حُكمها في‮ الدّعوى المرْفوعة من المركز المصري‮ للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، موكلاً‮ عن العامِل‮ ناجي‮ رشاد‬،‮ مُختصما كلاّ من رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء‮ ومطالباً‮ بأن‮ يُمارس المجلس القومي‮ للأجور مهامّه في‮ وضع الحدّ الأدنى للأجور على المستوى القومي‮ "‬بمراعاة نَفقات المَعيشة وبإيجاد الوسائل والتّدابير، التي‮ تكفل تحقيق التّوازن بين الأجور والأسْعار‮"‬،‮ وذلك، طِبقا لقانون العمل الموحَّد رقم‮ 12‮ لسنة‮ 2002.

ونصّ الحُكم على وقْف تنفيذ القرار السَّلبي‮ بامتِناع الحكومة عن وضْع حدٍّ أدنى للأجور،‮ وقالت المحكمة في‮ حُكمها‮ "إن الدستور المصري‮ أكّد مبدأ ضمان الحدّ الأدنى لأجور العمّال، على اعتبار أن تحقيق عدالة الأجُور والحماية الدستورية للعمّال ليست مُجرّد شِعارات أو توجيهات مُجرّدة من القيمة القانونية،‮ لكنها ورَدَت في‮ إطارٍ دُستوري،‮ جعلها في‮ مصاف أعلى القواعد القانونية في‮ تدرج البنيان القانوني‮ المصري‮".‬
كما نظم مِئات من العمّال وممثلي‮ منظمات حقوقية وسياسيين يوم السبت 10‮ أبريل 2010، وقفَةً احتِجاجية أمام مجلس الوزراء، للمطالبة بتنفيذ حُكم محكمة القضاء الإداري، وإصدار قرار بتحديد الحدّ الأدنى للأجور بمبلغ‮ 1200‮ جنيها مصريا‮ شهريا (الدولار يُعادل 5.42 جنيها)،‮ مع تغييره سنويا، وِفْقاً‮ لنِسَب التضخُّم وارتفاع الأسعار،‮ و‬رفَع المُتظاهرون شِعار‮: "‬عايْزين أجْر عادل‮ يكفي‮ لشهْر كامِل‮"‬. وقد صادَفت الوقْفة الذكرى السابعة لصُدور قانون العمل المُوحَّد‮.
وتَوافَق مع صُدور هذا الحُكم، مطالبة منظمة العمل الدولية للحكومة المصرية بضرورة تعديل الحدّ الأدنى للأجور - والسابق تحديده ب‮ 35‮ جنيها شهريا‮، وِفْقا للقانون رقم 53 لسنة 1984 - لتمكِين كل العامِلين بأجْر "من الحياة الكريمة،‮ وليعود ذلك بآثاره الإيجابية على الاقتصاد،‮ وقالت‮ دوروثيا شميد، خبيرة التشغيل بمكتب منظمة العمل الدولية لشمال إفريقيا‮ "‬إن الحكومة المصرية مُلزمة أمام المنظمة والمجتمع الدولي‮ بتعديل الحدّ الأدنى للأجور وتحسين أوضاع العمّال،‮ حسب الاتِّفاقيات الدولية الموقِّعة عليها‮".‬
وفي محاولة منها للتعَرّف على حقيقة المشكلة ورصْد الحلول المطروحة للخروج من المأزَق، مع بيان رُؤية كلاّ من المُعارضة والحكومة، التقت swissinfo.ch مع الخبير الاقتصادي أحمد السيد النجار، مدير تحرير التقرير الاقتصادي الإستراتيجي السنوي لمركز الدراسات السياسية الإستراتيجية بالأهرام والخبير الإقتصادي عبد الفتاح الجبالي، نائب رئيس مركز الدراسات السياسية والإستراتيجية بالأهرام وعضو المجلس القومي للأجور ورئيس وِحدة البُحوث الاقتصادية بمركز الدراسات السياسية والإستراتيجية بالأهرام وعضو اللجنة الإقتصادية بالحزب الوطني الحاكم.. فكانت هذه المُناظرة..
حُكم تاريخي في مناخ مُعاكس!!
اعتبَر الخبير الاقتصادي أحمد السيد النجار، أن "حُكم محكمة القضاء الإداري بإلزام الحكومة بوضْع حدٍّ أدنى جديد للأجور، هو حُكم تاريخي ينتصِر للقانون والحقّ والعدْل، في ظل مناخ حكومي مُعاكس"، مشيرا إلى أنه "جاء في حيْثِيات الحُكم، أن موادّ الدستور تنُصّ على أن العمل حقّ وواجِب، وتُنادي بربْط الأجر بالإنتاج وضمان حدٍّ أدنى للأجور ووضع حدٍّ أعلى يكفل تقريب الفُروق بيْن الدّخل"، وأكّد على حقّ العمّال في أجر عادِل يضمَن حياةً كريمة للعامِل وأسْرته".
وفي تصريحات خاصة ل swissinfo.ch، طالب الخبير الاقتصادي أحمد النجار "الحُكماء في الدولة بالدّخول في مفاوضات عاقِلة ومَوضُوعية مع مُمثلي العمّال الحقيقيِّين ومنظمات المجتمع المدني، التي تبنّت القضية، وخُبراء من كلّ الاتِّجاهات السياسية، لوضع حدٍّ أدنى جديد للأجور"، معتبرا أنه "على الدولة وأرباب العمل أن ينظُروا إلى التطوّر في الأجْر الحقيقي، أي القُدرة الشِّرائية للأجْر، كمِقياس حقيقي وموْضوعي لتطوّر أو تدهْوُر الأجُور. فإذا تمّ ذلك، سيكون التّفاوُض بشأن تغيير الحدّ الأدنى للأجْر ونظام الأجور بأسْرِه، أكثر يُسرا وموضوعية".
وأوضح النجّار أنه "لابُد من التّفريق بين الأجر الإسمي، وهو عدد أوراق النّقد التي يتلقّاها الموظّف أو العامِل في نهاية كل شهر، وبيْن الأجر الحقيقي المُتمثِّل في القُدرة الشرائية لهذا الأجْر الإسمي، أي قُدرته على شِراء السِّلع والخَدمات"، مشيرًا إلى أن "تدهْور الأجور الحقيقية للعاملين، هو نتيجة لغِياب سياسة أجُور عِلمية وعَملية وأخلاقية في مصر، منذ تخلّي الدولة عن سياسة تسعير السِّلع".
وكشف النجار عن أن "توزيع الأجور وما في حُكمها على العامِلين في الدولة، يتَّسم بعدم عدالة مروّع، كما لا توجد عمَليا أية علاقة بين أقصى دخْل وأقل دخْل شامِل في الجهاز الحكومي والقِطاع العام والهيْئات الاقتصادية"، ضاربا المثال بتقاضي "بعض العاملين في مراكز المعلومات، التابع لمجلس الوزارء، 99 جنيه راتبا شهريا، بينما تحصُل قِلّة من القيادات على مداخيل أسطورية تصِل إلى مِئات الآلاف من الجنيهات شهريا، بل أن هناك من دخَلوا في الرّواتب المليونية شهريا، بينما يتقاضى الرئيس الأمريكي - وهو أكبر موظف عام في العالم - نحو 180 ألف جنيه شهريا!!"، على حدّ قول النجار.
حدّ أدنى لا يكفي لإطْعام قِطة!!
وأشار النجار إلى أن "نظام الأجُور بمصر فاسد ومُفسد. فاسد، لأنه يقوم على حدٍّ أدنى للأجْر لا يكفي لإطْعام قِطة ولا علاقة له بتكاليف المعيشة أو بإنتاجية العامِل. ومُفسد، لأنه يضطَر العامِلين لاستكمال ضرورات حياتهم، من خلال القيام بأعمال أخرى في القطاع الخاص أو الحصول على رشَاوى أو التحايُل لنهْب المال العام أو السَّفر للعمَل في الخارج".
وقال النجار: "من الصّعب الحديث عن تغيير الحدّ الأدنى للأجر، دون أن يكون ذلك في إطار تغيير شامِل لنظام الأجور الفاسِد والمُفسد"، معتبرا أنه "أمر يستَلزِم أن يكون الحدّ الأدنى للأجر كافيا لتحقيق حياة كريمة للعامل وأن يتغيّر تِلقائِيا كلّ عام بنفس نِسبة معدّل التضخُّم المُعلَن رسميا، وأن تتِم مراجعته كلّ ثلاث سنوات لمُعالجة الآثار المُحتملة لارتِفاع الأسعار، فضلا عن ضرورة عمَل تسوِية لمرتَّبات العمّال القُدامى على أساس الحدّ الأدنى الجديد بزيادة 5% عن كل عام من الأقدمِية، بحدٍّ أقصى 50 جنيها سنويا".
كما يستَلزِم الأمْر أن "يرتفِع الأجْر الأساسي للعامِل سنويا بنِسبة 7% كمقابل للخِبرة والأقدَمية، يُضاف إليها نِسبة تُعادِل مُعدّل التضخّم المُعلن رسميا، وأن يتِم وضع سقْف للدّخول الشاملة لكل العاملين والموظفين بالقِطاع العام والهيئات الاقتصادية والجِهاز الحكومي، بحيث لا يتجاوَز أعلى دخْل شامِل لأي مُستوىً وظيفي، 15 ضعفا للحدّ الأدنى للأجْر الشامل للعامِل بالدولة".
مع ضرورة "توحيد الأجُور الأساسية في الجهاز الحكومي والهيئات الاقتصادية والقطاع العام، وِفْقا للتّوصيف الوظيفي، بدلا من التّفاوُت الرّهيب وغير العادل في مداخيل العامِلين في مِهنة واحدة، حسب جِهة العمل، وأن يكون الأجْر الأساسي للعامل، هو أساس دخْله من العمل، وأن لا تزيد الدخول الإضافية من بدلات وحوافز وعُمولات ومُكافآت شهرية عن 100% من هذا الرّاتب الأساسي".
مصادِر مُقترحة لتمويل المُوازنة!
وردّا على السؤال المطروح بقوّة، وهو: كيف تُموِّل الدولة مُوازنة رفْع الحدّ الأدنى للأجور وتغيير نظام الأجور، دون حدوث تضخّم؟ يوضِّح النجار أنه "من المُفيد أن نطرح المداخيل الرئيسية لتوفير التّمويل الضروري لرفع الحدّ الأدنى للأجْر، دون تضخُّم، عِلما بأنه طالَما أن هذا التمويل سيتِمّ بالأساس من خِلال عمليات إعادة توزيع للدّخل ورفع الحدّ الأدنى للأجْر وتغيير نظام الأجور كُليّة، فلن يؤدّي إلى اشتِعال التضخُّم".
وقال النجار: "يُمكن تركيز الآليات الرئيسية لتمويل رفْع الحدّ الأدنى للأجْر وتغيير نِظام الأجور كُليّة من خلال: تحقيق العدالة في توزيع مخصّصات الأجور بين العاملين بالجِهاز الحكومي والقِطاع العام والهيئات الاقتصادية العامة، من خلال ربْط الحدّ الأدنى للأجْر الشامل بالحدّ الأقصى، فضلا عن تطوير أداء القطاع العام والهيئات الاقتصادية ووضْع ضوابط صارِمة لمنْع الفساد فيها، ليتحسَّن الأداء ويكون هناك فائِض مُحوَّل للموازنة العامة للدولة، يُمكن استِخدامه في تمويل نظام الأجور الجديد".
وأضاف أن "الجِدية في تحصيل الضرائب من كِبار الرأسماليين وشَركاتهم، سيُساهِم في تحصيل عشرات المِليارات من الجنيهات، متأخرات ضريبية مُستحقّة عليهم للدولة، إضافة إلى التَّغاضي عن تحصيل الجانِب الأكبر من الضرائب المُستحقة على كِبار العملاء، الذين لا يدفعون سِوى معدّلات ضريبية تقِل عن 5% في المتوسّط، بدلا من ال 20% التي فرضها القانون! مع ضرورة تعديل قانون الضّرائب الحالي، لمُراعاة قاعدة التّصاعُد وتعدّد الشّرائح الضريبية بصورة مُتناسبة مع المستويات المُختلفة من الدخول، كأسُس راسخة ومُتعارف عليها للعدالة الضريبية في البلدان الرأسمالية"، هذا إلى جانب "فرْض ضريبة صغيرة في حدود 0.5% على تعامُلات البورصة، كما تفعل غالبية بورصات العالم، وهو إجراء بسيط سيُوفِّر 5 مليارات جنيه، مع فرض ضريبة على أرباح المُتعاملين بالبورصة في نهاية كل عام، نسبتها 20% على غِرار الضرائب التي يدفعها المُستثمرون"، مشدِّدًا على ضرورة "إلغاء الدّعم المُقدَّم لشركات الإسمَنت والأسمِدة والحديد وأية شركات أخرى تبيع إنتاجها بالأسْعار العالمية، في صورة دعْم الغاز والمازوت والسولار والكهرباء، التي تستهلكها الشركات، وهو ما سيُوفِّر حوالي 20 مليار جنيه!".
كما طالب النجار ب "تعديل اتِّفاقيات تصدير الغاز، لوضع أسْعار عادِلة للغاز المُصدّر لإسرائيل وإسبانيا، وهو ما سيُضيف 15 مليار جنيه كإيرادات للمُوازنة العامة في السنة، قابلة للتّصاعد عند تزايُد أسعار الغاز، مع مضاعفة الضرائب على محاجِر الإسمنت، وهو ما سيُضيف 5.5 مليار جنيه سنويا، فضلا عن مكافَحة الغلاء غيْر المَنطِقي وأسبابه المُختلفة وعلى رأسها: الاحتِكار الإنتاجي واحتكار الاسْتِيراد والعمل على تعزيز حماية المُستهلِكين".
قضِية مهمّة ومعقّدة للغاية!!
ومن جانبه، أوضح عبد الفتاح الجبالي، الخبير الاقتصادي وعضو اللجنة الاقتصادية بالحزب الوطني الحاكم، أن "وضع حدٍّ أدْنى للأجور، يجب أن يُراعي أمورا مُرتبِطة باحتياجات العمّال من جهة، وقُدرة المنشأة أو أصحاب الأعمال على الدّفع من جهة أخرى"، مُعتبِرا أن "قضية الحدّ الأدْنى للأجور، قضية مهمّة، لكنها معقَّدة للغاية، وأن المسألة مُرتبِطة بعِدّة عناصِر. أولها، كيف نُعطي للعامل أجرا يضمَن له حياة كريمة ومستوى معيشة لائِق؟ وثانيها، كيف يتناسَب الحدّ الأدْنى للأجْر مع إمكانية التّشغيل، بمعنى أن لا يكون طارِدا للقِوى العاملة، ممّا يؤدّي إلى مزيد من البِطالة".
وقال الخبير الاقتصادي عبد الفتاح الجبالي في تصريحات خاصة ل swissinfo.ch: "الدولة ليْست المُشكلة الأساسية في قضية رفْع الحدّ الأدنى للأجور، وإنما القِطاع الخاص، لأن العاملين بالدولة يُمثلون فقط 25% من إجمالي العمَالة، بينما يعمل 75% منهم يعملون في القطاع الخاص، ومِن ثَمّ، فإن المشكلة الأساسية هي في القِطاع الخاص الذي لو أُلْزِم برفْع الحدّ الأدنى للأجور إلى 1200 جنيها، فإنه من المتوقّع أن يستغْني عن نِسبة كبيرة من العامِلين ليُعوِّض هذه الزيادة، وهو ما يعني أننا تسبَّبنا في زيادة أعداد العاطِلين ورفْع نسبة البِطالة!!".
وتابع: "الأمر يحتاج إلى حِوار هادِئ ونِقاش مُستمِرّ لإقناع القِطاع الخاص برفع الحدّ الأدنى للأجور، دون الإضرار بحجْم العَمالة؛ وهذا الحِوار يَدُور الآن بالفِعل بين القطاع الخاص والمجلس القومي للأجور والحكومة، تمهيدا للوصول إلى حلٍّ وسَط يُرضي جميع الأطراف"، موضِّحًا "لابُد أن نَعِي جيِّدا أن رفْع الحدّ الأدنى للأجور (الدرجة السادِسة في السُّلَّم الوظيفي للدولة)، يستوجِب تحريك باقي درجات السُّلَّم، وهو ما يحتاج إلى مزيد من الإنْفاق على الأجور، كما أن رفْع الحدّ الأدنى للأجور إلى 1200 جنيها سيُسبِّب عجْزا كبيرا في المُوازنة العامة للدولة، وهو ما سينعَكِس في ارتفاعاتٍ رَهيبة في مُستويات الأسْعار".
ويُلِّخص الجبالي "روشتة" وصفة العِلاج في ثلاثة محاوِر رئيسية: "أولها، تغيير قانون الوظيفة العامة، بحيث يُمكن تغيير بُنود جَدْوَل الأجور المُلحقة. وثانيها، تفعيل دوْر المجلس القومي للأجور، ليُصبِح الفاعِل الرئيسي الذي يضَع الإستراتيجية المُناسبة للتّعامُل مع جميع الأمور المُرتبطة بالأجور والرّواتِب فى المجتمع، سواء كان قطاعا عاما أم خاصا، مع مَنحِه الصّلاحية الكامِلة لتنفيذ ما يراه مُناسِبا من سياسات، وهو ما يتطلّب بدوره تعديل المادة (34) من قانون العمَل رقم 12 لسنة 2003، لكَوْن المجلس جِهة استشارية لا يملِك صلاحيات تنفيذية. وثالثها، وضْع حدٍّ أدنى للأجور يتّسِم بالمُرونة وتكون لديْه القُدرة على التحَرّك لأعْلى سنويا، وِفْقا للتضخُّم الحادِث في المجتمع".
اختِلال السُّلَّم الوظيفى!!
وذكّر الجبالي أن "كلاّ من متوسِّط الأجر الحقيقى والأجر النقدي للموظفين، قد شهِدا اتِّجاها تصاعُدِيا خلال الفترة الأخيرة، وذلك نتيجة لسياسة الدولة الهادِفة إلى تحسين أوضاع الرّواتِب والأجور، وهو ما تَمَّ عبْر مجموعة من الإجراءات مثل: منْح علاوات خاصّة ووضع حدٍّ أدّنى للزيّادة السنوية وضمّ مجموعة من العلاوات الاجتماعية إلى الرّاتب الأساسي وتقرير حافِز إثابة بنسبة 25% كحَدٍّ أدْنى وبِصفَة ثابتة، مع زيادة حافِز الإثابة للعاملين في المحليات إلى 75% من الأساسي وتحويل مِنحة عيد العمّال إلى زيادة ثابِتة في الرواتب، مع إطلاق العلاوات الدورية للدّرجات الوظيفية والوصول بها إلى نهاية ربْط الدرجة الوظيفية التالية".
واعتَرّف الجبالي بأن "الهيْكل الوظيفى للعامِلين في الدولة وما به من تعقيدات، قد أدّى إلى بُروز اختِلالات عديدة في مستويات الأجُور بالمجتمع مثل: اختِلال السُّلَّم الوظيفي وارتفاع نِسبة الأجور المُتغيِّرة إلى الإجمالي واختلالات الأجور بين القطاعات الحكومية المُختلفة واستحواذ الجهاز الإداري على مُعظم الكوادر الخاصة وظهور الهياكِل المُوازية".
وأكّد السيد الجبالي على أهميّة "وضْع حدٍّ أدنى للأجور في المجتمع تلتَزِم به جميع القِطاعات العامِلة في الحقل الاقتصادي والقطاع العام والقطاع الخاص، يتناسَب مع مُستويات المَعيشة ويتحرّك سنويا، وِفقا لمُعدّلات التضخُّم المُعلنة من الجهاز المركزي للتَّعبِئة العامة والإحصاء، على أن يكون هذا الحدّ جزءً لا يتجزّأ من عُقود العمل الجماعية والفردِية".
وأوضح الجبالي أن "التّعامل الجدّي مع مُشكِلة الأجور في مصر، يجب أن ينطلِق من إعادة النظر في جداوِل الأجور المُلحقة بالقانون رقم 47 لسنة 1978 بشأن العاملين المَدنِيين بالدولة، وهو ما يتطلّب تصحيح جداوِل الرّواتب والأجور ووضعها في صورة مَرِنَة، يُمكن لها أن تتغيّر لتُواكِب التَطوّرات، مع زيادة شرائِح العلاوات الدّورية الحالية وإعادة تصنيف مُوظفي الحكومة وإعادة توزيعهم بطريقة اقتصادية سَليمة، مع وضع إستراتيجية جديدة للأجور والحدّ الأدنى".
إستراتيجية "القومي للأجور"!!
ويطرح الجبالي عدّة تساؤلات مثل: "هل يتِم وضْع حدٍّ أدنى للأجور على مُستوى الاقتصاد ككُل، بِغضِّ النَّظر عن القِطاع الاقتصادي؟ أم أن كل قِطاع يُمكن أن يُوضع له حدُّ أدْنى مُختلف؟ وهل يتِمّ وضْع حدٍّ أدنى على مستوى المُجتمع ككُل أم من الضروري التّفرقة بين الأقاليم المُختلفة؟ وما هي الجهة المَنُوط بها وضْع هذا الحدّ، هل هي الحكومة أم النقابات العمّالية؟؟".
ويُجيب الجبالي قائلا: "من الأوْفَق والأسْلَم، أن لا يتِمّ وضْع حدٍّ أدْنى للأجور على مستوى المُجتمع ككُل، ولكن يتِم تحديد حدودٍ دُنْيا تختلِف فيما بيْن المناطِق الرِّيفية أو الوجْه القبلي للحدّ من الفقر، وكذلك للمِهَن المطلوبة، خاصة وأن دراسات حديثة عن الفقْر أشارت إلى أن نحو 51٪ من الفُقراء يعيشون في ريف الوجه القبلي، مقابل 5،4٪ فقط في المناطق الحضَرية".
وتابع: "لابُد أن نأخُذ في الحُسبان أن الحدّ الأدنى للأجور يُطبَّق على العامل أو الموظف الجديد لسُوق العمل، وهو لا يملِك أي مهارات تُمكِّنه من العمل بشكْل مُنتِج، وأن المُوازنة العامة للدولة تتحمّل 86 مليار جنيه أجور، وأن مشروع المُوازنة القادم، فيه 96 مليار جنيه أجور لستّة مليون موظّف"، مطالبا "بتعديل هيْكل الأجور في مصر، بحيث يكون الحدّ الأدني للأجور يتراوح بين 500 جنيه إلى 600 جنيه، وهذا يتطلَّب من الحكومة خفْض الإنْفاق العام وتقليل عجْز المُوازنة".
واختتم الجبالي بقوله: "نحن في المجلس القومي للأجور- الذي يضُم نُخبة من اتِّحاد العمال مع رجال الأعمال مع ممثِّلي الحكومة مع خبراء – لديْنا إستراتيجية مُتكامِلة للتَّعامُل مع هذا الموضوع، تقوم على ثلاثة أسُس. أولها، وضْع حدٍّ أدنى أمثَل للأجور، يضمَن مُستوى معيشة لائِق للعاملين ولا يكون طارِدا للعمَالة فيُؤدّي إلى مزيد من البِطالة. وثانيها، أن يتحرّك هذا الحدّ الأدنى للأجور، وِفقًا لمُستويات الأسْعار سنويا. وثالثها، العمل على إصلاح الخَلَل في هيْكل الأجُور نفسه".
المصدر: سويس انفو


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.