* السابق * 1 of 2 * التالي كان حكم المحكمة الإدارية العليا بالزام الحكومة بإقرار حد أدني عادل للأجور البوابة لجموع العمال بل لكل فئات المجتمع أطباء وصيادلة ممرضين ومهندسين وأصحاب معاشات ومعلمين وموظفين تحت شعار للاعتصام من أجل تحقيق هدف واحد هو إقرار حد أدني عادل للاجور يضمن للعامل ولأسرته حياة كريمة ولائقة. وقرر المعتصمون توحيد مطالبهم بعدما تفرقت صفوفهم حول مطالب فئوية رافعين شعار «كلنا عمال» ولابديل عن الحد الأدني للأجور. فقط 4 أيام تفصلنا عن إعتصام كل فئات الشعب المصري من أجل حد أدني عادل للأجور. .. علي مشارف عيد العمال.. العامل المصري الأكثر حزنا خلال هذا العام علي الرغم من بوادر انفراجة بعيدة لحكم قضائي ولكن في ظل أسعار مرتفعة بشكل جنوني وحياة صعبة تهدم آماله علي أعتاب بوابة «لقمة العيش». نصوص الدستور المصري تؤكد في المادة 23: ينظم الاقتصاد القومي وفقا لخطة تنمية تكفل زيادة الدخل القومي وعدالة التوزيع ورفع مستوي المعيشة والقضاء علي البطالة وزيادة فرص العمل وربط الأجر بالإنتاج وضمان حد أدني للأجور والإعلان العالمي لحقوق الإنسان (1948) يؤكد في فقرته الثالثة لكل شخص الحق في عائد ملائم يضمن له ولأسرته حياة تليق بكرامة الإنسان. ولكن لا حياة لمن تنادي خاصة في مصر صاحبة الرقم القياسي في الفروق بين الدخول فهناك من يحصل علي آلاف الجنيهات وهناك من يحصل علي ملاليم تكاد لا تكفيه شراء خبز فقط لا غير. المشرع المصري الحد الأدني للأجور كما يعرفه إبراهيم العيسوي في دراسته هو مستوي الأجر الذي ينبغي ألا يقل عنه أي أجر يدفع لعامل في هذه الدولة، وهو ما تحرص معظم الدول الرأسمالية المتقدمة والنامية علي أن يتضمن لتشريعات العمل بها تشريعا خاصا بالأجر الأدني، أما المشرع المصري فقد حرص أيضا علي تضمين قانون العمل رقم 12 الصادر في 2003 مادة 34 تنص علي إنشاء مجلس قومي للأجور برئاسة وزير التخطيط الذي يختص بوضع هذا الحد الأدني للأجور علي المستوي القومي بمراعاة نفقات المعيشة كما عدد إلي هذا المجلس وضع الحد الأدني للعلاوات الدورية بما لا يقل عن 7% من الأجر الأساسي ولكن بالرغم من مرور خمس سنوات علي صدور قانون العمل الجديد كما يقول العيسوي وقرار إنشاء ثم تشكيل المجلس القومي للأجور فإن هذا المجلس لم يقم بتحديد الحد الأدني أو الأقصي للعامل وبالتالي بقي مكانه علي مستواه الهزيل والذي تحدد منذ ربع قرن تقريبا بالقانون 35 لسنة 1984 وهو 35 جنيها شهريا. يظل الحد الأدني للأجور منخفضا مع زيادة نفقات المعيشة وزيادة الأسعار وهذا ما أكده أيضا د. جودة عبدالخالق حيث يري أن المجلس القومي للأجور لم يقم بمهمته حتي الآن وهي تحديد الحد الأدني للأجر بجانب خلوه من أي ممثلين للمجلس القومي لحقوق الإنسان. تشريعات الحد الأدني أصل تشريعات الحد الأدني للأجور هو توفير حماية أجرية للعمال ذوي الأجور المنخفضة بوجه عام وقد حدد د. إبراهيم العيسوي هذه الشرائح في ثلاث هي: العمالة التي يزداد المعروض منها علي المطلوب في سوق العمل وهي في الأغلب ذات المستوي التعليمي والمهاري المنخفض والتي يسهل وقوعها فريسة للاستغلال من رجال الأعمال. ثانيا العمالة غير المنظمة نقابيا أو المنضمة لتنظيمات نقابية خاملة لسبب أو لآخر فلا تملك الدفاع عن نفسها، ثالثا العمالة العشوائية وتشمل القطاع غير الرسمي، فضلا عن العمالة التي تنخفض أجورها جراء التمييز ضدها بسبب الجنس «الإناث» أو السن أو الأصل أو الجنسية أو الإعاقة. الأسرة المصرية ويقول د. جودة عبدالخالق إن مصر جاءت ثالث أفقر دولة ما بين 13 دولة من القرناء بعد إندونيسيا والفلبين في عام 2005 حيث إن 8.42% من المصريين يعيشون علي أقل من دولارين في اليوم حتي الحد الأدني للأجر لا يتمشي أيضا مع أوضاع الفقر في المجتمع المصري حاليا فهو لا يزيد علي ثلث إنفاق خط الفقر. فوضي!! أما برنامج حزب التجمع فقد شدد علي قضية الأجور وتمت الإشارة إليها أكثر من موضع فقد ورد ضمن الجزء الخاص ببناء «مجتمع المشاركة الشعبية» أن من مقومات ديمقراطية المشاركة إقرار حد أدني من الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية مثل حق العمل والحق في أجر منصف وعلاقات عمل مستقرة كما جاء أيضا أن توفير الغذاء لجماهير الشعب يرتبط بسياسات الأجور والدعم وتوزيع الدخول ومع تعدد قوانين العمل الحاكمة لعلاقات العمل في مصر تتفاوت وتتعود أنظمة الأجور في مصر دون وجود سياسة واحدة لها بما يمكن أن نطلق عليه «فوضي الأجور في مصر». تحليل دقيق!! وأكد حسين عبدالرازق عضو المجلس الرئاسي لحزب التجمع في دراسة له أهمية قضية الأجور من خلال تحليل دقيق بالأرقام عن حصيلة العامل المصري الآن والمفترضة في ضوء حكم محكمة القضاء الإداري لوضع الحد الأدني للأجور، أكد من خلال مقالته أن منظمة العمل الدولية طالبت الحكومة المصرية بضرورة تعديل الحد الأدني للأجور، وأن قضية الأجور تهم حوالي 3.25 مليون مصري هم قوة العمل من بينهم 9.22 مليون يمارسون عملا فعليا في القطاع الحكومي والعام 902.5 مليون والباقون قطاع خاص. وأضاف أن الناتج المحلي الإجمالي المصري بلغ وفقا لبيانات البنك المركزي المصري نحو 6.1038 مليار جنيه في العام المالي 2008 - 2009 وبلغ عدد السكان نحو 80 مليون نسمة بما يعني متوسط نصيب الفرد يبلغ 12932 في السنة أي نحو 1082 جنيها شهريا للفرد وهو ما لم يتحقق بالطبع، كما بلغ متوسط إنتاجية العامل في العام المالي نفسه نحو 41711 جنيها أي نحو 3276 جنيها شهريا والفارق بين الرقمين هو قيمة الفائض التي تذهب لصاحب العمل. نتيجة سيئة!! وتري د. محيا زيتون - أستاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر - أن تراكم مشكلة الأجور في مصر أدي لهذه النتيجة السيئة لأنه من قبل لم تتدخل الحكومة في تحسين الأجور ولم تكن هناك حركات نقابية تقف للمطالبة بهذا أو حتي حركات شعبية كالمتواجدة الآن. وأضافت د. محيا أن تحسين الأجور نظام متخذ به في جميع بلدان العالم، أما عن كون زيادة الأجور عبئا علي ميزانية الدولة أكدت أنه غير حقيقي، فالدولة تعتبر أي شيء تقدمه للشعب عبئا وهو ليس كذلك في الحقيقة خاصة أن الجزء الأكبر منه سيكون علي عاتق القطاع الخاص والذي تعتبره الحكومة مسئولا عن التنمية. وأضافت أن وضع حد أدني للأجور لا يعني حل المشكلة بل هو جزئية صغيرة منها ومن المؤسف أن نجد منظمة العمل الدولية تتحدث وتعمل علي تحقيق «العمل اللائق» وهو بمعني عمل يحقق أجرا ومعيشة كريمة وضمانا اجتماعيا ونحن في مصر مازلنا نبحث عن حد أدني للأجور وتري د. محيا أن القرارات السياسية هي المتحكمة الأولي في هذا الملف، ولا تراعي أحوال العمال المصريين السيئة خاصة من يعملون «بالبقشيش». عيد العمال الأخير بينما يري البدري فرغلي - رئيس اتحاد أصحاب المعاشات - أن قرار محكمة القضاء الإداري حد أدني للأجور هو نفسه القرار الذي جاء سنة 1960 ب 9 جنيهات للعامل أي أنه بالمقارنة 1200 جنيه شهريا الآن هي نفسها 9 جنيهات سنة 1960 فلا يوجد جديد، فلا زيادة في الأجور بقدر انخفاض مستوي معيشة المصريين والحكومة لا تهتم سوي برجال الأعمال الذين استولوا علي ثروات البلد وتركوه، وأضاف فرغلي أن الإنجاز الوحيد للحكومة هو في جعل الدين العام يتحول إلي تريليون جنيه مصري بينما العمالة المصرية بلا غطاء دستوري أو قانوني وأقل الطبقات وهي الطبقة الوحيدة التي تركتها الحكومة الأردأ حالا اقتصاديا واجتماعيا في العالم كله، ويتوقع فرغلي أن عيد العمال الذي ستحتفل به مصر خلال أيام قليلة سيكون الأخير لعمال مصر بعد أن سقط كل شيء ولم يعد هناك ما يستحق فالعامل المصري أصبح عرضة للمجاعة والنهش من الطبقات الأعلي منه والحكومة تشاهده دون حركة. تقريب الفروق وأشار خالد علي مدير المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية إلي تهرب الدولة من وضع حد أدني للأجور يتناسب مع متطلبات المعيشة حيث تتركها لأرباب العمل بما يتمشي مع مصالحهم الربحية. في الوقت الذي ينص فيه الدستور المصري (مادة 23) علي الدولة تنظيم الاقتصاد وفقا لخطة تكفل زيادة الدخل وعدالة لتوزيع ورفع مستوي المعيشة وربط الأجر بالإنتاج وضمان حد أدني للأجور يقرب بين الفروق في الدخل. لذا يذكر خالد علي أنه في الوقت الذي تعتبر فيه منظمة العمل الدولية أن الفرد إذا كان دخله أقل من 4 دولارات في اليوم فهو تحت خط الفقر فالدولة المصرية تجبر العمال علي العمل بأجور متدنية بسبب البطالة بواقع 59 جنيها في الشهر في حين أن حصيلة الضرائب (167) مليار جنيه يتحمل المواطن محدود الدخل منها 60%. وطالب خالد علي المجلس القومي للأجور ومجلس الوزراء بالالتزام بوضع حد أدني للأجور قبل أول مايو القادم وإلا سوف يقوم برفع جنحة حبس ضد رئيس الوزراء ووزير التخطيط. رفع الإنتاجية ويوضح أحمد سيد النجار رئيس الوحدة الاقتصادية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية أن الالتزام برفع الأجور وإجبار أرباب العمل علي قبول هوامش ربح معتدلة لن يعرضهم لأي خسارة بل سوف يزيد من القيمة المضافة في العملية الإنتاجية «بما يعني تحسين الأداء وزيادة الإنتاج» وأيضا يرفع حوافز نمو الاقتصاد دون تضخم لثروات البعض إلي عشرات المليارات. ويري النجار ضرورة ربط الأجر بالقدرة الشرائية للسلع والخدمات فعلي سبيل المثال سنة 1970 كان دخل خريج الجامعة 17 جنيها تشتري 16 جراما من الذهب أو 68 كيلو من اللحم في القاهرة شهريا بما يساوي الآن 2500 جنيه في المتوسط. مشيرا إلي أن تحديد الرواتب علي أساس 19% أقل من المتغير يعطي الفرصة لصاحب العمل للتحكم في منح الزيادات والعلاوات للعمال. موارد ووضع النجار مجموعة من الموارد يمكن من خلالها زيادة الأجور دون رفع التضخم عن طريق تطوير أداء القطاع العام ووضع ضوابط صارمة لمنع الفساد وتسوية أوضاع العاملين القدامي علي أساس حد أدني بزيادة 5% بحد أقصي 50 جنيها سنويا. ويوضح أحمد النجار أن تخفيض الدعم المقدم للخدمات البترولية والكهرباء علي شركات الأسمنت والتي حققت أرباحا احتكارية تصل إلي 5.5 مليار في العام تساهم في زيادة ميزانية تمويل الأجور ومنها أيضا وقف تصدير الغاز إلي إسرائيل وإسبانيا ليرجع ثمنه عالميا ومكافحة الغلاء وأسبابه وعلي رأسه «الاحتكار للسلع والاستيراد بنشر المجمعات الاستهلاكية».