بعيون شاخصة وقلب تائه بين الرجاء واليأس، جلس "عم طارق"، صانع المفاتيح المعروف بشارع مولد النبي بمدينة الزقازيق، يترقب لحظة انتشال جثامين أسرته من أسفل أنقاض العقار المنهار. في صباح الأربعاء، خرج الرجل الستيني كعادته، يحمل طيبة أهل البلد وسلامه المعتاد للجيران، متوجهًا لشراء الإفطار لأسرته. لم يكن يعلم أن تلك الخطوات التي قطعها ستنقذه من موت محقق، بينما ترك خلفه زوجته وابنه وابنته العشرينية في انتظار عودة لم تكتمل. وبينما كان يحمل أكياس الطعام عائدًا إلى بيته، تناهت إلى سمعه صرخات متداخلة: "العقار وقع!"، هرول مذعورًا، ليكتشف أن المنزل الذي شهد أجمل ذكرياته قد انهار على أسرته. انهار هو الآخر، شعر وكأن الأنقاض سقطت فوق صدره، لكن هذه المرة بلا حطام، بل بأثقل ما يمكن أن يحمله قلب أب. حاول الاندفاع إلى الداخل، لكن الأهالي منعوه خشية أن يصاب. جاءت فرق الحماية المدنية لتبدأ رحلة البحث بين الركام، وظل طارق واقفًا يلهج بالدعاء: "يا رب أخرجهم سالمين". مرت لحظات كدهر قبل أن يصطدم بواقع قاسٍ: جثة زوجته، ثم جثة ابنته، بينما بقي الابن مفقودًا بين الأنقاض حتى تم استخراجه لاحقًا.